أحمد إبراهيم الشريف

البقرة غير المقدسة

السبت، 23 سبتمبر 2023 10:46 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نعيش في القرن الواحد والعشرين، ومع ذلك لا تزال تحكمنا الخرافة، كأن عقولنا لم تعرف يومًا طريق المنطق، فها هي أفكار الكهف تقودنا كل يوم إلى نقطة الصفر  وذلك عندما كان الإنسان يقدس كل شيء غير معروف له أو يخاف منه.
 
 ما حدث مع البقرة غير المقدسة في البحيرة  كوميديا سوداء تثير الحزن أكثر مما تثير الضحك، وتثير الفزع أكثر مما تثير التسلية، فكيف للناس أن يحيطوا ببقرة مريضة، وأن يروا فيها قداسة ما، فيضعون حول عنقها "سبحا" ويقول أحدهم بكل ثقة "إنهم سوف يبنون لها مقاما"، يقولون ذلك على بقرة "مريضة" ظنوا أنها "عُشر" أي في بطنها جنين رغم أن عمرها أربعة أشهر لا غير.
 
إن الأمر كارثي بالفعل كأن هؤلاء الناس لم يتعلموا ولم يذهبوا إلى مدارس يوما، لم يخرجوا أبدا من دائرة الفكر الخرافي ولم يعرفوا للعلم أي سبيل.
لقد شعرت بحزن عميق لأننا لم نزل تفكر بهذه الطريقة المنكرة، التي كنت أظن أنها انتهت أو على الأقل تراجعت، رأيت الناس يحيطون بالبقرة المريضة كأنها ستهبهم الرزق والخير يقول صاحبها "إنها مبروكة" أي بركة تلك التي تتحدث عنها؟ وأي تفكير ذلك الذي يسكن عقلك وعقول الناس الموجودة معك؟
 
ما يحزنني في الأمر هو أن الخرافة ضد العقل وبالتالي هي ضد العمل، ضد الأخذ بالأسباب، هي نوع للاستسلام لما يحيط بنا والتصديق فيما لا منطق له، كأن الله وهبنا عقولنا للزينة وليس للعمل، ففي ظل التقدم العلمي والطبي ألم يأت إلى عقل صاحب البقرة أن يحضر طبيبا بيطريا فيخبره بمعاناة البقرة، مثلما حدث مؤخرا  وتبين أنه "فتاق" ليس أكثر.
إن عقولنا تحتاج إلى "إنعاش" ونحن نحتاج إلى مساءلة، فكيف في زمننا هذا ننتظر من بقرة أن "تبارك حياتنا" وأن تهبنا ما لا تقدر عليه، أليس فينا أي رشد  يقول لنا إن زمن الخرافة ولى وأن العقل به دور علينا أن نلجأ إليه.
الموضوع أكبر من مجردة  بقرة مريضة، إنه أمر يتعلق بطريقة حياتنا برؤيتنا لأنفسنا وللعالم الذي نعيش فيه.
 
 
 






مشاركة



الموضوعات المتعلقة


لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة