سعيد الشحات يكتب: ذات يوم..10 إبريل 1965..نزار قبانى يسأل الفنانة نجاة الصغيرة عن سر تأخيرها فى غناء قصيدته «ماذا أقول له؟»

الإثنين، 10 أبريل 2023 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم..10 إبريل 1965..نزار قبانى يسأل الفنانة نجاة الصغيرة عن سر تأخيرها فى غناء قصيدته «ماذا أقول له؟» نزار قبانى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بعث الشاعر الكبير نزار قبانى رسالة إلى المطربة نجاة الصغيرة يسألها: لماذا تأخر ظهور أغنية «ماذا أقول له؟»، وهى القصيدة التى كتبها وأرسلها إليها لتغنيها، ويقول فيها:  «ماذا أقول له لو جاء يسألنى/ إن كنت أكرهه أو كنت أهواه/ ماذا أقول له إذا راحت أصابعه/ تلملم الليل عن شعرى وترعاه/ وكيف أسمح أن يدنو بمقعده/ وأن تنام على خصرى ذراعاه».
 
كتب نزار رسالته من الصين، حيث كان دبلوماسيا بالسفارة السورية فى بكين، وفقا للكاتب والناقد الفنى جليل البندارى، الذى يكشف أسرار الغناء واللحن المدهش من نجاة وعبدالوهاب لهذه القصيدة المدهشة، وذلك فى مقاله «مع نجاة وعبدالوهاب وأغنية كتبها الشاعر بدم الغزال»، والمنشور فى أخبار اليوم، 10 إبريل، مثل هذا اليوم، 1965.
 
بدأ التعاون بين الثلاثى «نزار ونجاة وعبدالوهاب» بقصيدة «أيظن» عام 1960 ولاقت نجاحا هائلا، جعل نزار يتساءل فى رسالته إلى نجاة، قائلا: «صدقينى يا نجاة، أننى لم أعد أفهم شيئا.. فهل يزعج الناس أن تتفوقى من جديد كما تفوقتى فى «أيظن» بشكل لا مثيل له؟.. ثم لماذا يحقد الناس على الجمال ويحاولون قتله، إن الجمال يستحق العبادة لا القتل».
 
يؤكد البندارى، أن الشهور والأسابيع مضت بطيئة على نزار، الذى انتقل من الصين إلى إسبانيا وفى عاصمتها مدريد حتى قدمت نجاة الأغنية فى إبريل 1965 فى حفل أضواء المدينة، التى يقيمها المذيع جلال معوض، ويكشف كيف مضت الفترة التى استغرقها عبدالوهاب فى اللحن، وكيف أدار مناقشاته مع نجاة.
يذكر: «كانت نجاة وعبدالوهاب يتشاوران ليلا ونهارا فى أمر هذه القصيدة، كان فى رأى نجاة أن تغنيها فورا بعد قصيدة «أيظن»، وكان رأى عبدالوهاب ألا تغنى قصيدتين واحدة بعد أخرى، فقدم لها لحن «ساكن قصادى»، ثم قصة «لا تكذبى» ثم أغنية «شكل تانى»، وقالت نجاة للبندارى عنها: «أحسست وأنا أغنيها، أننى أغنى آخر أغنية فى عمرى، ولا أدرى بعدها ماذا يمكن أن أقدم للناس؟»، وتصف شعر نزار، قائلة:  «رقيق كالزهور، واقعى كالصور الفوتوغرافية، ينطلق لتغنى به المرأة فى القاهرة وبغداد ودمشق ومدريد وبكين وكل مدن العالم.. نزار هو الشاعر الوحيد الذى يستطيع أن ينفذ إلى قلب المرأة ثم ينطق بأحاسيسها ومشاعرها وعواطفها».
 
انتهى عبدالوهاب من تلحين «ماذا أقول له؟» ينتقل بين مقاطعها بعذوبة، وشجن، وجمال وتعبير، وغنت نجاة أحسن ما يكون:  «غدا إذا جاء أعطيه رسائله/ ونطعم النار أحلى ما كتبناه/ حبيبتى هل أنا حقا حبيبته/ وهل أصدق بعد الهجر دعواه/ أما انتهت من سنين قصتى معه/ ألم تمت فى خيوط الشمس ذكراه/ أما كسرنا كؤوس الحب من زمن/ فكيف نبكى على كأس كسرناه/ رباه أشياؤه الصغرى تعذبنى/ فكيف أنجو من الأشياء رباه/ هنا جريدته فى الركن مهملة/ هنا كتاب كنا قرأناه/ على المقاعد بعض من سجائره/ وفى الزوايا بقايا من بقاياه»، علقت نجاة:  «موسيقى عبدالوهاب لهذه الأغنية تصوير لكل كلمة وكل معنى، وهذه الأغنية هى أخت أغنية «أيظن» المتطورة، ولا أستطيع أن أقول عن اللحن أكثر من أنه شىء جديد على الأذن».
 
يلتقط البندارى إحدى المحطات الملتهبة فى سيرة نزار الشعرية، قائلا:  «منذ سنوات طويلة كتب نزار قصيدة ما كادت تنتشر على الناس حتى أحدثت انفجارا كبيرا فى البرلمان السورى، هاجم فيها الفساد فى المجتمع هناك، وطالب بعض أعضاء البرلمان بفصله وحبسه، ولكن أحد الوزراء وقف ليلقى بيانا يقول فيه إن الشاعر لم يكتب هذه القصيدة بوصفه موظفا، وإنما باعتباره مواطنا وفنانا، ومن حق كل فنان أن يتناول المجتمع الذى يعيش فيه».. يومها قال نزار: إن النار التى أوقدتها هذه القصيدة كانت شيئا لم يعرفه تاريخ النار ولا تاريخ القصائد، ولقد قيل فى القصيدة أشياء كثيرة، وقيل فى صاحبها أشياء أكثر، وتجمع حولها طوفان من القول والنقد طغى على كثير من الحوادث السياسية المهمة التى وافقت ظهور القصيدة».
 
يضيف البندارى: «عندما أعاد نزار نشر القصيدة فى ديوان «قصائد»، كتب يقول: «هذه هى القصيدة صاحبة النار والدخان، أعيد نشرها لأولئك الذين لم يدركوا أن وظيفة الفن هى تسليط النور على المشكلة، وفتح الستائر عن المأساة دون التدخل فى التفاصيل والحلول.. هذه القصيدة كتبتها فى سبيل شرق أجمل وأفضل، شرق يرمى بخوره وتعاويذه وقماقمه، وقرقرة نراجيله إلى الشيطان، وينتصب كالمارد فى موكب حضارة مستعجلة لا تنتظر الحالمين».
يقول نزار فى هذه القصيدة: «ما الذى يفعله قرص ضياء/ببلادى وبلاد البسطاء/ ماضغى التبغ وتجار المخدرات/ ما الذى يفعله فينا القمر/ فتضيع الكبرياء/ وتعيش تستجدى السماء/ ما الذى عند السماء/ لكسالى ضعفاء/ يستحيلون إلى موتى إذا عاش القمر/ ويهزون قبور الأولياء».






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة