استوقفنى اسم "عدى بن مسافر" وقبره فى العراق، وقرأت عنها أشياء كثيرة متناقضة دفعتنى للبحث عنه، فمن هو عدي بن مسافر، وما علاقته بـ المتصوفة، وما علاقته بالأيزيديين فى العراق؟
قضى عدى بن مسافر معظم شبابه في بغداد، واتخذ منسكًا له في شمال العراق قرب الموصل في وادي لالش، حيث كان هناك وجود للعديد من الزرادشتيين، ولهذا فإن مبادئه الصوفية تأثرت بتعاليمهم. وصف بأنه مربوع القامة شديد السمرة. توفي ودفن في لالش في منطقة شيخان في العراق في الخلوة التي بناها بنفسه في محيط قرية بعدري على بعد 20 ميلا شرق دير الربان هرمزد النسطوري، سكنها مريدوه بعد مماته وأصبحت محجًا لأتباع طائفة اليزيدية. يشتهر مدفنه بقببه الثلاث مخروطية الشكل.
يبدو أن شخصية عدي بن مسافر الذي عاش فى الفترة بين عامي (467- 557 هجرية) قد أصابها الكثير من المبالغات، من ذلك ما يتعلق بقصة ولادته، إذ تذهب الحكايات إلى أن والده وكان متصوفا ترك زوجته أربعين عاما، ثم جاءه هاتف أن يعود إليها ويجامعها لأنها ستنجب وليا لله، وقد فعل، وأن أمه رأت قبل ولادته خيط نور يدخل فى أحشائها، وسمعت الجبال تحدث بعضها.
لكن المعروف عن عدي بن مسافر أنه كان عابدا زاهدا، وقد تحدث عنه علماء المسلمين بصورة طيبة.
في سير أعلام النبلاء: قال الحافظ عبد القادر : ساح سنين كثيرة، وصحب المشايخ، وجاهد أنواعا من المجاهدات، ثم إنه سكن بعض جبال الموصل في موضع ليس به أنيس، ثم آنس الله تلك المواضع به، وعمرها ببركاته، حتى صار لا يخاف أحد بها بعد قطع السبل، وارتد جماعة من مفسدي الأكراد ببركاته، وعمر حتى انتفع به خلق، وانتشر ذكره . وكان معلما للخير، ناصحا متشرعا، شديدا في الله، لا تأخذه في الله لومة لائم، عاش قريبا من ثمانين سنة، ما بلغنا أنه باع شيئا ولا اشترى، ولا تلبس بشيء من أمر الدنيا، كانت له غليلة يزرعها بالقدوم في الجبل، ويحصدها، ويتقوت، وكان يزرع القطن، ويكتسي منه، ولا يأكل من مال أحد شيئا، وكانت له أوقات لا يرى فيها محافظة على أوراده، وقد طفت معه أياما في سواد الموصل، فكان يصلي معنا العشاء، ثم لا نراه إلى الصبح .
أما المبالغة التى لحقت بشخصية عدي بن مسافر فقد جاءت من غلاة المتصوفة، ومن أصحاب الديانة الإيزيدية، إذ يرونه نبياً موحى إليه، ورسولاً مبتعثاً من قِبل الله تعالى، فأطلقوا عليه اسم "شيخادي" واتخذوا من قبره بلالش قبلة ومركزاً لهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة