بعد أشهر طويلة ساند فيها الديمقراطيون رئيسهم فى مساعيه لإعادة الترشح لفترة رئاسية ثانية، برغم المخاوف المتعلقة بتقدمه فى العمر وعدم رضا الناخبين عن أدائه الاقتصادى، بدا دعم الحزب لبايدن يتداعى فى الآونة الأخيرة فى ظل تراجعه أمام منافسه المحتمل فى سباق البيت الأبيض دونالد ترامب، ناهيك عن موقفه من إسرائيل الذى تسبب فى انقسامات داخلية.
حيث قالت صحيفة واشنطن بوست إن الديمقراطيين يزدادون قلقا بشأن وضع حملة إعادة انتخاب الرئيس جو بايدن، ويشعرون بمخاوف من أن الرئيس وحملته السياسية يتجاهلون "الإشارات التحذيرية"، ولا يتخذون إجراءات لتصحيح المسار فى ظل اتهامات متزايدة بأن بايدن سيواجه على الأرجح سباقا صعبا ضد الرئيس السابق دونالد ترامب.
وما زاد هذه المخاوف سلسلة استطلاعات الرأى التي أظهرت أن ترامب يتفوق على بايدن فى العديد من الولايات المتأرجحة، وعلى المستوى الوطنى.
ونقلت واشنطن بوست عن السيناتور الديمقراطى ريتشارد بلومينثال، قوله فى مقابلة إنه يشعر بالقلق، وكان قلقا قبل الاستطلاعات الأخيرة، وقلقا بشأن المصداقية التي يبدو أن ترامب يتمتع بها بالرغم من كل الاتهامات التي يواجهها والأكاذيب والمخالفات المذهلة.
ووجدت استطلاعات الرأى التي أجرتها نيويورك تايمز أن بايدن يتخلف عن ترامب فى خمس من ست ولايات رئيسية هي الأكثر تنافسية، وتفوق ترامب على بايدن بفارق 10 نقاط مئوية فى نيفادا ، 6 نقاط فى جورجيا و5 فى أريزونا وميتشيجان، و4 فى بنسلفانيا. بينما تفوق بايدن على ترامب بفارق نقطتين فى ولاية ويسكونسن. وكان بايدن قد هزم ترامب فى الولايات الست، وإن كان بفارق ضئيل للغاية.
ومن بين الأسباب التي تثير قلق حلفاء بايدن هي مؤشرات على تراجع الدعم له بين الناخبين السود، الذين لعبوا دورا حاسما فى انتصاره فى انتخابات 2020.
ونقلت واشنطن بوست عن كليف ألبرايت، المشارك فى تأسيس صندوق أصوات الناخبين السود مهمة إن الناس تسىء بشكل أساسى فهم ما قاله الناخبون السود فى 2020. فعمق التأييد لم يكن موجودا أبدا، والحماس لم يكن قائما أبدا لبايدن ابدا، بل كان هناك براجماتية، وكان السود يعرفون أن بايدن أقل فرصة لهزيمة ترامب.
وتزامنا مع أرقام استطلاعات الرأي السيئة، تزايدت الانتقادات لبايدن من داخل المعسكر الديمقراطى، والتي بلغت دعوة الرئيس صراحة إلى التخلي عن مساعى ترشحه لفترة ثانية.
فقال جيمس كارفيل، المخطط الإستراتيجى الديمقراطى الذى كان شخصية محورية فى فوز بل كلينتون عام 1992، إن الناس تعتقد أن بايدن مسن للغاية وهذا ليس سرا.
بينما قال ديفيد أكسلرود، الخبير الاستراتيجي السابق للرئيس الأسبق باراك أوباما، على منصة X: "سيحدث الكثير في العام المقبل لا يمكن لأحد التنبؤ به، ويقول فريق بايدن إن تصميمه على الترشح ثابت. هذا سوف يرسل هزات من الشك في الحزب. القلق مشروع".
بدوره قال بيل كريستول، مدير منظمة الدفاع عن الديمقراطية معا: "لقد حان الوقت. لقد خدم الرئيس بايدن بلادنا بشكل جيد. أنا واثق من أنه سيفعل ذلك في العام المقبل. ولكن حان الوقت للقيام بالتضحية الشخصية والروح العامة. لقد حان الوقت لتمرير الشعلة إلى الجيل القادم. لقد حان الوقت ليعلن بايدن أنه لن يترشح في عام 2024”.
أما أندرو يانج، الذي خسر أمام بايدن في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي عام 2020، فقال: "إذا تنحى جو بايدن جانبا، فسيُدرج في التاريخ كرجل دولة بارع تغلب على ترامب وحقق الكثير. إذا قرر الترشح مرة أخرى، فقد يصبح ذلك أحد التجاوزات الكبرى على الإطلاق التي توصلنا إلى ولاية ترامب الثانية الكارثية".
كما أن موقف بايدن الأخير من حرب إسرائيل على غزة أثار الانقسامات بشكل واضح داخل المعسكر الديمقراطى، حيث عارض فريق من التقدميين الدعم المطلق الذى أبداه الرئيس للحرب التي تشنها تل أبيب على قطاع غزة منذ شهر. وتجلت حدة الانقسامات عندما خرجت نائبة الكونجرس من اصل فلسطيني رشيدة طليب، فى فيديو، تتهم فيه بايدن بمساعدة الإبادة الجماعية للفلسطينيين.
وكان موقع إكسيوس قد قال فى تقرير له مؤخرا، إنه لم يكن هناك قضية هددت بكسر التحالف الديمقراطى الهش للرئيس جو بايدن مثلما كانت إسرائيل وردها على عملية السابع من أكتوبر.
وأشار الموقع إلى أن الخلافات تتفشى ببطء، وإن كانت بشكل واضح، فى كل أنحاء الحزب الديمقراطى حول دعم بايدن التام لإسرائيل، كما ظهر الأمر بشكل أكبر فى احتجاجات الطلاب أو التصريحات العرضية من قبل بعض المسئولين المنتخبين.
فالديمقراطيون المؤيدون للفلسطينيين غاضبون من ارتفاع عدد الشهداء فى قطاع غزة، وهو الامر الذى أصبح ممكنا بسبب موقف بايدن، فى حين أن بعض اليهود الليبراليين غاضبون من أن العديد من الديمقراطيين التقدميين لم يغضبهم ما أحدث لأقاربهم فى إسرائيل فى عملية طوفان الأقصى، ويهدد بعضهم بترك الحزب.
ويتفاقم التوتر فى إدارة بايدن وحملته السياسية، كما أنها تزداد انقساما. فقد وقع نحو 20% من موظفى اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطى على خطاب يطلب من رئيس اللجنة المطالبة بوقف إطلاق النار. كما أن مسئولا بالشئون الخارجية بوزارة العدل أرسل رسالة بريد إلكترونى داخلية هائلة لتنظيم رسالة معارضة على سياسة الإدارة صوب إسرائيل، وقال على السوشيال ميديا إن بايدن متواطئ فى الإبادة الجماعية فى غزة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة