صدر حديثا عن دار العين للنشر رواية سراب دجلة للكاتب خالد عبد الجابر، وفي روايته الثانية، يستعيد "خالد عبد الجابر" حقبةً شائكةً من رماد التاريخ المصريّ المعاصر، وهى حقبة تحيا أغلبُ تفاصيلها في ظلام التناقل الشفهي ويندُر إحياؤها في التدوين، سواء التوثيقي أم التخييلي.
وفى الأحداث يتبادل «صادق»، المسافر إلى بغداد، الرسائل مع أبيه "محمد محفوظ المصري" في ريف دلتا مصـر، لتتكشَّف سنواتُ جمرٍ، بين عامَيْ 1984 و1990 فى سبعُ سنواتٍ مفصليَّةٍ، هناك وهنا،تَعقبُ حلولَ سلامٍ مختَلفٍ عليه في مصـر، ونشوبَ حرب خليج أولى في العراق لن تلبث أن تمدَّ فتيلها لحربٍ ثانية.
لكن «سراب دجلة» لا تكتفي بحقبةٍ واحدة، حتى لو منحتها المركزيَّة، مثلما لن تكتفي ببنيَة «الرسالة» شكلًا فنيًّا لها، ستحضر هزيمة يونيه 1967 وحرب أكتوبر 1973 وما تلاهما، مثلما سيحضر أُفُق ما بعد حرب الخليج الأولى، لترسم الروايةُ في كُليَّتِها خارطةً للفرد المُغترِب والمهمش بين نهرين، إذ يكاد دجلة يكون مرآةً يرى فيها النيلُ نفسه، والعكس.. في واقعٍ تُزهر حقولُه الألغامَ بقوة إزهار الثمار، ويفقد حاضره البوصلة، مشدودًا لكل ما يُحيل أحلامَ الغدِ إلى كوابيس لا يكفُّ رَحِم الماضي عن إطلاقها.
فى الرواية يحضر تداخل الأصوات، والمحكيات الاسترجاعيَّة، لنجد أنفسنا أمام نصٍّ روائيٍّ مختلف على صعيد البِنيَة ومستويات اللُّغَة فما بين الماضى والحاضر تتبدل الرؤى وتتصاعد الأحداث فى تلك السردية التى تروى مقاطع من التاريخ الإنسانى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة