وائل السمري يكتب: أشرف مروان وموسم الأكاذيب الإسرائيلية.. الدولة العبرية تريد افتعال زوابع الإثارة المضللة كل عام قبيل أكتوبر المجيد لتداري على هزيمتها النكراء والزج باسم البطل المصري يؤكد خزيها

الإثنين، 11 سبتمبر 2023 05:29 م
وائل السمري يكتب: أشرف مروان وموسم الأكاذيب الإسرائيلية.. الدولة العبرية تريد افتعال زوابع الإثارة المضللة كل عام قبيل أكتوبر المجيد لتداري على هزيمتها النكراء والزج باسم البطل المصري يؤكد خزيها أشرف مروان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بعد أشهر الصيف الحارة يهل علينا دائما شهر أكتوبر بنسائم الهواء الطيبة الندية، وشاء الله العلي القدير أن يمن على هذا الشهر بصفة من صفاته  فلا نكاد ننطلق لفظ "أكتوبر" حتى نقول "المجيد" ذلك لأنه يحمل أيضا فيما يحمل نسائم الفخر والمجد والحرية، نسائم الإرادة والعزيمة والقوة، نسائم الفداء والتضحية والوطنية، ففيه عبرنا، وفيه تحررنا، وفيه كسرنا أنف الكبر وقطعنا أذيال الأفاعي.
 
على الجانب الآخر في إسرائيل ما أن يهل أكتوبر حتى تلفح وجوههم ناره الحارقة مصحوبة بغصة الهزيمة وألم الانكسار وويلات الخزي، وعلى ما يبدو فقد اتفق قادهم منذ سنين أن يستبقوا نور هذا الشهر المجيد بزوابع من ضلال وأكاذيب، يستخدمونها مثلما يستخدم المحروق المراهم المرطبة أملا في شفاء لن يأتي أبدا.
 
من هذه الأكاذيب ما تدعيه وسائل الإعلام الإسرائيلية حول البطل المصري "أشرف مروان" الذي راوغ إسرائيل وضللها مرارا وتكرارا ضمن خطة خداع مصرية بامتياز أشرفت عليها أجهزة الدولة المصرية الراسخة بقيادة رئيسها الشهيد الراحل "محمد أنور السادات" داهية الحرب والسلام.
 
ولا تمل آلة الأكاذيب أبدا من أن تعيد تقديم هذه القصة الباهتة المختلقة، فمرة تقدمها في صورة فيلم تسجيلي، ومرة تقدمها في صورة كتاب جديد، ومرة تقدمها في صورة فيلم سينمائي، أملا في أن يسهم إعادة تقديم الأكاذيب بهذه الطريقة في جعلها حقائق، غير مدركين أن الحق واضح وضوح الشمس، والهزيمة النكراء محفورة في التاريخ والجغرافيا والقلوب والعقول.
تلك زوبعة ليس أكثر، لا تريد إسرائيل منها سوى أن تلقي بعاصفة من غبار على أروع انتصار، لكي ينشغل الناس في مسألة "هل أشرف مروان عميل مصري أم إسرائيلي؟" بدلا من أن نذكرها دائما بهزيمتها النكراء وخيبتها العسكرية والاستخباراتية، غير مدركة أنها "حاربت وانسحقت، وأن العلم المصري حارب ورفرف عاليا.
 
لن أستعرض هنا الشواهد التاريخية التي تؤكد أن أشرف مروان بطل مصري صميم، ولن أستعرض أيضا عشرات التصريحات الإسرائيلية التي أتت من أعلى المسئولين الاستخباراتيين السابقين، فهي متاحة ومعروفة للجميع، لكني أريدك أن تتساءل فحسب: ماذا تنتظر من قادة فاشلين وجهت مصر إليهم صفعة تارخية قوية أذلتهم وأعمتهم؟ هل تنتظر منهم أن يقولو الحقيقة؟ هل تنتظر أن يقولوا إننا خدعنا وهزمنا؟ بالطبع لا، وإني وإن كنت على يقين من أن قادة إسرائيل تعترف في الغرفة المغلقة والقاعات السرية والأجهزة الأمنية بخيبتها الثقيلة، لكني في ذات الوقت على يقين من أنها تريد فحسب من ترديد مزاعم "العمالة المزدوجة" أن تسكن الرأي العام الإسرائيلي، وأن تدهن بمراهم الكذب حروق الخزي.
 
أريدك أن تعرف إن تلك المزاعم المضحكة لا ترددها إسرائيل حول أشرف مروان فحسب، فكل هزيمة استخباراتية لإسرائيل أمامها كذبة، ولك أن تعرف إن إسرائيل تدعي أن البطل المصري رفعت الجمال أو "رأفت الهجان" كان عميلا مزدوجا أيضا وأنه أخبرها بميعاد حرب أكتوبر، برغم أن زوجته قالت في مذكراته أن جولدا مائير كانت تعتبر رأفت مثل ابنها، وأن بيتهم كان يمتلئ بالقادة الإسرائيليين مثل موشي ديان وعيزرا فيسمان الذي أصبح رئيس إسرائيل فيما بعد، وكأنه من المفترض أن كبار قادة إسرائيل يصادقون "عميلا مزدوجا، وأنهم فتحوا بيوتهم وقلوبهم لرجل يعرفون أن يخون وطنه ووطنهم، ناهيك عن أنه مكث بينهم حوالي 20 عاما سرب فيها إلى مصر معلومات متشعبة عن الجيش الإسرائيلي وخخطه وبناء على المعلومات التي حملها الهجان إلى مصر بنت مصر خطة حرب أكتوبر واخترقت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، والقوات الجوية الإسرائيلية حتى نجحنا في بناء حائط الصواريخ وتطوير صواريخ الكتف المحمولة "إم دي، ناهيك عن أن رأفت زود مصر بخطة إسرائيل في العدوان الثلاثي وخطتها في 1967 أيضا.
 
في النهاية أدعوك إلى أن تصدق مزاعم إسرائيل كلها، بأن رأفت الهجان سرب إليها ميعاد حرب أكتوبر، وأن أشرف مروان سرب إليها ميعاد حرب أكتوبر، وارجوك حاول أن تسأل نفسك: إذا كان كل هؤلاء سربوا إليها ميعاد حرب أكتوبر، فكيف تفاجأت بالحرب؟ وكيف انهزم "الجيش الذي لا يقهر"؟ ألا يرجع قادة الجيش الإسرائيلي هزيمتهم في الحرب إلى عنصر المفاجأة مدعين أن هذ العنصر فحسب هو سبب الهزيمة وأن إسرائيل لو كانت تعرف ميعاد الحرب لمزقت الجيش المصري كما تدعي؟
 
 لا تمل إسرائيل ولا تكل أبدًا من ترديد الكذبة بعد الكذبة، لترفع عن نفسها ثقل الهزيمة النكراء التي تلقتها في أكتوبر المجيد، لكنها لم تدرك أنها بترديد هذه الأكاذيب توصم نفسها بالغفلة والغباء بعد أن وصمت بالهزيمة والانسحاق، لتظهر في النهاية كمن تلقى مائة صفعة على غفلة، ولو كنت  مكان الرأي العام الإسرائيلي لحاكمت من يردد هذه الأكاذيب بتهمة الغباء، فنحن هنا أمام خيارين لا ثالث لهما، أما أن تكون إسرائيل تفاجأت بحرب أكتوبر كما حدث في الواقع فبذلك تكون قد فشلت استخباراتيا وعسكريا، أو كانت تعلم بميعاد حرب أكتوبر كما تدعي فتكون بذلك قد خانت شعبها وزجت بجنودها إلى الحتف من دون أن ننقص من خزي الهزيمة شيئا.
 
 
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة