غادة جابر

"بريكس" من فكرة روسية إلى قمة التحدى والصمود فى عالم قلق

السبت، 26 أغسطس 2023 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تسابقت عدد من الدول بتقديم ملفات، مطالبة الانضمام إلى مجموعة بريكس، التى انعقدت قمتها فى جوهانسبرج بجنوب أفريقيا وكانت القمة الخامسة عشر، وتم بالفعل قبول عدد 6 دول فقط من إجمالى 23 دولة، وكانت فرحتنا العارمة بانضمام مصر للمجموعة الأقوى اقتصادياً، دلالة على مكانة مصرنا الغالية وفوز بريكس بانضمامها، وتم قبول أيضاً كل من السعودية والإمارات وإيران والأرجنتين وأثيوبيا.
 ولكن عزيزى القارئ فى جولة سريعة كيف نشأت بريكس ولماذا؟ وما مدى قوة القرار المصرى للانضمام لبريكس؟ فمصر سيدة قرارها والمكاسب متبادلة. 
 
كيف نشأت بريكس ودلالة انعقادها فى هذا التوقيت 
انعقدت قمة بريكس فى ظروف أكثر قلقاً يمر بها العالم، ومساعٍ دائمة لإعادة موازين القوى وتعدد الأقطاب، فبينما تستمر الحرب الروسية الأوكرانية، أو الهجوم الروسى الاضطرارى على أوكرانيا من وجهة نظر الرئيس فلاديمير بوتين، الذى يبرهن على مدار عام ونصف استمراراً فى هذه الحرب أن أوكرانيا أحد أبناء الاتحاد السوفيتى وبوتين الأب الذى يسعى لضم أولاده أو تقويم سلوكهم المخالف للعقيدة الروسية، فيضربها بلطف وحذر، تمتلك روسيا أكبر رؤوس نووية فى العالم، فإذا خلع بوتين عباءة الأب وروح العقيدة دمر أوكرانيا والعالم إذا أراد، واستمراراً لدور المارد الأخضر المهيمن على العالم بارتداء الأمريكى عدة عباءات، الثقافية والدينية والسياسية والاقتصادية والعسكرية، وفرض عقوبات دائمة على روسيا فى محاولة لحصار الدب الروسى ليصل للعزلة، ولكن ما حدث أن الروسى ما زال حيا آمنا معافى بدنيا واقتصاديا ولم يُعزل بل وطد دبلوماسيته مع التنين الصينى ودول السمراء الجنوبى، بين الشرق والجنوب يتمدد الدب الروسى ويزداد قوة ودفئاً وصلابة.
 وكأن كل ما يحدث فى العالم كان قد توقعه بوتين ووضع له خطة استراتيجية مُحكمة، بدأت بعدة خطوات من غزو الشيشان 1999 وسيطرة روسيا عليها وضمها للاتحاد الفيدرالى الروسى، وأجزاء من جورجيا عام 2008 وضمت روسيا عام 2014 شبه جزيرة القرم، ومع المساعى الروسية العسكرية والجغرافية لم تنسَ تأمين وضعها الاقتصادى فى ظل عالم يهيمن عليه قطب واحد ترفضه روسيا معلنة عن ذلك صراحة، فكانت مبادرة الرئيس فلاديمير بوتين، لعقد الاجتماع الأول لوزراء الخارجية لمجموعة دول البريك وقتها على هامش دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة فى نيويورك، وكانت من نتائجه تأكيد المشاركين على اهتمامهم بتطوير تعاون رباعى متعدد الأوجه، وفى عام 2007 على هامش دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة، قرر عقد اجتماع سنوياً لوزراء الخارجية لدول البريك، وفى عام 2008 بمبادرة الرئيس بوتين أيضاً انعقد اجتماع كامل التنسيق لوزراء الخارجية وعقب نتائجه اعتماد بيان مشترك يعكس المواقف المشتركة بشأن القضايا العالمية المتعلقة بالتنمية العالمية، إلى أن انضمت جنوب أفريقيا عام 2010 للمجموعة، وأصبحت تسمى البريكس، وهو الاسم الذى يحمل الحرف الأول من كل دولة من دول المجموعة وهى " روسيا، الصين، البرازيل، الهند، جنوب أفريقيا " 
 
قمة بريكس الخامسة عشر
 ومع انعقاد القمة الخامسة عشر فى دولة جنوب أفريقيا من 22 إلى 24 أغسطس 2023، بحضور أكثر من 50 دولة، بالإضافة إلى دول المجموعة، متقدم منهم بملفات للانضمام للبريكس 23 دولة منهم 8 دول عربية وهم " مصر، والسعودية، الإمارات، الجزائر، الكويت، المغرب، فلسطين، البحرين "، دول عدم الانحياز الباحثة عن التنمية والنمو الاقتصادى، فى محاولة للهروب من سيطرة المارد الأخضر " الدولار الأمريكي"، الذى دمر اقتصادات دول الشرق خاصة العربية منها، وعمل على فقر الدول الأفريقية، بسبب هيمنته على سعر الصرف والتحكم فى كل الأمور الاقتصادية الدولية، فى الوقت الذى تعلن فيه مجموعة البريكس أنها ترفض الهيمنة ولا بد أن يكون هذا العالم متكامل متعاون من أجل السلام والتنمية متعدد الأقطاب، وكما صرح زعماء الدول الخمس أنهم ساعون لتعزيز الجنوب، فقال رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا : " قلقون بأنظمة مالية تستخدم للصراع الجيوسياسى ونبحث عن التعافى الاقتصادى "، وصرح بوتين : " لا بد أن تكون بيننا شراكة استراتيجية والابتعاد عن الدولار ووفقاً لميثاق الأمم المتحدة، حق كل شعب فى تقرير مصيره "، وصرح رئيس البرازيل لولا دا سيلفا " أن التمويلات العسكرية والتسليح ضخمة وهائلة مقابل محدودية تمويل المساعدات الإنسانية "، وقال الرئيس الصينى شى جين بينج " لا بد أن يكون التحالف جيوسياسى وليس فقط اقتصادى لمواجهة الثقل الأمريكى، والوصول إلى تسوية سياسية للنزاعات الحالية "، والهند صرح رئيس وزرائها ناريندا مودى : " اقترح عضوية دائمة للأتحاد الأفريقى وبالتوافق مع المجموعة والعمل على التبادل التجارى بالعملات المحلية "، بريكس تضمم 40% من سكان العالم، ومن المتوقع بحلول عام 2050 أن تنافس اقتصادات هذه الدول اقتصادات أغنى دول العالم حاليا ً، وتفوقت المجموعة بالفعل على مجموعة القوى السبع فى إجمالى الناتج المحلى لها 31.5% مقابل 30.7% للقوى السبع الأكثر تقدماً ! 
انضمام مصر لمجموعة بريكس ودعوتها عضو دائم الأهداف والمكاسب متبادلة 
مجموعة بريكس الاقتصادية التى تضم أكبر خمس دول فى العالم من حيث القوة البشرية والإنتاجية والموارد الطبيعية، قررت بالتوافق على دعوة مصر للعضوية الدائمة بداية من عام 2024، خبر سار ومفرح لنا كمصريين، وضربة قوية لكل من يريد الشر والنيل من مصر المحفوظة من الله إلى يوم الدين، ولكن هذا القرار له دلالة قوية ولم يأخذ إلا بحسم من هذه الدول وإلا كان تم قبول ال23 دولة، فكانت مصرنا العظيمة من ضمن ال 6 دول فقط التى تم قبولهم فى المجموعة، وذلك لأن مصر دولة عظيمة سيدة قرارها، قوتها البشرية تخطت ال 100 مليون نسمة، وهذا له دور قوى فى الاستفادة من الطاقة البشرية وتبادل الثقافات بين هذه الدول، مصر قوتها الإنتاجية فى تزايد خاصة بعد أن أخذت القيادة السياسية عل عاتقها السير فى التنمية بقوة رغم كل التحديات والأزمات، وعملت على إنتاج وتدشين المشاريع الضخمة، وإعادة البنية التحتية وهيكلتها بشكل يليق بالدولة المصرية، والسير بخطى ثابتة على تنفيذ استراتيجية التنمية المستدامة 2030، مصر لها موقع استراتيجى قوى وحيوى فى الشرق الأوسط والوطن العربى وهى البوابة الأولى للقارة الأفريقية، الممرات المائية التى تسهل حركة التجارة الدولية مصر تملك فيها الممر الأهم " قناة السويس البحرية "، قامت الدولة المصرية بتطبيق عدد من المحاور الإصلاح الاقتصادى وقرار مصر بالانضمام لمجموعة بريكس، يستكمل هذا المسار، فيصبح الدولار الأمريكى وتوافره ليس معضلة للتبادل التجارى والاستثمار بين مصر وباقى دول العالم، فالبريكس تتعامل اقتصادياً بالعملة المحلية لكل دولة، وهذا يعظم من شأن الجنيه المصرى ويجنب الدولار الأمريكى فى جزء كبير من التعاملات الاقتصادية والتجارية، خاصة أن من أهم دول المجموعة الصين والهند وروسيا ومدى قوتهم فى امتلاك قوة إنتاجية من الحبوب الزراعية وخاصة القمح يتخطى إنتاجهم ثلث أنتاج العالم، وقوتهم التكنولوجية والصناعية ذراع قوى فى كل الأسواق العالمية، ومصر تعمل على توطين الصناعة والاكتفاء الذاتى من القمح، كل هذا له خطط استراتيجية مُحكمة من قيادة حكيمة فى ظل الجمهورية الجديدة، تعمل جاهدة ولا تنام من أجل أن تسترد مصر مكانتها الطبيعية بين دول العالم، وتكون فى مصاف الدول العظمى، انضمام مصر للبريكس إضافة قوية للمجموعة واستكمالاً حقيقياً لمسار التنمية الأمن فى الدولة المصرية فى الحفاظ على سياسة مصر الخارجية ودبلوماسيتها القومية ووقوفها على مسافة واحدة من جميع القضايا الدولية، فثوابت السياسة الخارجية المصرية، عدم التدخل فى شئون الدول الأخرى والعمل على تنمية شاملة وحقيقية ومساعى سلام دائمة لا تخلو من وجود الدور المصرى بها. فخورة بمصريتى. 
 






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة