مع استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة يبدو أن المخاوف الأكبر بشأن هذه الحرب أصبح أكثر اقترابا، والتي تتعلق بإمكانية اتساع العداء ليشمل أطرافا أخرى، ويجر العالم إلى حرب عالمية ثالثة أو على الأقل حرب إقليمية.
ورغم الحذر من قبل بعض الأطراف المعنية بعدم الدخول فى صراع مفتوح، إلا أن هذا السيناريو بات ممكنا جدا على مدار الأيام القليلة الماضية، فوجهت الولايات المتحدة ثالث ضربة ضد الحوثيين خلال أسبوع، بينما شنت إيران ضربات انتقامية من مسلحين.
وقالت صحيفة واشنطن بوست إن الولايات المتحدة تواجه تهديدا متصاعدا لجهود إدارة بايدن لاحتواء العنف عبر الشرق الأوسط بعد شن إسرائيل حربها على قطاع غزة.
ورأت الصحيفة أن حوادث "الواحدة بواحدة" بين الولايات المتحدة والجماعات المدعومة من إيران، بما فى ذلك موجة هجمات ضد الحوثيين فى اليمن، والضربات الإيرانية فى إيران وسوريا الاثنين، كانت بمثابة اختبار لقدرة واشنطن على الحد من عدم الاستقرار الإقليمى وتجنب المواجهة المباشرة مع طهران.
كما أن هذه التطورات تسلط الضوء أيضا على احتمالية الحسابات الخاطئة مع تسارع العمل العسكرى ومواصلة الولايات المتحدة دعم حليفتها المقربة إسرائيل، والتي قتلت آلاف المدنيين فى غزة، مما أثار معارضة واسعة عبر العالم العربى ضد واشنطن وتل أبيب.
وذكرت الصحيفة أن الضربة التي استهدفت الحوثيين فى اليمن الثلاثاء، وهى الثالثة من نوعها خلال الأسبوع الماضى، استهدفت أربع مواقع كان أفراد الجماعة صواريخ ضد السفن التجارية، بحسب القيادة المركزية الأمريكية.
وأحيا العنف أيضا مخاوف بشأن شبكات المسلحين بعيدا عن الجماعات التي تحركت بعد حرب إسرائيل على غزة. فالضربة النادرة التي نفذها الحرس الثورى الإيراني فى سوريا استهدفت ما قالت طهران إنه مواقع تابعة لداعش، التي أعلنت مسئوليتها عن تفجيرين فى مدينى كرمان الإيرانية فى وقت سابق هذا الشهر.
ونقلت واشنطن بوست عن جيرالد فيريسشتاين، السفير الأمريكي السابق لدى اليمن والزميل البارز حاليا فى معهد الشرق الأوسط إنه يبدو أن إيران عازمة، مثل الولايات المتحدة على الابتعاد عن الصراع المباشر مع الجيش الأمريكى وحلفائه. وأشار إلى حقيقية أن حزب الله لم يشن حربا كاملة بما يملك من ترسانة صواريخ قوية ضد إسرائيل فى الأشهر الأخيرة.
وذهبت الصحيفة إلى القول بأنه ليس من الواضح إلى متى يمكن أن يستمر الوضع الراهن. فقد أرسلت الولايات المتحدة أصولا عسكرية إضافية فى الشرق الأوسط بعد 7 أكتوبر، أملا فى ردع الجماعات المسلحة منن انتهاز الفرصة لتوجيه ضربات ضد إسرائيل عدوهم المشترك وراعيتها الولايات المتحدة.
من جانبها، قالت وكالة "أسوشيتد برس" إن سلسلة الهجمات التي شنتها الولايات المتحدة وجماعات المسلحين فى الشرق الأوسط على مدار الأيام الخمسة الماضية تزيد المخاوف الأمريكية بأن الحرب الإسرائيلية على حماس فى غزة يمكن أن تتسع، مع فشل الضربات العسكرية الهائلة فى وقف الهجوم على الملاحة فى البحر الأحمر من قبل الحوثيين.
وحتى مع قيام الولايات المتحدة وحلفائها بتوجيه أكثر من 20 ضربة ضد مواقع الحوثيين يوم الجمعة ردا على هجماتهم على السفن، فإن الجماعة واصلت هجماتها البحرية. وقامت إيران بضرب مواقع فى العراق وسوريا، قالت إنها استهدفت بها قرات تجسس إسرائيلية، تبعتها هجمات صاروخية وبالمسيرات فى باكستان.
ورأى التقرير أن الموجة الفوضوية من الهجمات والرد عليها التي شملت الولايات المتحدة وحلفاءها وخصومها، تشير ليس فقط إلى أن هجوم الجمعة فشل فى ردع الحوثيين، ولكن أيضا أن الحرب الإقليمية الأوسع التي أمضت الولايات المتحدة أشهر فى محاولة لتجنبها، قد أصبحت أقرب إلى الواقع. وما يؤكد فداحة الموقف الراهن، هو التوقعات بأن تعلن إدارة بايدن خطط لإعادة تصنيف الحوثيين تنظيم إرهابي عالمى، بحسب مصادر مطلعة.
وفى البيت الأبيض، أكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومى جون كيربى أن الولايات المتحدة لا تسعى للحرب ولا تتطلع إلى توسيع ما يجرى، مضيفا أن الحوثيين أمامهم اختيار. لكن فى خطابه أمام منتدى دافوس الاقتصادى، حذر مستشار الأمن القومى جيك سوليفان من أن اتساع الهجمات يعنى أن "الحلفاء" يجب أن يكونوا يقظين إزاء هذا الاحتمال، بدلا من الاتجاه نحو منع التصعيد، فنحن على طريق تصعيد علينا أن نتعامل معه.