تحولات فى مواقف العالم تجاه أزمة غزة بفضل الدبلوماسية المصرية.. مصر تنتقل من التوافق حول ثوابت فلسطين إلى "شبه إجماع" حول وقف إطلاق النار.. و3 مشاهد دولية تعكس انتصار رؤية القاهرة وتثبت فشل "الرعاية" الأحادية

الإثنين، 25 ديسمبر 2023 03:00 م
تحولات فى مواقف العالم تجاه أزمة غزة بفضل الدبلوماسية المصرية.. مصر تنتقل من التوافق حول ثوابت فلسطين إلى "شبه إجماع" حول وقف إطلاق النار.. و3 مشاهد دولية تعكس انتصار رؤية القاهرة وتثبت فشل "الرعاية" الأحادية مجلس الأمن الدولى
بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يبدو أن وقف إطلاق النار، هو بمثابة الأولوية القصوى التي تضعها الدولة المصرية على عاتقها في اللحظة الراهنة، لإنهاء العدوان على قطاع غزة، في ظل العديد من المعطيات، أبرزها أن التصعيد المستمر لم يجدى نفعا، سواء فيما يتعلق بأهداف إسرائيل المعلنة، والتي تدور في معظمها حول احتواء الخطر القادم من الفصائل الفلسطينية في غزة، مع استمرار العمليات التي تقوم بها، والتي أسفرت عن مقتل ما يقرب من 500 جندي إسرائيلي، بحسب بيانات الجيش، أو حتى الأهداف الأخرى التي تجلت مع تصاعد الدعوات المشبوهة التي تبناها الاحتلال منذ بداية العدوان، والقائمة في الأساس على تصفية القضية الفلسطينية عبر إخلاء الأرض من أهلها.
 
فلو نظرنا إلى مراحل الصراع، نجد أن ثمة انتقالا بين الأولويات التي تبنتها الدولة المصرية مع كل مرحلة، عبر حشد التوافقات الدولية عليها، والتي نجحت في تجريد الجانب الإسرائيلي مما حظى به من شرعية في اللحظة الأولى من العدوان، بدءً من تقويض دعوات التهجير، خلال قمة القاهرة للسلام، جنبا إلى جنب مع الضغط من أجل تمرير المساعدات الإنسانية لسكان غزة، مرورا بالدعوة العالمية إلى التهدئة، بعدما تذرع حلفاء الدولة العبرية بأحقيتها في "الدفاع عن النفس" لتبرير العدوان الغاشم على القطاع، وصولا إلى الهدنة المؤقتة، لتبادل الأسرى، والتي دامت لأسبوع، في اختراق كبير للموقف الإسرائيلي المتعنت، وحتى التحول إلى وقف إطلاق النار، والذي أصبح بمثابة الشغل الشاغل للقيادة المصرية في اللحظة الراهنة، عبر دبلوماسية "التوافقات" التي تبنتها منذ بداية الأزمة الحالية.
 
الأولويات سالفة الذكر، تعكس قدرة فائقة للدبلوماسية المصرية على التعاطي مع معطيات كل مرحلة من مراحل الصراع، بينما يبقى الانتقال السلس فيما بينها انعكاسا لمرونة الدولة في مجابهة التطورات التي تشهدها القضية، فلو نظرنا إلى البعد الإنساني، نجد أن الدولة انتهجت ثلاثة مسارات، أولها الإصرار على تمرير القوافل الإغاثية، بينما كان الثاني مرتبطا بعلاج الفلسطينيين المصابين على أراضيها، في حين كان المسار الثالث قائما على عبور الأجانب من القطاع إلى أراضيها، تمهيدا لترحيلهم إلى بلدانهم، وهو ما يعكس قدرا كبيرا من النجاعة ليس فقط في مجابهة الاحتلال وذرائعه، وإنما في التعامل الجمعي مع العالم بأسره، وهو ما ساهم إلى حد كبير في تقديم نفسها، ليس فقط كوسيط من أجل الوصول إلى هدنة أو تهدئة عسكرية، وإنما في دور آخر، يتمثل في رعاية القضية الفلسطينية.
 
ولعل الحديث عن القضية الفلسطينية وحمايتها، فقد كان في مقدمة أولويات الدولة المصرية في التعامل مع العدوان الغاشم، خاصة مع محاولات الحكومة الإسرائيلية لاستغلال الزخم الناجم عن "طوفان الأقصى"، وحالة التعاطف الدولي معها، لتقويض الدولة الفلسطينية، عبر حرمانها من مواطنيها، من خلال دعوات التهجير، تارة، والحديث عن فصل القطاع لحرمانها من أرضها، تارة أخرى، حيث تبنت مصر "فقه الأولويات"، في تعاملها مع الدعوات الإسرائيلية المشبوهة، وهو ما بدا في قطع الطريق تماما أمام محاولات التهجير، والحصول على توافق دولي كبير في هذا الإطار، خاصة داخل دول المعسكر الغربي، بينما نجحت في فرض رؤيتها حول شرعية الأراضي الفلسطينية، وفي القلب منها قطاع غزة، بل وإدماج الفصائل في عملية التفاوض حول الأسرى خلال مرحلة الهدنة، وكذلك الاتفاقات المرتبطة بمستقبل العدوان، باعتبارهم مكون رئيسي من مكونات الدولة المنشودة.
 
النهج المصري سالف الذكر، حقق نجاحا كبيرا على مسارين متوازيين أولهما ذات نطاق دولي، بدا واضحا في العديد من المشاهد، أولها تقويض محاولات إسرائيل لتحويل نظر العالم نحو دائرة التهديد القادم من غزة، عبر تقديم صورة أكثر شمولا حول انتهاكات يرتكبها وارتكبها الاحتلال على مدار عقود طويلة من الزمن، ربما كانت السبب الأكبر فيما آلت إليه الأمور من مخاطر، لم ينجو منها الإسرائيليين أنفسهم، وهو الأمر الذي عززته الرؤية التي قدمها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، والذي أكد مسؤولية الاحتلال عما جرى في 7 أكتوبر.
 
بينما يبقى المشهد الآخر، خلال المؤتمر الصحفي، الذي عقده رئيسا وزراء أسبانيا بيدرو سانشيز، وبلجيكا ألكسندر دي كرو، بمعبر رفح، حيث أدانا معا الوحشية الإسرائيلية وسقوط ألاف القتلى في القطاع، بينما أكدا على ضرورة مناقشة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، في حين كان المشهد الثالث داخل أروقة الأمم المتحدة، عندما لم تجد إسرائيل من يدافع عن عدوانها الوحشي، سوى الحليف الأمريكي، والذي وإن كان يمتلك قوة التأثير على القرارات الأممية، بسبب الفيتو، إلا أنه بات في حالة عزلة لا يمكن إنكارها، في ظل موافقة أغلبية كاسحة على وقف الاقتتال، خاصة في ظل تزامنها مع العديد من المستجدات الدولية، التي أثارت خلافات كبيرة بين واشنطن وحلفائها الغربيين في السنوات الأخيرة، لتصبح غزة أحد الفجوات الجديدة في هذا الإطار.
 
وهنا يمكن القول بأن التحولات الكبيرة في مسلسل الأزمة التي تشهدها غزة، منذ 80 يوما، تعكس قدرة فائقة للدبلوماسية المصرية على إقناع العالم، بالحق الفلسطيني، وأنها الدولة القادرة على تحقيق أكبر قدر من الاختراقات التي فشل الرعاية الأحادية في تحقيقها خلال عقود طويلة من الزمن، في ظل حرصها الشديد على التزام أقصى درجات النزاهة في التعامل مع مختلف أطراف الأزمة، إلى الحد الذي ألهم الإسرائيليين أنفسهم، خاصة من ذوى الأسرى، والذين سبق لهم الاحتشاد أمام السفارة المصرية في تل أبيب لمطالبتها للقيام بدور في تحرير ذويهم، وهو ما يعكس ثقة كبيرة من الداخل الإسرائيلي في الدور المصري، على عكس موقفهم من الحكومة الحالية التي فشلت في تحقيق أي إنجاز يذكر.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة