محمد ورداني

قبسٌ من فيض النبي يملأ القلب حبًّا

الأربعاء، 27 سبتمبر 2023 03:39 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

عندما أردت أن أعطّر قلمي بالحديث عن مولد الهادي البشير -صلى الله عليه وسلم- سألت نفسي سؤالًا: ماذا يقول أمثالي في شأن من تحدَّث عنه ربه خير حديث، وأعلى شأنه أيّما إعلاء حتى أنه -سبحانه- لم يناده باسمه مجردًا في آية واحدة من كتابه الكريم تكريمًا له ورفعة لمقامه عنده، فوجدت نفسي عاجزًا فقد توقف اللسان وعجز البيان، فحدثت نفسي قائلًا: قد لا توفّي كلماتي حقه ولا تصف روعة شخصه، ولكن الحديث حوله أحسبه سبيلًا للنيل من فيض نور هديه، فهو حديث مهما طال فلن يمّل أحدٌ سماعه، لأنه يتعلق بشأن أعظم شخصية عرفتها البشرية، فقد أضاءت الأرض بقدومه فكان بشيرًا للطائعين ونذيرًا للعاصين، وبه عرف الناس طريق الخير وذاقوا لذة الإيمان ونور الهداية.

لم لا والنبي كان فريدًا في شخصيته، صاحب مدرسة شاملة جامعة تخرج فيها أفذاذ العلم وأرباب الإرادة ممّن عمروا الأرض ونشروا النور في ربوعها، مدرسة حظيت بمنهجية رصينة لا خاب من سار في إطارها، بل طوبى لمن تمسَّك بما فيها من حسن أداء، وروعة انتهاج، مدرسة من تخرَّج فيها وتعلَّم ما بها من علوم فقد حاز خيري الدنيا والآخرة، فمنهج النبي في الدنيا طريق نجاة من كل عقبة، وفي الآخرة من يتبعه ليس له نهاية إلا جنة الخلد التي لن يشقى بعدها أبدًا.

كيف لا أتحدث عنه وبمولده الشريف -صلى الله عليه وسلم- عرف الناس أمانة الكلمة، وعِظم المسئولية، وفضل النصيحة، وقيمة الصدق، وسوء الكذب، وحسن البيان، وإغاثة الملهوف، ومعنى الشهامة والرجولة، ونعمة الأخلاق، ونقمة الحقد والكراهية، بل وحسن الظن، وطيب السريرة، والتخلّي عن الكِبْر، والتحلّي بالتواضع، إنها سيرة عطرة لا تفوح إلا بكل خير طريقها عامر وأهدافها سامية لكل البشر، فهي سيرة من ارتضاه ربه له نبيًا ورسولًا وللناس بشيرًا ونذيرًا، فسماه رؤوفًا رحيمًا.

كما أن المطالع لسيرة الحبيب -صلى الله عليه وسليم- يعلم علم اليقين أنه كان حلقة الوصل التي لم تنقطع بين بني البشر، بل هو من علَّم الناس الوصال، وفنون الذوق العام، وبتعاليمه تحيا الأمم، وما تخلَّف الركب إلا بمخالفة هديه والابتعاد عن سنته التي لم تدع لبني البشر باب خير إلا كانت له أحسن دليل، وشعاع نور يضيئ لهم الطريق، ويقيهم شر الأزمات، ويحفظ لهم عقولهم، إنه نبي الإنسانية ورحمة للبشرية، ما نطق لسانه إلا حقًّا، وما رآه أحد إلا متبسمًا بشوش الوجه، طيّب الجوار، ليّن القول، عزيز النفس، لا يغضب إلا لله، ليس بمجامل فالموضوعية والتجرد سمة من سماته، سعى للحق ونصر أهله، وواجه الباطل وأبواقه.

إن الحديث حول شخصه الكريم نقطة في بحر لا بداية ولا نهاية له، فما هو إلا قبس من فيض نفحاته، وسهم في رحاب أخلاقه الحميدة، التي ما تحلّى بها أحد إلا وضع له القبول بين الناس في الدنيا، ونال بها رضا ربه في الآخرة، فالله أسال ألا يحرمنا السير على نهجه واقتفاء أثره، لعلّنا نحظى بجواره في مقعد صدق عند مليك مقتدر.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة