ننشر قصيدة أوراقى الأخيرة للشاعر عبد الرحمن حبيب من أحدث دواوينه "الغاوون" الصادر مؤخرًا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب:
1
وبعدما ألقيتُ كل أوراقي
انتظرتُ
دون أن يأتى نبأٌ واحدٌ
فماذا سأفعل؟
2
الانتظارُ ينمو مثل ظلٍ فوق صفحة الأشياء
ويغرقُ المدي في الذهول
إذ يمرُ الوقت
ولا يزدهر شيءٌ إلا الانتظار
يظلُ ينمو وينمو
حتى يصيرَ مثل نبتة
تحملُ فوقها الأسى
وترتوي من الماءِ الوحيد
ماء الفراغ
3
بهجةُ الأشياءِ
يباركُها الندى
النورُ
والكائنات
التي تصدر الأصوات
والنغم
حزيناً كان أو مثل الصفير
الشيءُ مثل الشيءِ
لكن أيه التميز
كيف تبني حقبة الألوانِ فوق منظرٍ
وتنسي منظراً؟
وكيف تخدع البسطاءَ
حين تغرقُهم في وهمِ التفرد؟
فيخرجُ الواحدُ منهم كالمهرجِ
في ساحةِ الأيامِ كي يفصحَ عن تمردهِ
فيُلقى بالردى
ويبقى فقط
مثل شيءٍ مسلٍ
أو رجلٍ خاض في طين الغابات
وعادَ بطينهِ
لا يساورهُ التخلى عن مقامهِ
ولا يفهمُ شيئاً مما جرى
4
وإن كان خلْقُكَ في الوقتَ
مثل العبورِ في الصمت
فأيُ شيءٍ سوف يجرى؟
..............
لا شيءَ إلا الانتظار
5
الرجلُ الكبير يقولُ إنه انتظر
والسيدةُ تهز رأسها
والممرضون في دار المسنين
يعلنون توافقهم
ويبتسمون
فيقولُ الرجل:
ما نعيشُ إلا الانتظار
والباقي؟
يجيبُ:
مثل وهم
الشبابُ فقط يسعدون بالحوادث
أما المسنون
فلا يطربهم إلا الانتظار
وماذا عن الوقت؟
يقول:
الوقتُ شجرة
الوقتُ مثل الفيض
يدخلُ منشوره الزجاجي
فيخرجُ من طرفه الآخر
العاطلون في المقاهي
والرجالُ الجالسون في البنوك
والنساءُ اللواتي يترقبن الأطفال
والكبارُ الذين لا ينتظرون إلا النهاية
ويضحكونْ
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة