تحتفل الكنيسة المصرية في الأول من يونيو بذكرى دخول المسيح ووالدته العذراء مريم، ويوسف النجار إلى أرض مصر، فمصر أول بلد خطتها قدما السيد المسيح، فتعلم السير فى مصر، وأول ما أكل السيد المسيح من طعام، كان من مزروعات وأطعمة مصر، وأول ماء شربه السيد المسيح، كان ماء نهر النيل، فعند دخوله مصر كان محمولاً على ذراعي السيدة مريم العذراء، محتمياً بأرضها مع أمه ويوسف النجار.
يذكر الإنجيل أنه "ظهر ملاك الرب يوسف في حلم قائلاً: قم وخذ الصبي وأمه وأهرب إلي مصر. وكن هناك حتى أقول لك. فقام وأخذ الصبي وأمه ليلا وأنصرف إلى مصر" وأشار بعض المفسرين إلى تلك الرحلة المباركة في تفسيرهم لقوله تعالى: "وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَىٰ رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ".
واستمر يونيو في تقديم أحداث، لتغيير مجرى ومسار التاريخ، أردت أن أذكر الثامن عشر من شهر يونيو بالأخص، وما مدى ارتباطه بالتاريخ، وعن تاريخ مصر بالتحديد، من الأقدم فالأحدث، فكان هذا اليوم من عام 1805، تنصيب محمد علي باشا على حكم مصر، بعد تزكيته من رجال الدين، وبالأخص تزكية الشيخ عمر مكرم، لكنه ترك للتاريخ، تجربه تستحق أن تدرس، فهو لم يتحدث العربية، ولم يولد بمصر، لكن عمل على عزتها وبناء قوتها، وتطويرها اقتصادياً فهو منشئ اقتصاد القطن الذى ساهم لسنوات طويلة في جعل مصر محل اهتمام وثقل في العالم، وصاحب نظام الرى، الذى استمر حتى سنوات قليلة ماضية، والأهم أنه أول من زود الجيش، بأبناء الطبقات الفقيرة، من المصريين، بعد أن كان محرماً عليهم.
عمل محمد علي على التنمية وبناء المشروعات الضخمة، وخلق إمبراطورية بالمقاييس المصرية، أسس صناعة حديثة علي النهج الغربي ، وأنشأ نظام في إدارة الدولة ، توسع شرقاً وغرباً وزاحم الإمبراطورية العثمانية، وكاد أن يقضي عليها، ويبني خلافة مقرها مصر، لكن وقفت ضده جميع القوى العاليمة، تضامناً مع رجل أوروبا المريض " الدولة العثمانية"، إلى أن استقر محمد علي باشا على حكم مصر حتى وفاته عام 1849.
وفى 18 يونيو 1953 ألغى النظام الملكى في مصر بعد ثورة 23 يوليو، وأُعلنت أن مصر جمهورية، ما أنهى قرناً ونصف القرن من حكم من جاءوا بعد محمد علي باشا، وارتبطت روح القومية في المنطقة بمصر الناصرية، وظهرت أحلام الوحدة السياسية، هي السائدة في العالم العربي، ودعمها الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج، وازدهرت فترة إعادة أمجاد الحضارة العربية.
وليطبع هذا اليوم من شهر يونيو فى ذاكرة التاريخ، المنصفة، كان في الثامن عشر من يونيو عام 1956 خروج آخر جندى بريطاني من قناة السويس، بعد صراع الأشرس من نوعه اندلع فور إعلان الرئيس الراحل جمال عبد الناصر قرار تأميم شركة قناة السويس، فواجهت مصر سحب تمويل الولايات المتحدة للسد العالي، وتجميد الأموال المصرية في فرنسا وإنجلترا، وجمدت الولايات المتحدة أموال شركة القناة لديها، وشنت القوى الدولية العدوان الثلاثي علي مصر، وفي النهاية انتصرت مصر، وتمصرت شركة قناة السويس.
وفي يونيو الحديث عام 2014 في الثامن منه، نُصب الرئيس عبد الفتاح السيسى، على حكم مصر، بعد ثورة 30 يونيو 2013، ليأخذنا إلى جمهورية جديدة، فى البناء والتنمية للإنسان والمؤسسات، لدولة برمتها وعظمتها، أيضاً سُطرت بدايتها فى شهر يوينو، وكأن كُتب على يونيو أن يعيد الأمجاد للتاريخ، وأن يصاحب العظماء برحلات الأقوى والأمجد من نوعها، فخورة بمصريتى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة