سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 14 أغسطس 1834.. إبراهيم باشا يهزم الشيخ قاسم حاكم نابلس فى ثورته ضد الحكم المصرى للشام ويقسم باستئصال عائلته

الإثنين، 14 أغسطس 2023 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 14 أغسطس 1834.. إبراهيم باشا يهزم الشيخ قاسم حاكم نابلس فى ثورته ضد الحكم المصرى للشام ويقسم باستئصال عائلته  إبراهيم باشا
سعيد الشحات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
خضعت الشام لحكم مصر بعد صلح كوتاهية بين محمد على باشا والدولة العثمانية، وهو الصلح الذى أنهى الحرب بين محمد على والدولة العثمانية حول سوريا، حسبما يذكر عبدالرحمن الرافعى فى كتابه «عصر محمد على»، مضيفا: «دخلت الشام فى حكم الدولة المصرية بعد صلح كوتاهية الذى توج انتصارات الجيش المصرى، وأصبحت مصر المرجع الأعلى لحكومة الشام، وصار إبراهيم باشا حاكما عاما للبلاد السورية وقائدا للجيش المصرى».
 
يذكر «الرافعى» أن إبراهيم باشا أخذ فى تنظيم سوريا وتدبير أمورها الإدارية والسياسية والحربية، وأمن حدودها الشمالية، وعنى بتحصين مضايق جبال طوروس لصد هجوم الترك، ورمم حصون عكا وأسوارها وشيد الثكنات والمستشفيات وخطط الطرق الحربية، واستقرت الحاميات المصرية فى أهم المدن السورية، واتخذ مقره فى «أنطاكية»، وعين شريف باشا حاكما على سوريا سنة 1832، وأسند إدارة الشؤون المالية إلى «حنا بك بحرى» أحد الأعيان السوريين، فأعطى دليلا على أن إبراهيم يسند المناصب الكبيرة إلى أبناء البلاد وهذا لم يكن موجودا مع السلطة التركية.
يؤكد «الرافعى» أن الإدارة المصرية فى سوريا رغم ما بها من عيوب كانت أصلح من الحكم التركى السابق، فضلا عن أنها أقرت الأمن فى البلاد واستنقذتها من الفوضى، ويذكر الزعيم الوطنى محمد فريد فى كتابه «البهجة التوفيقية فى تاريخ مؤسس العائلة الخديوية»: «ساد الأمن فى البلاد الشامية، وانتشرت السكينة فى أنحائها وأمن على النفس والمال من أن تعبث بها أيد الظلم والاعتساف، وراجت التجارة واتسع نطاقها وكثرت المعاملات بين الشام والبلاد الأوروبية وازدادت الصادرات والواردات ضعفى ما كانت عليه قبل ضمها إلى مصر، ونمت المحصولات، وصار كل إنسان واثقا بأنه يحصد ما يزرع دون أن تقاسمه فيه الحكام كما كان حاصلا قبل إبراهيم باشا».
 
غير أن هناك من تضرر من هذه الإصلاحات فانتظر الفرصة لإشعال الثورة ضد الحكم المصرى، يذكر «محمد فريد»: «استمرت الشام على هذا التقدم إلى أوائل 1834، فأصدر محمد على باشا أوامره المشددة إلى نجله إبراهيم باحتكار جميع أصناف الحرير لجانب الحكومة، وبضرب جزية جديدة على كل الأهالى دون تمييز بين الجنسية والديانة، وتجهيز عدة آلايات من سكان البلاد الشامية، ونزع السلاح من جميع الأهالى».
 
يذكر «الرافعى»: «كان التجنيد ونزع السلاح أهم الأسباب المباشرة التى أفضت إلى الثورة، فقد نفذ التجنيد بطريقة قاسية، وكان الكثير من المجندين يرسلون إلى جهات لا يقع إلى أهلهم شىء من أخبارهم فيها، وجاء نزع السلاح ثالثة الأثافى، لأن معظم الأهالى كانوا يحملون السلاح ليدفعوا به سطوات البدو الرحل وعدوانهم، فانتزاع السلاح من أيديهم أمر لا تقبله نفوسهم، ومن هنا نشأت الثورات والفتن».
 
ويرى الرافعى، أن إصلاحات إبراهيم باشا أبطلت سلطة الرؤساء الإقطاعيين، وضرب على أيدى الأشقياء وقطاع الطرق الذين كان لهم سطوة كبيرة فى بعض البلاد، فهؤلاء وأولئك كانوا مدفوعين بوازع المنافع الشخصية إلى تحريض الأهالى على الثورة ضد الحكم المصرى، ويذكر الرافعى: «كان للدسائس التركية والإنجليزية عمل كبير فى تحريك تلك الثورات، حيث قام الترك والإنجليز بتوزيع الأسلحة على الثوار وتحريضهم على القتال واستمالتهم لرؤساء العشائر والعصبيات».
 
وصلت أوامر محمد على الجديدة إلى إبراهيم باشا، وكان فى يافا، ويذكر الرافعى أنه بادر فورا إلى إذاعة هذه الأوامر بين القبائل وفى أنحاء البلاد، وظهرت بوادر الاضطرابات فى فلسطين، وابتدأت الثورة على نهر الأردن بالقرب من بيت المقدس فى إبريل 1834، وتواطأت القبائل فى هذه الجهات على ألا يذعنوا لتلك الأوامر.
يضيف الرافعى، أن أبرز زعماء العصبيات فى تلك الجهات كان حاكم نابلس الشيخ قاسم الأحمد، وزعيم آخر لا يقل نفوذا ومكانة وهو «أبوغوش» صاحب قرية «العنب» الواقعة بين بيت المقدس ويافا، وتذكر الدكتور لطيفة سالم فى كتابها «الحكم المصرى للشام 1831-1841»: «عندما فرض إبراهيم باشا على نابلس تقديم الشباب جاء ردهم بالثورة فى مايو 1834، ففى منطقة «السلط» رفض أهلها الخروج، وظل المطلوبون فى قراهم، وحينما وصل «البولبكاشى» مصطحبا معه أحد رجال الإدارة لإحضارهم، وفى «وادى ساحور» أطلق عليه أهالى قرى «المشاريق وبوديق» الرصاص وزحفوا على نابلس واقتحموها، ولكن قوبلوا بالشدة وهرب زعيمهم، وقبض على أبنائه وأقاربه وقيدوا بالسلاسل.
 
يذكر محمد فريد، أن الشيخ قاسم التقى بجيش المصريين فى موقع يبعد عن «نابلس» بضع ساعات، ولم يستطع الوقوف أمام نيران المدافع، وتقهقر إلى أحد التلال المجاورة للمدينة فتبعه المصريون ودخلوا المدينة عنوة وهرب مع من بقى من رجاله، وكان مثخنا بالجراح وأحد أولاده فالتجأوا إلى مدينة «حيرون»، واقتفى أثره إبراهيم فى 14 أغسطس، مثل هذا اليوم، 1834، وانقض المصريون عليه ودخلوها بعد قتال عنيف، وعفا إبراهيم عن سكانها وأمنهم على أموالهم وأعراضهم لكنه أقسم باستئصال عائلة الشيخ قاسم من أولها إلى آخرها.  









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة