خيمة بيضاء تشع نورا وخيرا وسط أجواء روحانية في شهر الصوم، يأتي الصائمون لتناول وجبة الإفطار الساخنة بكل عزة وكرامة وبشعار "لعيش كريم"، فيما يتسارع المتطوعون لتقديم الخدمات لضيوف الرحمن وتنظيم دخولهم وجلوسهم وتقديم الوجبة قبل أذان المغرب بدقائق ، حرصا منهم على أن يكون الإفطار مواكبا لصوت الأذان بعيدا عن أجواء الزحام.
وما أن تخطو قدماك نحو الخيمة تجد من يرحب بك ويدلك على موقعك فإذا كنت من الرجال فخيمتهم تناديك وإذ كن من النساء فموقعهن وحيدا وبعيدا عن الرجال ، حرصا من "تكية أم علي" والقائمين عليها على خصوصية المشهد وكرامة الضيف، فيما يسعى أكثر من 60 متطوعا على الحرص على خدمتك من أجل أن تكون ضيفا عزيزا ويكونوا هم رُسل خير وبركة بتقديم يد العون لراحة ضيوف الرحمن.
تحتوي الوجبة على دجاج وأرز وفاكهة وعلبة صلصة ونوع من الحلويات ومشروب ، وقد تتغير كل يوم عن الآخر، فتظهر ملامح الخير على شباب وشبات من المتطوعين يقومون بتجهيز الوجبة بعد استلام المحتويات من إحدى الشركات الخاصة ، والتي تقوم بتجهيز الوجبة في مطابخها بمواصفات متفق عليها مع كافة الجهات الرقابية، فيما يتبارى الجميع نحو الانتهاء قبل أذان المغرب وضع الوجبة أمام الضيف الصائم.
يتنوع ضيوف المائدة بين الرجال والنساء والأطفال ، يستقبلهم فريق عمل المنظمة لتقديم الإرشادات وتوفير المقاعد، فيما يسارع فريق آخر في تلبية طلبات الصائمين وتوفير كافة سبل الراحة، وتقوم الشرطة الأردنية بتأمين مداخل ومخارج الخيمة ، حرصا على سلامة الضيوف وتوفير سبل الراحة .
ومع نهايات الشهر الفضيل، تجولت وكالة أنباء الشرق الأوسط، بالخيمة ومناطق تجهيز الوجبات، برفقة المستشار الإعلامي للمنظمة محمد شاهين وفريق العمل، فيما لوحظ قطار من المتطوعين يعملون في صمت قبل ساعة من موعد الإفطار، في حين يتوافد ضيوف الرحمن لحجز أماكنهم لتناول الإفطار.
وقال شاهين لمدير مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط بعمان خلال الجولة، إن "تكية أم علي" حريصة على القضاء على الفقر في الأردن وتقديم وجبة غذائية خلال شهر رمضان وغيره ، بها كافة مقومات الحياة والموارد الصحية، مضيفا أن كل عام وقبل أيام قليلة من الشهر الفضيل تطلق المنظمة حملتها للتبرع من أجل تقديم العديد من الخدمات الغذائية سواء من خلال مائدة الرحمن أو إرسال الوجبات لبعض العائلات الفقيرة والمحددة من قبل المشرفين على المنظمة.
وأوضح شاهين أن أكبر وأجمل وأفضل المشكلات التي تواجههم هي كثرة الراغبين من الشباب والشابات للانخراط في العمل التطوعي بالمائدة، مشيرا إلى أنه لكثرة طلبات المشاركة يتم توزيع المتطوعين خلال أيام الشهر ، وربما يشارك المتطوع لمرة واحدة فقط خلال الشهر مما يدل على روح التكافل الاجتماعي المنتشرة بين الشعب الأردني ، و أحيانا يكون المتطوعين من المقيمين بالأردن ، حرصا منهم على المشاركة في قطار الخير والتطوع من أجل فرحة صائم.
وليد أبو غريبة، شاب أردني متطوع، يحكي عن تجربته مع التطوع في مائدة "تكية أم علي"، شاب عشريني بوجه مبتسم وروح قتالية يتحدث عن سنوات من العمل في هذا الشأن مع المنظمة، مشيرا إلى أنه قبل شهر رمضان يسعى نحو المنظمة لتقديم طلب التطوع في أعمال المائدة ويأتي بعد الانتهاء من عمله قرابة الساعة 3 عصرا من أجل المساهمة في فعل الخير.
وأشار أبو غريبة إلى أن كل المتطوعين يشعرون بالحزن بانتهاء شهر الخير وانتهاء مهمتهم الإنسانية التكافلية ، موضحا أنه وأصدقائه يتنافسون للحصول على هذه الفرصة والتطوع لخدمة الصائمين لتوفير سبل الراحة للصائمين وسرعة تجهيز الوجبات عبر ما أطلق عليه "خط إنتاج" للوجبة من خلال عملية منظمة لتسهيل دور كل متطوع ولسرعة في الأداء.
إنها خلية نحل من الشباب والشبات معظمهم من طلاب الجامعات ، يتبادلون الابتسامات ويحرصون على ارتداء الكمامات ولبس القفازات وغطاء الرأس للحفاظ على معايير النظافة وأن تكون الوجبة بعيدة عن أي تلوث ، وهو ما تحرص عليه المنظمة وكافة المشرفين ، حيث يتم مراقبة الالتزام بالمعاييربكل حزم وقوة.