سعيد الشحات يكتب فى ذكرى رحيل سيدة الغناء العربى: كيف عبر الناس عن أحزانهم على أم كلثوم فى صفحات وفيات الأهرام؟.. شارك فى تشييع جنازتها نحو مليون مواطن.. والرئيس الراحل السادات تلقى برقيات عزاء من رؤساء عرب

السبت، 04 فبراير 2023 02:29 م
سعيد الشحات يكتب فى ذكرى رحيل سيدة الغناء العربى: كيف عبر الناس عن أحزانهم على أم كلثوم فى صفحات وفيات الأهرام؟.. شارك فى تشييع جنازتها نحو مليون مواطن.. والرئيس الراحل السادات تلقى برقيات عزاء من رؤساء عرب سيدة الغناء العربى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كانت الساعة الرابعة والنصف، بعد عصر 3 فبراير 1975 حين توقف قلب سيدة الغناء العربى أم كلثوم، لتصعد روحها إلى بارئها، تاركة إرثا عظيما من الغناء وحزنا مقيما فى قلوب الملايين من المحيط إلى الخليج العربى، وإذا كان الحديث لم ينقطع قبل رحيلها وبعده عما قدمته من عطاء فنى وإنسانى ووطنى وقومى استثنائى، فإننى أتناولها هذه المرة بقراءة ما ذكره الناعون لها على صفحات الوفيات بجريدة الأهرام بدءًا من اليوم التالى لوفاتها «4 فبراير 1975» إلى أن وجهت أسرتها الشكر للجميع يوم 9 فبراير.


ام كلثوم والشيخ زايد
ام كلثوم والشيخ زايد
 
خصصت الأهرام يوم 4 فبراير 1947، الصفحة التاسعة للوفيات، وعلى العمودين الثالث والرابع بطول نصف الصفحة نشر الناعون كلماتهم الحزينة، وتصدر إعلان أو نعى الأسرة المساحة الأكبر، واستهل بتعريفها بألقابها التى حصلت عليها طوال مسيرتها، كما نعرف الشبكة العائلية لها من خلال أسماء المذكورين فى النعى الذى يبدأ نصا: «فى رحاب الله.. فقيدة مصر والوطن العربى.. كوكب الشرق.. فنانة الشعب.. سيدة الغناء العربى.. صاحبة العصمة السيدة أم كلثوم».
 
يذكر النعى جانبًا من الشبكة العائلية لأم كلثوم، قائلًا: «حرم الدكتور حسن الحفناوى، وشقيقة كل من المرحوم خالد إبراهيم ووالدة الدسوقى إبراهيم الدسوقى، والمهندس محمد الدسوقى وممدوح الدسوقى ورفعت الدسوقى، وحرم وجدان طاهر وحرم المرحوم على الكاشف وعمة وخالة صلاح خالد وإبراهيم خالد وسمير خالد وعدلى خالد وحرم المرحوم عبدالباعث الدسوقى، وحرم محمد الحديدى وحرم ممدوح الدسوقى وحرم المقدم خالد عبدالنبى وحرم المهندس سيد موافى، وخالة وعمة والد ووالدة كل من عمرو الدسوقى وحرمه ووجدى طاهر وحرمه وإبراهيم عبدالمنعم ومدحت الدسوقى، وأحمد وجدان والنقيب ماهر الكاشف والدكتور معتز عبدالباعث، وعزة عبدالباعث ومحسن الحديدى وأخوته، وقريبة ونسيبة عائلات البقرى وعابد والكاشف وطاهر وأحمد فؤاد ومحيى الدين عبدالله وحسن السيد».
 
الملاحظ فى إعلان أو نعى الأسرة، أنه لم يذكر والد ووالدة أم كلثوم، ولا اسم قريتها «طماى الزهايرة» مركز السنبلاوين، محافظة الدقهلية، ولم يمد شبكتها العائلية إلى أبناء عمومة أو أخوال أو آخرين من أقارب الدرجة الأولى التى تزخر بها مثل هذه الحالات عند الآخرين، كما تجاهل ذكر موطن العائلات التى تمت لها بصلة قرابة ونسب.

ام كلثوم
ام كلثوم
 
نقطة أخرى تجاهلها النعى، وهى ذكر لقب «سيدة مصر الأولى» الذى حازت عليه أيام الرئيس جمال عبدالناصر، بما يبدو أن له علاقة بأن هذا اللقب انتقل إلى زوجة الرئيس السادات السيدة جيهان، أما الألقاب المذكورة فلكل منها قصة تعكس طبيعة عصر كل لقب، وإذا كان لقبا «فنانة الشعب» و«سيدة الغناء العربى»، عبرا عن توجهات الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى الشعبية، والعروبية، فإن لقب «كوكب الشرق»، يعود إلى ظروف تذكرها الكاتبة الصحفية زينب عبداللاه فى مقالها «47 عاما على وفاة أم كلثوم، اليوم السابع، 3 فبراير 2022، قائلة، إن «الآنسة» أم كلثوم ووفقا لمؤرخين زارت القدس عام 1928 وغنت على مسرح «عدن» أمام جمهور غفير من عشاق الطرب والشعر العربى القديم، وتم الإعلان عن حضورها يسبقها لقب «فاتنة الجماهير ومطربة الشرق الوحيدة»، ثم انطلقت إلى حيفا عبر القطار لتحيى حفلتين، الأولى فى شارع الملوك والثانية على مسرح الانشراح الذى صعدت عليه سيدة حيفاوية تدعى أم فؤاد وقالت لأم كلثوم: «أنت كوكب الشرق بأكمله»، لكن «عبداللاه» تنقل رواية أخرى، وهى «أن «أم فؤاد» أطلقت هذا اللقب على أم كلثوم فى زياراتها لفلسطين عام 1946، بعد أن غنت أغنية «أفديه إن حفظ الهوى».

حسن الحفناوى (1)
 
 
أما لقب «صاحبة العصمة» فكان أثناء حفلها بالنادى الأهلى يوم 17 سبتمبر 1944، وفاجأها الملك فاروق بحضوره، ويذكر مستشاره كريم ثابت فى الجزء الثانى من مذكراته «ملك النهاية.. فاروق كما عرفته»، أنه بعد انتهائها من الغناء، استدعاها الملك ليصافحها، فقبلت يديه، وأبلغها أحمد حسنين باشا، رئيس الديوان، بأن الملك أنعم عليها بالنيشان الملكى، وصعد مصطفى أمين إلى الميكروفون ليذيع نبأ منحها «النيشان» قائلا: «منح الملك المحبوب فاروق الديمقراطى حفظه الله نيشان الكمال إلى الآنسة أم كلثوم».
 
تحت نعى الأسرة مباشرة نقرأ على العمود الثالث نعى الدكتور عبدالعزيز كامل نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الدينية، ووزير الأوقاف، ويقدمه باسمه وباسم العاملين فى الوزارة، ويغلب عليه طابعًا دينيًا كوزارته، قائلًا: «الصوت الذى طالما ترنم بحب الله وبيته، ورسوله ودينه، والقلب الذى عاش حياته حبًا للأهل والوطن والعروبة والإسلام والإنسانية وعمل الخير والمساهمة فيه، جزاها الله عما بلغت خير الجزاء».
 
بجوار نعى عبدالعزيز كامل، وعلى العمود الرابع نقرأ نعيًا أقرب إلى المقال من الاتحاد الاشتراكى وهو التنظيم السياسى الشعبى الرسمى وقتئذ، واستهل بالقول «إنه تأبين من الدكتور محمد حافظ غانم الأمين الأول للجنة المركزية والأمانة العامة للاتحاد الاشتراكى العربى».
 
يضيف: «قال تعالى: «وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابًا مؤجلًا»، هكذا جنى الموت على فنانة غالية على ملايين المصريين والعرب، بطلة عظيمة عاشت طوال حياتها تعتز بفنها وأمتها العربية، فاعتز بها الفن، واعتزت بها الأمة، فنانة أعطتنا تراثًا فى حياتها، وأبقت لنا تراثًا بعد وفاتها، وإذا كانت أمة العرب تشيع اليوم سيدة الغناء العربى السيدة أم كلثوم، فإن لهذه الأمة عزاء فى ذلك العطاء الضخم الذى قدمته لها بغير حساب ليبقى فى سجل فنانى العرب مثلًا وقدوة لأجيال، إن المحافظة على الإنتاج الفنى الرائع وعلى التراث الأدبى الخالد الذى تركته فنانة العرب هو مسؤولية قومية، تتحمل أمانتها المؤسسات التنفيذية والشعبية فى مصر اعترافًا بفضلها ومحافظة على استمرار حضارتنا الأصيلة والعريقة والمتجددة دومًا، إن جماهير شعبنا تسأل الفقيدة العظيمة الجنة، ولعائلتها الكريمة خالص العزاء».


ناصر

 
 فى نفس الصفحة كان هناك نعى قصير على خمسة أسطر، ولا يزيد عن 16 كلمة، ويشير نصه إلى أنه يخفى أسرارًا تفوح منها رائحة عطاء أم كلثوم فى صمت.. يقول النعى نصًا: «اعترافًا بالجميل.. تنعى جمعية أصدقاء مصحات الدرن بالإسكندرية الفنانة العظيمة صاحبة القلب الكبير السيدة أم كلثوم».
 
أما باقى النعاة فمنهم مواطنون من محافظات مختلفة، على محمد الجندى وحرمه من المحلة الكبرى، وأحمد العراقى البدراوى والعائلة بالمنصورة، والسيدة محاسن الشيخ و«تنعى بقلب حزين الإنسانة العظيمة أم كلثوم»، ومنهم كيانات مثل كورال أوبرا القاهرة، وأسرة مصنع الشرق للكاوتشوك، وفندق شيراتون القاهرة، وأمانة المرأة باللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى التى وصفتها بأنها «علم من أعلام الفن الرفيع الأصيل، وجامعة القلوب والمشاعر بأناشيدها الوطنية، ومظهرمن مظاهر الوحدة العربية، ومثل أعلى للمرأة العربية، والعريقة فى فنها ومظهرها ووقارها».
 
فى 5 فبراير كان تشييع جنازتها بمشاركة نحو مليون مواطن، وعلى الصعيد الرسمى تذكر الأهرام، أن الرئيس السادات تلقى برقيات عزاء من الرئيس السورى حافظ الأسد، والتونسى الحبيب بورقيبة، وفى هذا اليوم تزايد عدد الناعين بحيث شغلوا أربعة أعمدة كاملة ونصف تقريبًا من الصفحة الثامنة بالأهرام، وشملوا وزارات «وزارة الشؤون الاجتماعية»، ووزير التربية والتعليم الدكتور مصطفى كمال حلمى، ومحافظات، ومؤسسات، مثل قناة السويس، والمعهد العالى للتربية الموسيقية، وبنوك وشركات مثل المقاولون العرب، وصوت الفن، وإيران ناشيونال، وفايزر للأدوية، ومصر لتجارة السيارات، ونقابات، مثل المهن التمثيلية والعمال، وهيئات شعبية، مثل وحدات الاتحاد الاشتراكى فى أكثر من مكان، وجمعية التجمع الوطنى لأعمال الخير وكانت هى رئيستها، وأفراد أبرزهم الدكتور محمد الظواهرى أستاذ أمراض الجلدية الشهير الذى يعزى زميله فى نفس التخصص وزوجها الدكتور محمد حسن الحفناوى.
 
والملاحظ فى أن ثلاثة فنانين فقط نعوها يوم 5 فبراير، هم الفنانة سلوى لبيب، والموسيقى النوبى على كوبان، المخرج والمنتج حلمى رفلة الذى خصها بكلمات حزينة: «الكلمات عاجزة، والقلوب دامية، والألم عظيم، والمرارة لا تحتمل، لا أعرف إلى من أنعيك»، كما يلاحظ أن الغالبية العظمى استخدم فى تعريفها ألقاب «فنانة الشعب» و«سيدة الغناء العربى»، و«كوكب الشرق»، فى حين استخدم نعيان فقط لقب «صاحبة العصمة» وهما للدكتور محمد عوض كامل وحرمه، ونعى باسم إيمان وعلاء محمد عوض كامل.
 
 فى يوم 6 فبراير، خصصت الأهرام الصفحة العاشرة للوفيات، وعلى أربعة أعمدة كاملة تنوع الناعون، بين وزارات كوزارتى التموين والسياحة، ونقابات ومؤسسات وشركات وهيئات وأفراد، وكان نعى «جمعية رعاية الأحداث»، ونصه: «دمعة وأسى ووفاء من عضوات وأبناء جمعية رعاية الأحداث على السيدة المؤمنة أم كلثوم راعية الجمعية والعضو المؤسس من ثلاثين سنة، وتمنت الجمعية أن تحضر معها حفل افتتاح وحدة السيدة أم كلثوم للرعاية الاجتماعية».. وكان اتحاد كرة القدم من بين الناعين، وكذلك النادى الأهلى الذى خصها بالقول: «سيدة الغناء العربى، وزعيمة الفن الأصيل، ويذكر لها دائمًا صلتها الوثيقة بالنادى الذى أثرته منذ زمن طويل، بشدوها الرائع، حيث بدأت فيه إقامة حفلاتها الأولى وظلت وفية محبة له».. وكان من الملاحظ فى هذا اليوم أن ثلاثة فنانين فقط شاركوا بالنعى فى صفحة الأهرام، وهم «فؤاد المهندس وزوجته شويكار والفنان محمد عوض».
 
فى 7 فبراير، لا يوجد أى نعى فى الأهرام، ويعود يوم 8 فبراير على مساحة عمود ونصف عمود بالصفحة العاشرة، وفى 9 فبراير وعلى الصفحة التاسعة لأهرام، تتوجه أسرة أم كلثوم بشكرها إلى الشعب المصرى العظيم، والرئيس السادات والرؤساء والملوك العرب، والوفود الشعبية العربية والأجنبية، والملاحظ أن هذا الشكر المنشور باسم الأسرة اكتفى بتعريفها بلقب واحد هو «صاحبة العصمة»، فهل رأت الأسرة أن هذا اللقب هو أفضل ألقابها؟


 
 

 

 

 

 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة