الدبلوماسية أداة مصر لخدمة البعد الإنساني في غزة.. القاهرة توظف نفوذها لإجبار الاحتلال على تمرير المساعدات.. عبور الأجانب ورقتها لحشد الضغوط على إسرائيل.. واقتحمت تل أبيب عبر ملف الأسرى لتحقيق الهدنة

الثلاثاء، 26 ديسمبر 2023 02:30 م
الدبلوماسية أداة مصر لخدمة البعد الإنساني في غزة.. القاهرة توظف نفوذها لإجبار الاحتلال على تمرير المساعدات.. عبور الأجانب ورقتها لحشد الضغوط على إسرائيل.. واقتحمت تل أبيب عبر ملف الأسرى لتحقيق الهدنة معبر رفح
بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

مسارات متعددة، اعتمدتها الدبلوماسية المصرية في نهجها في التعامل مع العدوان الوحشي الذي أطلقه الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، منذ أكثر من 80 يوما، أبرزها البعد الدولي، عبر تحقيق توافق عالمي حول العديد من الثوابت المرتبطة بالقضية الفلسطينية، وآخر إقليمي، من خلال حشد إجماع إقليمي داعم لفلسطين، وفي القلب منها غزة، بينما كان هناك كذلك بعدا إنسانيا، ارتبط بصورة مباشرة وغير مباشرة بالبعدين سالفي الذكر، وهو ما يعكس نجاعة القيادة السياسية في مصر، في التحول بين مختلف الملفات المرتبطة بالقضية، والتي أصبحت بمثابة أولوية قصوى على الأجندة الدولية في اللحظة الراهنة، بفضل الجهود الكبيرة التي بذلتها مصر، خاصة فيما يتعلق بتحويل بوصلة العالم من مجرد الدائرة الضيقة التي سعت إسرائيل إلى دفع الدول للدوران حولها، والمرتبطة بغزة والتهديد القادم منها، نحو رؤية أوسع نطاقا، تقوم على فحص القضية برمتها، بدءً من انتهاكات الماضي، مرورا بما يرتكب في الحاضر، وحتى التطلع إلى المستقبل.

وارتباط البعد الإنساني بالجانبين الدولي والإقليمي، في مسارات الدبلوماسية المصرية، يمثل انعكاسا صريحا للتحركات التي تبنتها الدولة منذ اللحظة الأولى لاندلاع العدوان، وهو ما يبدو في خطاب مصري رشيق، اتسم بالنزاهة المطلقة، عبر التأكيد على رفض استهداف المدنيين من كافة الأطراف، لما يحمله هذا النهج من انتهاك صريح لمبادئ القانون الدولي الإنساني، بينما أصرت في اللحظة نفسها على دخول المساعدات للقطاع، رغم تعنت الاحتلال، لتدخل أول قافلة للمساعدات تزامنا مع انطلاق قمة القاهرة للسلام، في انعكاس لتوظيف أدوات مصر الدبلوماسية في خدمة الأهداف الإنسانية، وهو ما بدا في تحقيق توافق عالمي حول محورية ملف المساعدات، بل ودفع الدول الغربية، رغم مواقفهم الداعمة لإسرائيل، نحو تقديم مساعدات للقطاع وسكانه مما يمثل ضغطا إضافيا على الاحتلال، في هذا الملف.

إلا أن البعد الإنساني، ربما لا يقتصر على ملف المساعدات، رغم ما يحمله من تعقيدات على خلفية التعنت الإسرائيلي في هذا الإطار، وإنما امتد إلى العديد من الأبعاد الأخرى، منها توظيف الدبلوماسية لممارسة أكبر قدر من الضغوط على الاحتلال للتوقف عن قصف المستشفيات، من خلال الربط بينه وبين مرور الأجانب العالقين في غزة إلى الأراضي المصرية، تمهيدا لإعادتهم إلى بلادهم، بالإضافة إلى وجود عدد من الأسرى المحتجزين من مزدوجي الجنسية، وهو ما ساهم في تنويع مصادر الضغط على الدولة العبرية، بحيث لا تقتصر على القوى الإقليمية الداعمة للحق الفلسطيني، وإنما لتمتد لتشمل دولا أخرى، تعاني حكوماتها من ضغوط كبيرة من قبل أسر العالقين من أجل التحرك لإنقاذ ذويهم من نيران الاحتلال التي باتت تأكل الأخضر واليابس، لتحرق آلاف الشيوخ والعجائز والأطفال والنساء دون رحمة.

والتحركات المصرية لم تقتصر عند هذا الحد، وإنما حرصت على استقبال المصابين الفلسطينيين على أراضيها لتلقى العلاج، بينما رفعت أقصى درجات الاستعداد، في المستشفيات المصرية بمدينة العريش، لتقديم أفضل خدمة ممكنة لهم، وهو ما يمثل انعكاسا صريحا لأولوية الجانب الإنساني في الدور الذي تلعبه مصر لإنهاء العدوان على القطاع.

ولم يقتصر الضغط الدبلوماسي المصري لخدمة البعد الإنساني في قطاع غزة، على مجرد حشد القوى الدولية، وإنما امتد نحو الداخل الإسرائيلي نفسه، عبر تقديم نفسها باعتبارها القوى الوحيدة القادرة على التحرك فيما يتعلق بملف الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى الفصائل الفلسطينية، وهو ما أدركه ذويهم في تل أبيب، والذين احتشدوا أمام السفارة المصرية هناك للمطالبة بدور مصري من شأنه إنهاء الأزمة، وهو ما ساهم بصورة كبيرة في إجبار دولة الاحتلال على القبول بالهدنة الأولى، والتي استمرت لأسبوع، قبل أن تعود الحكومة الإسرائيلية مجددا للقصف الوحشي، لإنقاذ نفسها من مقصلة الإقالة، حال توقف القتال، وحماية مسؤوليها، وعلى رأسهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من المحاكمة، جراء تورطه في العديد من القضايا، والتي يبدو مصيره بها معلقا باستمرار الحرب.

وتعد الجهود المصرية الراهنة لتحقيق وقف إطلاق النار، بمثابة بعدا أخر، لخدمة الجانب الإنساني في غزة، عبر توظيف الدبلوماسية المصرية، أحد أهم مراحل الإدارة المصرية للأزمة في قطاع غزة، عبر العودة لتبادل الأسرى مجددا، خلال هدنة أطول زمنيا، ويمكن من خلالها توسيع نطاق التفاوض، وصولا إلى وقف كامل وشامل للعمليات القتالية، وهو ما يمثل انعكاسا صريحا لحرص الدولة على وضع كلمة النهاية للعدوان على غزة، في أقرب وقت ممكن

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة