في رحاب أروقة الجامع الأزهر وبين جدرانه العتيقة وتحت مآذنه السامقة، التف الطلاب الوافدون في حلقات متجاورة ومنتظمة يتلون كتاب الله ويتدارسونه، يمسك كل واحد بمصحفه ويرتل من القرآن ما هو شفاء للناس ورحمة للمؤمنين، ويقضون وقتهم في ذكر الله وقراءة القرآن قبل ساعات من الإفطار.
يقول الطالب عبد الأنيس عبد الرحمن، من دولة الهند، ويدرس بالفرقة الأولى كلية العلوم الإسلامية للوافدين جامعة الأزهر، إنه جاء من بلدة «مليار» بولاية «كيرالا» الهندية، حيث الكثير من علماء بلده تخرجوا في الأزهر، وقد جاء ليدرس الفقه العام بالأزهر ليعود إلى بلاده مع إخوانه من طلاب الهند محملين بالمنهج الأزهري والعلم النافع ويكونوا عونًا لخدمة مجتمعهم ونشر الفكر المعتدل ورسالة الإسلام السمحة، وهم يأتون إلى الجامع الأزهر كل يوم حيث راحة النفس والقلب.
أما الطالب عبد المغني مختار، الطالب بالفرقة الثالثة بكلية أصول الدين جامعة الأزهر، فجاء من بلدة مكاسر بمدينة سولاويسي إندونيسيا، وهي بلدة العالم الجليل الدكتور قريشي شهاب، عضو مجلس حكماء المسلمين، وأحد العلماء الذين تخرجوا في الأزهر، لذلك يقول الطالب الإندونيسي إنه يأتي مع زملائه إلى الجامع يوميا يصلون العصر والمغرب ويفطرون ثم يصلون العشاء والتراويح وخلال هذا الوقت يقرءُون القرآن ويتدارسونه بينهم، مقدما الشكر مع زملائه لشيخ الأزهر على هذا التقدير الذي يحظون به وهذا الإفطار الجماعي الذي يجمع الوافدين من شتى الدول في رحاب جامعهم الأزهر، ويشعرون أنهم في بلادهم.
وينظم الجامع الأزهر للعام الثاني إفطارًا جماعيًّا بشكل يومي للطلاب الوافدين ضيوف مصر يتضمن 4 آلاف وجبة بإجمالي 120 ألف وجبة خلال الشهر المبارك، ويقوم الطلاب بالتسجيل عبر بوابة الأزهر من أجل معرفة رقم كل طالب حتى يتمكن من إيجاد وجبته في الصف والمكان المحدد في صحن الجامع الأزهر إلى جانب إخوانه من الطلاب الوافدين من أكثر من مئة دولة يدرسون بالأزهر.
الطالب أحمد نور الشيخ محمد الشيخ عبد حرسي، الطالب بمعهد البعوث الإسلامية، من دولة كينيا، يجلس مرتلًا للقرآن مراجعًا لدروسه ويقرأ في المتون، يقول إن برنامجه الرمضاني يقوم على الحضور من التاسعة صباحًا إلى الجامع الأزهر ولا ينصرف إلا بانتهاء التراويح، فهو يقضي يومه كاملا بالجامع يحضر الدروس ويتلقى العلم ويقرأ القرآن، وأن هدفه دراسة العقيدة والفلسفة ليعود إلى بلاده خريجًا من جامعة الأزهر التي لطالما حظيت السمعة الطيبة والشهرة الواسعة في بلاده.
ويحظى الطلاب الوافدون بالأزهر برعاية خاصة من فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، ويفتح مكتبه دائمًا لهم ويذهب إليهم في زيارات متكررة للاطمئنان عليهم وتلبية مطالبهم، وهناك برلمان مخصص للطلاب الوافدين يرعاه فضيلته لتمثيل مختلِف جنسيات هؤلاء الطلاب الذين يقرب عددهم من 50 ألف طالب، من حوالي 120 دولة.
ويباشر الجامع الأزهر خطته العلمية والدعوية لشهر رمضان بتوجيهات ورعاية فضيلة الإمام الأكبر، والتي تتضمن: (260 مقرأة- 52 ملتقى بعد الظهر- 26 ملتقى بعد العصر- صلاة التراويح بالجامع الأزهر ومسجد مدينة البعوث الإسلامية 20 ركعة يوميا بالقراءات العشر- 30 درسًا مع التراويح- صلاة التهجد بالجامع الأزهر ومسجد مدينة البعوث في العشر الأواخر- تنظيم 6 احتفالات متعلقة بمناسبات الشهر الكريم- 4000 وجبة إفطار يوميًّا للطلاب الوافدين).
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة