عادل السنهورى

نجيب محفوظ .. نجم كرة القدم..!

الخميس، 31 أغسطس 2023 07:20 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تخيلوا لو لم يكن صاحب جائزة نوبل نجيب محفوظ أديبا وروائيا كبيرا فماذا كان مصيره..؟

لولا عشقه للكتابة والقراءة لكان صاحب الثلاثية وزقاق المدق والطريق والشحاذ واللص والكلاب والقاهرة الجديدة وثرثرة فوق النيل كابتن نادي الزمالك ومنتخب مصر في كرة القدم..!!

جماهير وعشاق كرة القدم يعتبرون أن الساحرة المستديرة خسرت لاعبا مهما وحريفا كبيرا ، وأصحاب القلم فرحوا لأن الأدب والرواية العربية كسبت أديبا عملاقا يصعب أن يجود الزمان بمثله.

يعترف نجيب محفوظ- الذي نحتفل بذكرى مرور 17 عاما على وفاته في 30 أغسطس 2016- في ذكرياته للكاتب والناقد الأدبي الكبير الأستاذ رجاء النقاش – رحمه الله- في كتابه الصادر في منتصف التسعينات " صفحات من مذكرات نجيب محفوظ": كان من الممكن أن أكون من كبار لاعبي كرة القدم...قد لا يصدق أحد أنني كنت في يوم من الأيام كابتن في كرة القدم. واستمر عشقي لها حوالي 10 سنوات متصلة، في أثناء دراستي بالمرحلتين الابتدائية والثانوية. ولم يأخذني منها سوى الأدب، ولو كنت داومت على ممارستها لربما أصبحت نجما من نجومها البارزين".

وهل كان أديبنا الكبير زملكاويا فعلا، مع احترامي لأصدقائي المحترمين من الأهلاوية؟!.

نعم وألف نعم فهذا بديهي وطبيعي أن يكون نجيب محفوظ زملكاويا طالما كان عاشقا لكرة القدم ويهوي " الحرفنة"  واللعب الجميل والفن والهندسة... فيقول لرجاء النقاش " انتمائي إلى الزمالك انتماءا تاريخيا، بدأت علاقتي به حين كان اسمه «المختلط» ومع انتقال حسين حجازي إليه، وأذكر أنني تمنيت فعلاً أن أكون ابن حسين حجازي أسطورة الكرة المصرية، وعندما كنت أتدرب على الكتابة، كانت شخصيات أول رواياتي التي لم تنشر كلها عن لاعبي كرة القدم».

ويكشف أديب نوبل عن سر عشقة لكرة القدم :" "قد لا يصدق أحد أنني كنت في يوم من الأيام كابتن في كرة القدم. واستمر عشقي لها حوالي 10 سنوات متصلة، في أثناء دراستي بالمرحلتين الابتدائية والثانوية. ولم يأخذني منها سوى الأدب، ولو كنت داومت على ممارستها لربما أصبحت نجما من نجومها البارزين".

في رأيي أن تلك الجوانب المشوقة في حياة نجيب محفوظ سواء عشقه لكرة القدم وحبه للموسيقى وحياته في سنوات الدراسة الأولى تجعل من كتاب الأستاذ رجاء النقاش(  3سبتمبر 1934 - 8 فبراير 2008) أحد أهم الكتب التي رصدت تفاصيل الجانب الآخر في حياة نجيب محفوظ وبصورة مشوقة للغاية

وكتاب رجاء النقاش صدر عام 98 في الذكرى العاشرة لحصول نجيب محفوظ على جائزة نوبل في ديسمبر 1988. وقد استغرق إعداده نحو 7 سنوات،  فقد أجرى الناقد والكاتب الكبير الراحل حوارات مع نجيب محفوظ استمرت 18 شهرا سجل خلالها نحو 50 ساعة في 30 شريط كاسيت تقريبا، تلقى في مجموعها الضوء على ما لم يكن معروفا عن حياته ومسيرته،  وتكشف عن حقيقة أفكاره وآرائه ومواقفه والمصاعب التي واجهها. والكتاب من خلال ذكريات صاحب نوبل ومعايشته ومشاهداته وتفاعله هو صورة بانوراميه لتطور الحياة السياسية والاجتماعية والفكرية في مصر طوال أكثر 75 عاما

نعود من جديد لحديث كرة القدم في حياة نجيب محفوظ بدأ في الفترة التي انتقلت أسرته فيها إلى العباسية:" "كنت وقتذاك قد التحقت بالمدرسة الابتدائية، واصطحبني شقيقي ذات يوم إلى منزل صديق حميم له من عائلة الديواني...كان بيت هذا الصديق يطل على محطة للسكة الحديد، وعندما فرغنا من تناول الغداء اقترح أن يصطحبنا لمشاهدة مباراة في كرة القدم بين فريق مصري وآخر إنجليزي. وكم كانت دهشتي كبيرة عندما فاز الفريق المصري فقد كنت أعتقد حتى هذا الوقت أن الإنجليز لا ينهزمون حتى في الرياضة.

رجعت يومئذ إلى البيت وذهني كله معلق بكرة القدم وبأسماء الفريق المصري الذي هزم الإنجليز، وخاصة قائد الفريق حسين حجازي نجم مصر ذائع الصيت في ذلك الوقت، طلبت من والدي أن يشتري لي كرة، وألححت عليه حتى وافق، وبدأت أمضي وقتا طويلا في فناء المنزل ألعب الكرة بمفردي محاولا تقليد ما شاهدته في تلك المباراة التي خلبت عقلي، وبسرعة شديدة استطعت أن أتقن المبادئ الأساسية للعبة".

انضم محفوظ إلى فريق اسمه (التيمبل) في المدرسة الابتدائية، وهو فريق الصغار وكان يوجد فريقا آخر للكبار. كانت الدراسة الابتدائية في ذلك الوقت لا تلتزم بسن محددة للالتحاق بها، فكنت تجد أطفال في عمر الثمان والتسع سنوات وشبابا تجاوز العشرين ولهم شوارب كبيرة. وكان من بين أعضاء فريق الكبار كابتن ممدوح مختار الذي لعب في صفوف النادي الأهلي، وهو من عائلة صقر التي اشتهر منها عبد الكريم صقر ويحيى صقر.

"في فريق التيمبل لعبت في مركز الهجوم وتحديدا في الجناح الأيسر، ورغم أنني لا أجيد اللعب بقدمي اليسرى، وكان ذلك المركز يحد كثيرا من حركتي إلا أنني كنت هدافا للفريق. ولما انتقلت إلى مدرسة فؤاد الأول الثانوية تغير مركزي وأصبحت ألعب كقلب دفاع. أجدت في المركز الجديد لدرجة أن كثيرين ممن شاهدوني في ذلك الوقت تنبأوا لي بمستقبل باهر في كرة القدم وبأنني سألعب بأحد الأندية الكبيرة، ومنها إلى الأولمبياد مع المنتخب الوطني".

في حواري العباسية يكون نجيب محفوظ مع اقرانه بالحي فريق يطلقون عليه (قلب الأسد) وكان هو الكابتن "وكنا نستضيف فرقا من أحياء أخرى في مباريات ساخنة، ونذهب لنلاعبهم في أرضهم بالمثل، وعندما أخذني الأدب واستغرقتني القراءة والكتابة لم استمر في متابعة ومشاهدة الأجيال الجديدة ولم أعرف منهم سوى عبد الكريم صقر الذي أكد لي صديقي عبد المنعم شويخ أنه لاعب فذ لم تنجب الملاعب المصرية مثيلا له، وكان ذلك في سنوات تالية لاعتزال حجازي. ولم أعرف أحدا من الأجيال الجديدة

المفاجأة أن نجيب محفوظ عندما التحق بالجامعة رفض الانضمام لفريق الكرة بالجامعة وكان هذا مثار دهشة واستغراب زملاءه الذين يعرفونه جيدا .

 وفي الجامعة بدأت صلته بكرة القدم تنقطع ولم يعد يمارس اللعبة الذي عشقها واستهوته،  ثم انقطعت صلته من ناحية المشاهدة بعد اعتزال حسين حجازي- اعتزل حجازي كرة القدم عام 1931 بقميص نادي الزمالك-  واثناء عمله في وزارة الأوقاف قابله شاب عرفه بنفسه على أنه ابن حسين حجازي، فصافحه بحرارة شديدة وقال له: "تعالى لما أبوسك… ده أنا صقفت لأبوك لما إيدي اتهرت".

رغم القطيعة الا انه أحيانا كان يفتح التليفزيون ليجد مباراة في كرة القدم فيأخذه الحنين القديم. فقد جرت في النهر مياه كثيرة وأصبح نجوم الكرة الأكثر ثراء من نجوم الأدب والسينما  أو على حد قول صديقه الأديب الكبير توفيق الحكيم عندما علم أن بعض لاعبي كرة القدم يحصلون على ملايين الجنيهات: «انتهى عصر القلم، وبدأ عصر القدم"

عموما كسب الأدب روائيا وكاتبا عظيما بأروع الروايات -36 رواية – والقصص- 223 قصة- و19 مجموعة قصصية و19 سيناريو لأفلام السينما و6 مسرحيات، وخسرته كرة القدم  لكن عزائي أنا شخصيا أنه كان زملكاويا مثلي ..!







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة