علا الشافعي تكتب: "تحت الوصاية" أكثر من مجرد قضية.. الحصر بزاوية التأثير على قوانين الأحوال الشخصية يظلم العمل الإبداعي.. العمل سيمفونية متكاملة.. منى زكي موهبة فريدة.. وشاكر خضير أدار فريق العمل باحترافية

الأحد، 16 أبريل 2023 02:29 م
علا الشافعي تكتب: "تحت الوصاية" أكثر من مجرد قضية.. الحصر بزاوية التأثير على قوانين الأحوال الشخصية يظلم العمل الإبداعي.. العمل سيمفونية متكاملة.. منى زكي موهبة فريدة.. وشاكر خضير أدار فريق العمل باحترافية علا الشافعى
علا الشافعي

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

في كل مرة كنت أبدأ الكتابة عن مسلسل تحت الوصاية، أجد نفسي أقول: "سأنتظر حلقة أخرى"، ورغم براعة الاستهلال والحلقات الأولى شديدة التميز (9 حلقات كاملة من المتعة الفنية الخالصة) لم يكن انتظاري سببه الخوف من تراجع مستوى العمل، بل رغبة أكيدة في المشاهدة والفرجة على تلك الحالة الفنية الفريدة، التي أعتقد أن السر في نجاحها يعود لكلمتين هما: "الإخلاص"، و"الصدق".

ومع كل مشهد وحلقة جديدة يتأكد أن رهاني منذ البداية على النجمة منى زكي ومسلسلها "تحت الوصاية" كان رهانًا صائبًا، فهذا المسلسل هو الحصان الأسود لموسم دراما رمضان 2023، ورغم جودة العديد من الأعمال الأخرى المعروضة على الشاشات، إلا أن "تحت الوصاية" من الأعمال القليلة التي غزلت بعناية فائقة الجمال والجودة على مستوى القضية أو لنكن أكثر دقة: القضايا التي يعالجها، والمستوى البصري  المميز، وتضافر كل عناصره الفنية  في هارموني واضح.

"تحت الوصاية" يشبه سيمفونية متكاملة وليس مجرد مجموعة من الجمل الموسيقية المكتملة.

"القضية ليست الوصاية فقط"

من يختصرون مسلسل "تحت الوصاية" للمخرج المبدع محمد شاكر خضير في أنه عمل عن قضية "الميراث وقانون الحسبة، ووصاية الجد والعم على الأبناء بعد وفاة الأب"، أو أن الهدف من صنعه هو تغيير القوانين الظالمة للمرأة في قانون الأحوال الشخصية، يظلمون العمل كثيرًا، خصوصًا أنه عمل فني إبداعي راقٍ، قد يحتمل الكثير من المعاني والقضايا، خصوصًا أن المسلسل يغوص في عالم النساء اللاتي يعافرن في الحياة، لا توقفهن لحظات اليأس أو الألم، وعن محاولة قهرهن من مجتمع لا يرحم، وكأنها كائن "ناقص حتة" طوال الوقت، مجتمع يفرض على النساء: الوصاية على جسدها وأفكارها، وحتى لو قررت إنقاذ نفسها وأولادها لا يرحمها، مجتمع تنشع منه رائحة الوصاية في كل تفاصيله، (راجع مشهد "حنان" منى زكي وهي تتحدث إلى عم أولادها "صالح" محمد دياب، عندما تذهب إليه لتخبره بأن إيراد المركب قليل، وتقدم اقتراحات آخرها أن تصعد معه على المركب فيسخر منها قائلا: "كنت بتطلعي المركب تتفسحي مع أبوك"). (راجع المشهد المهم والتأسيسي عندما حملت حنان طفلتها الصغيرة فرح، وذهبت إلى قهوة الصيادين وهي مرتبكة وتكاد تنكفئ على وجهها لتسأل عن بحرية يشاركونها العمل، وتدور الكاميرا من حولها، وهي تنقل نظراتها بين الأرض والبحرية بشك وخوف ومحاولة تصنع الثقة، وهم يسخرون منها ويتندرون عندما يعرفون أنها "ريسة المركب"، ويتعاملون بدونية شديدة للتقليل منها ومن الذي من الممكن أن تحققه). (مشاهد "حمدي" خالد كمال ومحاولاته التحرش بحنان).

تحت الوصاية
تحت الوصاية

شخصيات حية من لحم ودم ومرسومة بدقة

(مشاهد "صالح" دياب، وخطيبته "منى" نهى عابدين والحوار الذي دار بينهما ورفضه أن تذهب لممارسة عملها كـ كوافيرة في المنازل، رغم أنه يجلس بلا عمل بعد سرقة المركب).

شخصيات حية من لحم ودم كل منها لديه مبرراته، تتداخل عوالمها أحيانًا تتقاطع أو تتصارع، لذلك "تحت الوصاية" هو عمل يعري ويكشف كل ذلك، وأعتقد أن كاتبي العمل شيرين وخالد دياب عندما فكرا في صياغة سيناريو المسلسل كانت تشغل بالهما كل تلك التفاصيل، لأن هي التي أوصلتنا ببساطة لتلك القوانين الظالمة للمرأة. هي سلسلة مترابطة، أدركها صناع العمل لذلك تميز سيناريو المسلسل بصياغة رقيقة أشبه بالغزل، والتفاصيل الصغيرة التي تم تعشيقها بعناية وذكاء لافت جدًا.

شخصيات مرسومة بدقة.. تفاصيل الصيد ومجتمعه.. بيئة وأماكن التصوير.. الخروج أصلًا من القاهرة والذهاب لمحافظات أخرى مثل الإسكندرية ودمياط.. كلها تفاصيل تحسب لصناع هذا العمل شديد التميز.

لا أبالغ في وصف نص "تحت الوصاية" بالمغزول لأن صناعه منذ البداية يعرفون جيدًا ماذا يريدون ولماذا يحكون تلك الحكاية، وكيف يتم توظيف كل الخطوط الفرعية في الحكاية لتصب في الخط الدرامي الرئيسي لحكاية حنان التي هربت بأولادها ومركب زوجها الراحل لمعاناتها من وصاية أهل الزوج، وظلم القوانين والمجتمع، حتى مشاهد "الآفان تتر" في كل حلقة ترسم لنا بشكل مكثف وكاشف لتاريخ الشخصيات وشكل العلاقات بينهما وتطور الصراع، إلى أن وصلنا للذروة وهروب حنان وسرقة المركب، وهنا يكمن سر جمال وإيقاع المسلسل المشدود والمتدفق بسلاسة في نفس الوقت.

دياب
دياب

خط "سناء" مها نصار شقيقة حنان وزوجها "إبراهيم" على الطيب

وكان أكثر تدفقًا واكتمالًا في الحلقة السادسة وما تلاها من حلقات، (راجع كل الخطوط الدرامية الأخرى خط "سناء" مها نصار شقيقة حنان، وزوجها "إبراهيم" على الطيب)، سناء الجدعة المحرومة من الخلفة التي تقف في ظهر شقيقتها مهما كان اختيارها، صالح وعلاقته بمنى، صالح الذي يقبل على نفسه أكل مال أبناء شقيقه الراحل عادل لأجل مصلحته وإتمام زواجه، منى الكوافيرة المغلوب على أمرها التي ترغب في إتمام زواجها من صالح لأنها تكبر في السن وكل يوم تزين عرائس وهي تنظر، الأستاذ "زكريا" أحمد خالد صالح، الذي يعيش بمفرده وحياته تنقسم ما بين المدرسة والدروس الخاصة وتأتي حنان المتنكرة في اسم ليلى لتنقلب حياته 180 درجة، عم "ربيع" رشدي الشامي البحار كبير السن الذي لم يعرف حياة سوي في البحر يتنفس ويعيش هناك يعتبر وجوده على الأرض هو بمثابة الموت وهو الداعم لحنان دائمًا، شخصيات البحرية جميعها: عيد وحمدي و"شنو" يجسده أحمد عبد الحميد، "الحاج سيد" محمد عبد العظيم، معلم السوق المسيطر الذي يحارب حنان في السوق.

الخط الدرامي الخاص بالأبناء "ياسين" عمر شريف و"فرح"، فـ ياسين الطفل ذي العشر سنوات هو رجل حنان الحقيقي، الذي يشاركها الهم ولحظات الوجع والفرح.

تحت الوصاية مسلسل
مها نصار

محمد شاكر خضير صاحب رؤية فنية وبصرية شديدة الثراء

كل تلك الدراما والشخصيات المرسومة لم تكن لتظهر بهذا الجمال، لولا وجود مخرج متميز وشديد الموهبة هو محمد شاكر خضير صاحب الرؤية الفنية والبصرية شديدة الثراء المليئة بالتفاصيل، وأيضًا مدير التصوير بيشوي روزفلت، والأزياء التي صممتها ريم العدل وموسيقي ليال وطفة ومونتاج أحمد حافظ والإشراف الفني والديكور محمد عطية، وشريط الصوت المتميز والمنتج الفني للعمل هاني عبد الله.

ونجوم ظهروا جميعهم في أفضل حالاتهم، ويقدمون أداء شديد التميز بدءًا من الطفلة فرح ووصولًا للكبير المخضرم صاحب الموهبة الفذة رشدي الشامي.

منى زكى نجمة من ذهب تعطي الشخصية من روحها

تستحق بطلة العمل النجمة منى زكي التوقف عند أدائها للشخصية كثيرًا وتأمل ما فعلته النجمة صاحبة الموهبة الفريدة بتلك الشخصية والتفاصيل التي صنعتها لتؤكد أننا أمام واحدة من النجمات صاحبات الأداء الرفيع والموهبة الفريدة التي لم تتوقف عن تطويرها (راجع مشاهدها الكثيرة والجميلة والمكتملة: رقصها على المركب مع عادل، ولعبها الكرة مع ياسين في المنزل، وصعودها للمركب لأول مرة مع البحرية، وأول مرة تصطاد فيها فرحتها وحوارها مع ياسين على الهاتف لتخبره، وهروبها من القسم، ولحظة إصابتها وما قبلها، وغنائها مع ياسين وشقيقتها، وانكسارها بعد أن فسد الجمبري، وعودتها مهزومة وهي تتكئ على عصاها، وصراخها في وجه ياسين وبكائها وكتمان صوتها لأنها لا تملك تلك الرفاهية).

الفنانة منى زكى
الفنانة منى زكى
 

لفتاتها ونظرتها طريقة المشي ولغة الجسد ورعشة الصوت وتوظيفه في لحظات انفعالية مختلفة، والخوف والفرح والألم والقلق، كل تلك المشاعر تنتقل بينها بسلاسة وتلقائية.. شعرها الذي تتركه حرًا منسدلًا في المنزل وتداريه تحت الطرحة بأصابعها طول الوقت وهي على المركب أو في الشارع.. الطريقة التي تشد بها ملابسها وهي على المركب وكأنها تنفي عن نفسها تهمة أنها امرأة.. أظافرها وأسنانها.. الكثير من التفاصيل التي لم تغفلها منى تحت إدارة مخرج شديد الوعي والحب لممثليه.

منى زكي في هذا الدور تعطي الشخصية من روحها.. تعمل بجد وإخلاص وصدق.. تعرف كيف تختار لتمنح نجوميتها بريقًا يحاكي الذهب.

 تحت الوصاية.. من إنتاجات دراما رمضان 2023 المهمة التي سيعاد اكتشاف تفاصيل جديدة في العمل مع تكرار المشاهدة، المسلسل من إنتاج "ميديا هب" ويعرض على قناة  .D m C

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة