هيثم الحاج على

حجاب المصري

الخميس، 06 يوليو 2023 04:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

الغش طرطش رش ع الوش بوية

ما دريتش مين بلياتشو أو مين رزين

لم أكن أعلم حين زرته في بدايات يناير أنها ستكون المرة الأخيرة، وإن كنت قد أحسست بذلك، فطلبت منه وعدا بالموافقة على نشر أعماله في كتب صغيرة يستطيع الشباب اقتناءها، لكن هذه الزيارة هي التي أدخلتني إلى أسئلته التي لم أجد لكثير منها أجوبة حتى الآن، كانت الزيارة الأخيرة، وكأنها كانت الوداع الذي سبق رحيله بأقل من شهر، حين أصر على ارتباط تاريخه بالخامس والعشرين من يناير، وعشية افتتاح معرض الكتاب في العام 2017، ليكون موته كما كانت حياته مرتبطة بمصر واسمها حسب إصراره، فاستحق أن يمثل أحلام أبنائها بكتابة ديباجة دستورها، التي كان ختامها: "نحن المواطنات والمواطنين، نحن الشعب المصري، السيد في الوطن السيد، هذه إرادتنا، وهذا دستور ثورتنا. هذا دستورنا".

كان سيد حجاب تمثيلا لسؤال الهوية المصرية كما تتجلى في لغته، في تشاكل الألفاظ ورشاقة تجاورها، ولعبها على إيقاع خاص جدا، يتجلى في طرحها لسؤال علاقة اللفظ بالمعنى وتوالد المعاني المختلفة من الأصوات المتشابهة إلا قليلا:

دنياك سكك حافظ على مسلكك

وامسك في نفسك لا العلل تمسكك

وتقع في خية تملكك تهلكك

أهلك لا تهلك ده انت بالناس تكون

استطاع سيد حجاب أن يثبت قدرة العامية المصرية على أن تكون بنفسها وفي نفسها لغة تسيطر على مقدراتها وتقدر بكل ما فيها من طاقة أن تقول وتتجلى شعرا وحكمة ومتعة وجمالا، لتعلو على اللهجات (الوظيفية) وتصل إلى أعلى مراتب اللغات مكتملة البناء والقدرات، القادرة على التعبير عن تركيب الحضارة والهوية، الواقفة بذاتها مشكلة لشخصيتها الخاصة، تستطيع مواكبة كل المتغيرات، وتقدر في الوقت ذاته على اختزال نفسها في طاقة تعبيرية تحمل موروثها الحضاري المتراكم، لتصبح في ذاتها حلا، وإجابة لسؤال الهوية الذي يطرح نفسه بإلحاح على سيد حجاب وكل المخلصين الحقيقيين من مبدعي هذا الوطن، فاستطاع هو أن يبث كل هذه العوامل داخل قصائده التي تبدو دائما أكثر بساطة مما تقوله، فتتجلى في تتر مسلسل أو في أغنية قصيرة، لكنها في الحالات كلها تدهشك بقدرتها على القفز على الأشواك والتخلص منها ببراعة لتتأملها، وقدرتها على الدخول مباشرة إلى قلبك فتحبها قبل أن تتأملها فتعشقها، وهي السمات التي أستطيع الزعم بتوافرها لهذه اللغة كما توفرت لهذا الوعي الجمعي المصري.

وختاما
ومين نكون إن بعنا يومنا وماضينا

وليه نعيش إذا كانش بكرة يراضينا

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة