سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 27 إبريل 1934..طه حسين يبايع العقاد أميرا للشعراء والمعارضون يتهمونه بالنفاق ويردون بحفل هازئ لإلقاء قصائد ساخرة

الخميس، 27 أبريل 2023 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 27 إبريل 1934..طه حسين يبايع العقاد أميرا للشعراء والمعارضون يتهمونه بالنفاق ويردون بحفل هازئ لإلقاء قصائد ساخرة طه حسين عميد الأدب العربى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كانت الساعة الخامسة مساء 27 إبريل-مثل هذا اليوم 1934، حين أقام شباب الوفد حفلا لتكريم الكاتب عباس محمود العقاد بمناسبة وضعه النشيد القومى، وفاجأ الدكتور طه حسين عميد الأدب العربى الجميع فى كلمته بمبايعته العقاد أميرا للشعراء بعد أن ظل اللقب بلا صاحب منذ وفاة أحمد شوقى فى 13 أكتوبر 1932.
 
تذكر «الأهرام» فى عددها، 28 إبريل 1934، أن الحفل أقيم فى تياترو حديقة الأزبكية، وحضره النحاس باشا، رئيس الوفد، وتقدمت الآنسة ميمى كرارة، فأهدت لدولة الرئيس وردة بيضاء وللأستاذ العقاد باقة ورد، وأنشد فريق من الشبان النشيد القومى الذى ألفه العقاد، ويقول فيه: «قد رفعنا العلم للعلا/ والفدا فى عنان السماء/ حى أرض الهرم/ حى مهدى الهدى حى أم البقاء/كم بنت للبنين مصر/أم البناة من عرق الجدود/أمة الخالدين من يهبها الحياة/ وهبته الخلود».
 
ألقى طه حسين كلمته وفيها مفاجأته، ويذكر نصها أنور الجندى فى كتابه «المعارك الأدبية فى مصر من 1914 إلى 1939»، ومنها: «تستطيعون أيها السادة أن تحبوا العقاد ما وسعكم الحب فلن توفوه حقه، ذلك لأن العقاد هو الصورة الناطقة واللسان الخالد والمرآة الصافية المجلوة التى حفظت صورة مصر الناهضة وأبقتها ذخرا للأجيال المقبلة، أما أنا أيها السادة فسعيد جدا بهذه الفرصة التى أتيحت لى، ومكنتنى أن أقول إننى لا أومن فى هذا العصر الحديث بشاعر عربى، كما أومن بالعقاد، تسألوننى لماذا أومن بالعقاد فى الشعر الحديث، وأومن به وحده وجوابى يسير جدا، لماذا؟ لأننى أجد عند العقاد ما لا أجده عند غيره من الشعراء، لأننى حين أسمع شعر العقاد أو حين أخلو إلى شعر العقاد فإننى أسمع نفسى أو أخلو إلى نفسى، إنما أرى صورة قلب، وصورة قلب الجيل الذى نعيش فيه، لأن العقاد ليس مقلدا، ولايستطيع أن يكون مقلدا، ولو حاول التقليد لفسدت شخصيته وشخصية العقاد فوق الفساد، يعجبنى العقاد،لأنه يلتمس موضوعاته، حيث لم يستطع شعراء العرب أن يلتمسوا موضوعاتهم، لأننا نحن الأساتذة أعلم بالعقاد من العقاد.
 
ثم يذكر طه حسين أنه عندما قرأ قصيدة «ترجمة شيطان» للعقاد فكر فى شعراء أوروبيين، مثل بول فاليرى، وملتون، وأنه كان يخشى على الشعر العربى أن يرتحل سلطانه من مصر لكن العقاد بدد هذا الخوف، واختتم كلمته، مناديا: «ضعوا لواء الشعر فى يد العقاد، وقولوا للأدباء والشعراء: أسرعوا واستظلوا بهذا اللواء فقد رفعه لكم صاحبه».
 
أثارت مفاجأة طه حسين انتقادات عنيفة من خصومه، يذكر الدكتور محمد أبو الأنوار فى كتابه «الحوار الأدبى حول الشعر»، أن الكاتب محمد سعيد العريان رأى فى ذلك «نفاقا وملقا من الدكتور طه لزعامة الوفد حيث كان العقاد كاتب الوفد الأول وقتئذ»، كما سخر مصطفى صادق الرافعى بأن اعتبر طه حسين وكأنه يقول للشعراء: «إن لم تثبتوا أن فيكم من استطاع أن يخلف شوقى فاصغروا واصغروا حتى يكون العقاد أميركم».
 
أما السخرية الأعنف فيذكرها الدكتور محمد رجب البيومى فى كتابه «طرائف ومسامرات»، وشملت قصيدة هازئة للشاعر محمد حسن النجمى يقول فيها: «خدع الأعمى البصير/إنه لهو كبير/ أضحك الأطفال منه/ إذ دعاه بالأمير/أصبح الشعر شعيرا/ فاطرحوه للحمير».
 
كما ردت «جماعة الهراوى» نسبة إلى الشاعر محمد الهراوى، وكان يعمل فى «دار الكتب»، ومقتنع بأن «إمارة الشعر» بدعة، بأن بايعت نساخا فى دار الكتب، ينظم الشعر ولا يقرض بيتا صحيحا، ولا يستطيع قراءته، لكنه يشغل نفسه بما يضحك، وكانت «دار الكتب» حينئذ تحفل بالموظفين الشعراء الهزئين بإمارة العقاد، ومنهم الهراوى، وأحمد الزين، وأحمد رامى، وأحمد محفوظ، فرأوا أن يقيموا حفلة مبايعة لحسين البرنس النساخ، وأعلنوا عن مهرجان يقام للبيعة يتحدث فيه أكثر من عشرة شعراء.
 
يؤكد البيومى: «ترامى الأصدقاء والأدباء على مشاهدة الحفل، حيث أجلسوا أمير الشعر حسين البرنس فى الصدر، وتقدم كل شاعر بقصيدته يلقيها بين يدى المحتفل به، ثم نشرت القصائد جميعها فى الصحف اليومية، فكانت ردا لا يحتاج إلى إيضاح، ورأى الأستاذ محمد الأسمر أن يجمع هذه القصائد فى ديوانه، بعد أن ذكر المناسبة الفكاهية، فأمتع القراء».
 
يذكر البيومى مقتطفات من بعض هذه القصائد الساخرة.. يقول حسين شفيق المصرى: «ياحماة القريض حول البرنس/أصبح الشعر دولة ذات كرسى/وهل الحكم والإدارة إلا/لبرنس يضحى برأى ويمسى/يقرض الشعر مثلما يقرض الفأر/حبالا قد فتِلت من دمقس».. وقال سيد إبراهيم: «إذا تفضلت يا أميرى/ فاقبل إذن هذه الإمارة/وانهض بأعبائها فخورا/ وامنع عن الفن كل غارة/ فالشعر فى مصر يا أميرى/ مستفعلن فاعل فعول/فكن أميرا على القوافى/فالناس ليست لهم عقول».
 
وقال محمد الأسمر: «يا أمير الشعراء/أنت أولى باللواء/سيدى فلتهنأ اليو/م بملك الأدباء/امرؤ القيس على با/باك بعض الأمناء/وأبو الطيب فى الدو/لة بعض الوزراء/والمعرى لدى السد/ة يخبو للعملاء دولة ليس بها/إلا كبار الكبراء».






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة