أعربت بنديكت لوييه عالمة المصريات المنسقة العلمية لمعرض "رمسيس وذهب الفراعنة" عن سعادتها لمشاهدة هذا العدد الكبير من الزوار، لرؤية الملك رمسيس الثانى وكنوزه الثمينة فى المعرض المقام حاليا فى قاعة "لافيليت الكبرى" فى باريس، مؤكدة أن مصر هى الدولة الوحيدة فى العالم التى تعرض كنوزها للجميع.
وقالت بنديكت لوييه - في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط بباريس - إنه "لا توجد دولة تسمح بانتقال كنوزها لإقامة معرض إلا مصر، فهي الدولة الوحيدة في العالم التي تعرض كنوزها للجميع، وهذا أمر مهم".
وردا على دعوة مصر استعادة كنوزها من دول العالم مع زيادة مساعي الحكومة المصرية مؤخرا لاسترجاع الآثار المصرية المهربة، أكدت أنها تؤيد عودة القطع الأثرية إلى موطنها الأصلي إلا أن نقلها للعرض في معارض كبيرة مثل تلك سيكون مفيدا بشكل كبير، مستشهدة بقطعة رأس نفرتيتي في برلين، فهي أفضل سفيرة لمصر على حد تعبيرها، مضيفة "عندما يرى الألمان والسياح قطعة رأس نفرتيتي، فإن أول ما يريدون فعله هو الذهاب إلى مصر، لهذا نجد كثير من الألمان يحبون علم المصريات ويحبون مصر".
وأوضحت أنه لا يمكن أن تظل هذه الكنوز بالخارج طوال الوقت، مؤكدة أهمية عودتها إلى موطنها قائلة " عندما يتم أعمال الحفر في مصر، يجب أن يظل كل ما يتم اكتشافه على الأرض المصرية، يجب أن تبقى الأشياء في مكانها حتى نتمكن من الحفاظ على هذا السياق المرتبط بالمكان الأصلي للقطع الأثرية".
وأضافت أن إخراج ونقل تلك القطع بعد ذلك أمر يعود إلى السلطات المصرية، موضحة أنه إذا كان هناك إمكانية نقل القطع الثمينة إلى معارض أخرى بغرض عرضها أو دراستها، فسيكون ذلك جيدا، مؤكدة أهمية الحفاظ على علاقات وثيقة مع مصر لأنه بدون الجانب المصري لا يمكن فعل شيء، قائلة "حقيقة الحفر في مصر هو شرف لنا، والعمل مع المصريين للكشف عن هذه الكنوز، فهذا أمر رائع".
وعند رؤية الجمهور الكبير الذي يأتي كل يوم منذ بداية إقامة المعرض في السابع من أبريل الجاري، والممتد حتى سبتمبر القادم، تشعر بنديكت لوييه بالكثير من المشاعر الجياشة لمصر وآثارها، قائلة: "أشعر بالسعادة بعد رؤية هذا الجمهور من جميع فئات المجتمع الفرنسي، أطفال وكبار السن، وعند سماع كلمات مثل هذا لا يصدق، هذا غير عادي علينا أن نذهب إلى مصر، هنا أشعر بالفعل أن المهمة تم إنجازها بنجاح، خاصة مع كل القائمين والمنظمين لهذا المعرض ليخرج بهذا الشكل الرائع".
وقالت إن هناك أيضا شعورا بالامتنان، حقيقة أن فرنسا اختيرت لتكون المحطة الأوروبية لإقامة المعرض، وتستضيف تابوت رمسيس الثاني، "فهو أمر بمثابة هدية لنا وأنا سعيدة جدا"، مشيرة إلى عرض تابوت الملك رمسيس الثاني أحد أعظم ملوك الفراعنة، قائلة "يأتي الزوار لرؤية التابوت الذي كان يحميه وكل الكنوز التي صنعها ويبقى في الذاكرة".
وأضافت أن معرض "رمسيس وذهب الفراعنة" فرصة عظيمة للتثقيف، قائلة : "هذا يتيح لنا أن نظهر للناس أنه يجب أن يكون فضوليا، بعد شراء وقراءة الكتب والقدوم لمشاهدة المعارض والحصول على المعلومات، ثم الوقوع في حب مصر وبعد ذلك الذهاب لرؤيتها لاكتشاف تاريخها العريق، فهي مليئة بأشياء قديمة وجديدة لا تقدر بثمن".
وأشارت عالمة المصريات والأستاذ في كلية اللوفر إلى الفعاليات التي تقام على هامش المعرض، فقد قدمت لمعلمين عرضا حول المعرض ومحتوياته وذلك لمساعدتهم في تدريس هذه المادة الثرية لطلابهم، وقالت: "سنقدم مؤتمرات وندوات، سنحاول مرافقة المعرض بفعاليات أخرى حتى لا يتمكن الناس ليس فقط من رؤية القطع الأثرية وإنما أيضا للمعرفة".
ولضمان نجاح هذا المعرض، أكدت المنسقة العلمية على أهمية التحدث عن المعرض باستمرار قائلة "نتحدث مع الناس من القلب ومع الإعلام لإخبارهم إن هذا ليس مجرد قطع أثرية، بل هو تاريخ وحضارة رائعة .. فإذا كنت تريد أن تفهم وتلتقي بالتاريخ وجها لوجه مع أحد أعظم ملوك العالم، عليك أن تأتي إلى المعرض لكي تفهم عظمة الحضارات القديمة".
وأعربت عن أملها أن يكون هناك معارض أخرى تبرز حياة ملوك وملكات آخرين في مصر القديمة مثل حتشبسوت وكليوباترا، وحث الجمهور على الذهاب إلى مصر "لرؤية التاريخ القديم والمعاصر، وأيضا المستقبل، مع عاصمة جديدة ومتاحف رائعة شيدت والمتحف المصري الكبير"، متمنية كذلك الاستمرار في علم المصريات لحماية هذه الآثار "حيث أن مصر تستحق دائما أن تحتل المرتبة الأولى من بين جميع الحضارات القديمة في الماضي".
وافتتح معرض "رمسيس وذهب الفراعنة" ليكشف عن أكثر من 180 قطعة أثرية ثمينة من كنوز الملك رمسيس الثاني، ويسلط الضوء على حكمه وحياته والذي يعتبر من أعظم الفراعنة المحاربين في عصر الدولة الحديثة.
ومن بين الكنوز المعروضة "التابوت الملكي" الذي له مكانة كبيرة ومصنوع من خشب الأرز ومطلي باللون الأصفر ويمثل "الملك بهيئة آدمية" والذي وافقت على نقله السلطات المصرية إلى فرنسا، بشكل استثنائي، لعرضه ضمن هذه القطع الفرعونية، تقديرا لجهود العلماء الفرنسيين الذين قاموا بمعالجة مومياء رمسيس الثاني من الفطريات عام 1976، كما يضم المعرض قطعا أثرية ثمينة، من بينها مجوهرات من الذهب والفضة والتماثيل والتمائم، ويقدم للزوار أيضا تجربة غامرة للتجول في معابد أبو سمبل واستكشاف قبر الملكة نفرتاري عبر تقنية "الواقع الافتراضي".
وبدأ المعرض رحلته في هيوستن ثم سان فرانسيسكو عام 2022، والآن في باريس حتى سبتمبر القادم ، ويستمر في سيدني في الخريف المقبل، ومن المتوقع أن يجذب عددا كبيرا من الزوار على غرار المعرض الذي أقيم لتوت عنخ آمون وتم تجهيزه في المكان نفسه عام 2019 وجذب 1.4 مليون زائر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة