سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 24 إبريل 2004.. رحيل الفنان محمود مرسى «الاستثنائى» فى تاريخ السينما العربية الذى غادر الحياة دون أن يزعج أحدا

الإثنين، 24 أبريل 2023 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 24 إبريل 2004.. رحيل الفنان محمود مرسى «الاستثنائى» فى تاريخ السينما العربية الذى غادر الحياة دون أن يزعج أحدا محمود مرسى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
شعر الفنان محمود مرسى بالإعياء، قبل انتهاء تصوير دوره فى مسلسل «وهج الصيف»، إخراج هشام عكاشة، فطلب ابنه الوحيد علاء، الذى اصطحب زوجته الكاتبة الصحفية أمل فوزى، وأسرعا إليه، وتم نقله إلى مستشفى الزراعيين وفى 24 إبريل، مثل هذا اليوم، 2004، غادر الحياة دون أن يزعج أحدا، وكان طلبه ألا تكون هناك جنازة وأن نعلن الخبر بعد دفنه، وقد كان»، حسبما تروى الفنانة سميحة أيوب للكاتبة الصحفية سناء البيسى، فى مقالها «رحل فى وهج الصيف» بالأهرام، 6 سبتمبر 2014.
 
وفيما كان الحزن على رحيله كفنان استثنائى، لفت نعيه الذى كتبه قبل وفاته إلى ما كان عليه كإنسان صادق، حيث جاء فيه: توفى محمود مرسى صديق فلان وفلان، وكتبت أسماء أقرب أصدقائه ومنهم الكاتب الروائى إدوارد الخراط، والمهندس ميشيل مرقس، والفنانة سميحة أيوب «زوجته السابقة والوحيدة وأم ابنه الوحيد علاء» والأستاذ محمد سعيد سلامة.
 
كان كالغابة، وفقا للناقد كمال رمزى فى كتابه «السينما المصرية.. الجوهر والأقنعة»، موضحا: «محمود مرسى بغموضه ورهبته، وبكثافته واستقلاله وطابعه الخاص، وبسحره المتمثل فى قدرته على جذب اهتمام الآخرين، وإثارة فضولهم، يذكرك بالغابة، فهو عالم كامل، مبهم، يمتلئ بالظلال، قد يبدو ساكنا، هادئا من الخارج، لكن ما إن تتوغل فى أحراشه حتى تجد أشكالا وأنواعا وألوانا من الأشجار والكائنات، نباتات تدفع عن نفسها الأذى بأشواك مدببة وثابتة تضرب جذورها فى الأرض بقوة، وثالثة عملاقة، ورابعة ضعيفة هزيلة، أما الكائنات فبعضها مسالم، هادئ أليف وطيب لطيف، وبعضها الآخر عدوانى وحشى الطباع، بالغ الشراسة، مفترس، ومثل الغابة محمود مرسى، أحيانا كالحلم الجميل، الناعم، وأحيانا كالكابوس المروع، الصاخب المفزع. إنه طاقة من الحنان والمحبة والرحمة، عندما يريد، وقوة هوجاء مدمرة ستعصف بكل ما حولها فورا وبلا تردد عندما تنتابها الرغبة فى البطش والعدوان». يضيف رمزى: «الأستاذ بأسلوبه الموهوب، الرصين الواعى، قدم تجسيدا بديعا لغابتنا بكل كائناتها، الأليف، والوحش، الحنون، والقاسى، العادل والظالم الوادع والشرس، الجميل والدميم وياله من درس ثمين». 
 
بدأت «غابة حياته» فى الإسكندرية، 7 يونيو عام 1923، بطفولة قاسية بانفصال والديه المبكر، وحسب رواية صديق عمره ميشل مرقس لسناء البيسى: «كان والده مرسى بك محمود نقيب محاميى الإسكندرية فى العشرينيات من القرن الماضى، وعضو مجلس الشيوخ، وصاحب صالون أسبوعى يتردد عليه كل خميس أصدقاء الفن والأدب والثقافة والسياسة والطرب، ومنهم الشيخ سيد درويش الذى استحوذ على أنات وآهات الأفوكاتو الدامعة المتوجعة ليحولها إلى موال ألم:  «أنا هويت وانتهيت وليه بقى لوم العزول»، والسبب أن مرسى بك تعرض لضغوط منزلية هائلة من الزوجة أم الستة أولاد الذكور، لدفعه لطلاق زوجة السر الصغيرة الحسناء التى جاءته زبونة لرفع قضية على الجيران فوقع فى هواها وتزوجها لتنجب له محمود، ثم تزوجت المطلقة الحسناء لاشين بك نصار الذى أنجبت له إسماعيل وصلاح ومصطفى». 
 
لم يهنأ بطفولته فى بيت الأب، فالتحق بالمدرسة الداخلية وهو فى الخامسة، وتذكر البيسى أن ذلك لكى لا يتاح له الخروج إلا مرتين، فى عيدى الفطر والأضحى، ومات الأب ومحمود فى السابعة، فاصطحبه زوج الأم لاشين نصار ليمشى وراء النعش بجوار إخوته كنوع من إثبات صحة النسب للفقيد.
 
تركت هذه المرحلة أثرها عليه، فاندفع ليكون مختلفا، وحصل على المركز الأول على القطر فى الثانوية العامة بالرغم من حصوله عليها من المنزل، ثم تفوق فى دراسة الفلسفة بآداب الإسكندرية، التى عمقت رؤيته بأن لكل حركة فى الحياة معنى، وفى الجامعة تفوق فى أول خطواته للفن ببطولته لمسرحية أوديب لسوفوكليس، ترجمة دكتور طه حسين، ونجحت المسرحية.
 
يتخرج فى الجامعة، ثم يعمل فى محطة الإذاعة البريطانية «بى.بى.سى»، ويستقيل منها على الهواء بسبب العدوان الثلاثى على مصر عام 1956، قائلا: «هذه آخر حلقة أقدمها فى هذه الإذاعة، لأنه لا يمكننى أن أعمل وأقيم فى دولة تشن عدوانا على أهلى فى مصر، وسوف أعود إلى بلادى لأقاتل بجانب أهلى، أعيش معهم وأموت معهم».
 
يعود إلى مصر، ويلتحق بالإذاعة مخرجا، ثم يبدأ فى السينما بطلا لفيلم «أنا الهارب» إخراج نيازى مصطفى عام 1962، وتتوالى بطولاته لتصل إلى 25 فيلما، بخلاف أعماله التليفزيونية، ويحصل على جائزة التمثيل عن فيلم «الليلة الأخيرة» عام 1964، وأحسن ممثل عن فيلم «شىء من الخوف» عام 1969، وعن مسيرته يذكر لكمال رمزى فى دراسته، «محمود مرسى.. عصفور الجنة والنار»:  «عندما أنظر لمشوارى الفنى أشعر بالسعادة، بسبب الأعمال الكثيرة التى قدمتها، فقد احترمت جمهورى ورفضت الأعمال الهابطة، لم أبتذل نفسى ولم استهن بزملائى، ربما أجد نفسى لست راضيا عن بعض أعمالى، لكن ليس هناك ما أخجل منه، ويكفينى ما أحسه من محبة الناس وتقديرهم المنصف لى».









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة