قالت الكاتبة والمترجمة أميرة بدوى، أنجبت ابنتي، رغد، وأنا أحمل على ظهرى ثمانية عشر عامًا. كنت امرأة هزيلة، حلمها الطازج صار مستحيلًا. رأيت ابنتى قبل أن أنجبها بسنوات، تمسك يدى برفق، وهناك طريق ممتد أمامنا. طريق امتلأ بعد ذلك بالأحلام، التى كانت مستحيلة أيضًا.
وأضافت أميرة بدوى خلال تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" احتفالا بعيد الأم: أنجبت آدم من زوج آخر، وأنا فى السادسة والعشرين. رأيته أيضًا قبل أن أنجبه بشهور... لم أكن، ككل الأمهات، أفتح عينى على وجه طفليّ. عاشت رغد لسنوات بعيدة عني. كل صباح أشعر بأننى أمشى على صراط أبدي، حافية، هزيلة، والصراط ممتد بين جنتين، أو نارين. ومرت السنوات، والحلم المستحيل أصبح ممكنًا أخيرًا. وأمسيت أنام كل ليلة، أنظر إلى الليل الممتد فوق جبيني، وأعشّم نفسى بأننى سأصحو على وجه طفليّ.
وتابعت أميرة بدوى: لكن الأيام تمضي، والأطفال يكبرون. يعيش طفلى تجارب جديدة كل يوم. تحملنى رغد فى قلبها، وتقول إنها تذكر حضنى عندما تحزن لتعبر معى الطريق إلى الجهة الأخرى، وتذكر وجهى فرحًا فخورًا عندما تحقق إنجازًا استثنائيًا بالنسبة لها. أما آدم، ابن الخمس سنوات، فيقول إنى رائحة جميلة يحملها دائما فى قلبه.
وأوضحت أميرة بدوى أنها لهذه الأسباب، وحدها، أعتقد، أننى ما زلت على قيد الحياة إلى الآن. أعترف أننى لا أجلس فى البيت وحيدة فى غير وجودهما. أخرج أيضًا، أودع بيتنا، وأبحث عن وطن جديد فى الشوارع، ربما أجد كلبًا وحيدًا مثلي، أحكى له عن طفليّ، ضحكاتهما، لعبهما، مخاوفهما، أو حتى خلافاتنا ونقاشاتنا. أحكى له عن شخصية لوفى ملك القراصنة، وعن سبايدر مان الذى يشبه آدم. يشاهد معى مقاطع الفيديو التى أسجلها لهما باستمرار، وربما يحكِ لى أيضًا، والليل يسمعنا، بقلب دافئ.
وقالت أميرة بدوى أؤمن بأننى سأموت. خفت، لأيام، أن أموت قبل أن أكتب، ما أردت كتابته. وخفت أن أترك طفلى لهذا الليل. كل يوم أفكر فى الإرث الذى سأتركه لهما. أفكر ألف مرة فى كل فكرة تأتيني، وأقول لنفسي، لابد أن أترك لهما إرثًا أدبيًا مميزًا. لكن الاكتئاب الذى التهمنى أعوامًا، زيّن الموت فى عينّي، وكاد أن يقنعني، لولا كلمات طفليّ، ودموع أمى التي، بتعبير محمود درويش، أخجل منها إن مت.
وتابعت أميرة بدوى قبل يومين، جلست مع فنان أحبه. شكرته على دعمه المستمر لي. فقال لى لا تشكريني. أنا أؤمن بأننى إذا مت، لن تتركى ابنى وحيدًا. أنا، يا أميرة، لن أورث ابنى نقودًا، سأورثه أناسًا، وسيرة طيبة.
آمنت بما قاله صديقي. وأعترف، أننى سأقضى ما تبقى من حياتى لتحقيق أحلامي، وسأعشم نفسى كل ليلة، بأن طفلى قادران على تحقيق أحلامهما كذلك، والليل على ما أقول شهيد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة