وذكرت الصحيفة (في سياق تقرير نشرته عبر موقعها الإلكتروني ) أن السلطات الأمريكية أبلغت، في الأشهر الاثني عشر المنتهية في نهاية سبتمبر الماضي، عن رقم قياسي بلغ 2.5 مليون "مواجهة" على الحدود المكسيكية. ويشمل هذا الرقم – ارتفاعًا من 2.4 مليون في العام السابق و1.7 مليون في 2021 – مع المهاجرين الذين يقتربون من ميناء الدخول لطلب اللجوء وكذلك أولئك المحتجزين بعد عبور حدود غير مصرح لهم.


وروت الصحيفة قصة ماريا وعائلتها الذين أمضوا ثمانية أشهر للوصول إلى نيويورك بعد مغادرة منزلهم في بلدة باركيسيميتو في فنزويلا، وهي رحلة شاقة مات خلالها العديد من زملائها المسافرين. وقالت ماريا وهي أم لأربعة أطفال بالغة من العمر 33 عاماً، بينما كانت تقف خارج منزلها المؤقت في فندق روزفلت بوسط مانهاتن، وهو المنشأة الرئيسية لاستقبال الوافدين الجدد في المدينة: "كان الأمر خطيراً، خطيراً للغاية". "لكن الحقيقة هي أنه كان علينا المغادرة".


وعلقت الصحيفة على قولها هذا بإنه يمثل لازمة شائعة بين آلاف الأشخاص الذين يصلون يوميا إلى الحدود الجنوبية لأمريكا، فارين من الاضطهاد أو يبحثون ببساطة عن حياة أفضل في بلد ارتبطت هويته منذ فترة طويلة بالهجرة. لكن العدد غير المسبوق من الأشخاص الذين يعبرون إلى الولايات المتحدة اليوم أدى إلى اضطرابات سياسية وطنية تركت تداعيات بعيدة المدى.


وأضافت الصحيفة أن الأعداد المتزايدة للمهاجرين أثارت صراعا سياسيا بشأن سياسة الهجرة في واشنطن حيث يتهم الجمهوريون الرئيس جو بايدن بالفشل في مراقبة الحدود التي يبلغ طولها حوالي 2000 ميل بينما اعتبر الديمقراطيون أن خصومهم يستخدمون القضية كسلاح لتحقيق مكاسب سياسية من خلال إثارة الخوف بين الناخبين.


وتابعت أن هذه القضية أصابت الكونجرس بالشلل حيث عرقلت مطالب الجمهوريين جهود بايدن لإقناع المشرعين بتمرير حزمة المساعدات الخارجية التي تتضمن مليارات الدولارات لدعم أوكرانيا وإسرائيل، بالإضافة إلى المليارات لتعزيز الموظفين والموارد على الحدود، وربطوها بتقييد سياسات اللجوء والإفراج المشروط.


وقالت دوريس ميسنر، وهي زميلة بارزة في معهد سياسات الهجرة في واشنطن، في تصريح خاص للصحيفة:" توجد في قلب الأمر وجهتي نظر متعارضتين بشكل أساسي بشأن الهجرة واللجوء"، وأضافت:" يحاول الديمقراطيون اكتشاف طرق لإنشاء طرق قانونية للدخول إلى البلاد". " وما يقوله الجمهوريون هو: لا نريد أن يدخل هؤلاء الأشخاص".


وأكدت "فاينانشيال تايمز " أن الارتفاع الكبير في أعداد المهاجرين الذين يصلون إلى الحدود الجنوبية للولايات المتحدة يرجع جزئيا إلى عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في جميع أنحاء العالم؛ حيث ارتفع عدد اللاجئين وطالبي اللجوء في جميع أنحاء العالم إلى 43 مليونًا في منتصف عام 2023 من 30 مليونًا في عام 2019، وفقًا لبيانات المفوضية الأوروبية.


واعتبرت أن هذا الأمر انعكس في تركيبة المهاجرين الذين يصلون إلى الولايات المتحدة؛ فمنذ عام 2020، جاءت أعداد متزايدة من أماكن مثل الهند والصين، بالإضافة إلى تلك القادمة من أمريكا الوسطى والجنوبية المجاورة.

مع ذلك، قام بايدن أيضًا بنقل السياسة بعيدًا عن الموقف الصارم المناهض للمهاجرين الذي تبناه سلفه دونالد ترامب، ووسع بشكل كبير سياسات اللجوء والإفراج المشروط باعتبارها إنسانية وسمح لمئات الآلاف من المهاجرين بالعيش والعمل في الولايات المتحدة. وقد أثار هذا النهج الأكثر ليونة تجاه الحدود رد فعل عنيفًا من كل من الولايات الجنوبية والمشرعين الجمهوريين. في حين أبدى بايدن استعداده لتقديم التنازلات، لكنه يخاطر بالإضرار بمكانته بين الناخبين الديمقراطيين التقدميين من خلال القيام بذلك.. حسبما اعتبرت الصحيفة.