عقد الجامع الأزهر الشريف، اليوم أولى ندوات الموسم الثامن ضمن البرامج الموجهة للمراة والأسرة، وحاضر فيها كلٌّ من د. فتحية الحنفى، أستاذ الفقه بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بالقاهرة، ود. أم هاشم حسن عبده، أستاذ مساعد بقسم الحديث بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بالقاهرة، وتدير الحوار د. حياة العيسوى، الباحثة بالجامع الأزهر الشريف.
وقالت د. فتحية الحنفى، أن القدس مدينة عربية، كان أول من سكنها بطن من بطون العرب الأوائل منذ فجر التاريخ، حيث كانت صحراء، وأول من أسسها هو سام بن نوح عليه السلام، وكان الوجود العبرانى فى مدينة القدس بعد أكثر من ألفى عام من وجودها، حيث كانوا يتيهون فى الصحراء، ولكنهم تمكنوا من دخولها فى عهد سيدنا داود عليه السلام.
وأوضحت أن بيت المقدس هو مسرى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، والمكان الذى عرج منه إلى الذات العلية عند سدرة المنتهى، وفى ليلة الإسراء، تلك الليلة المباركة اجتمع الأنبياء عليهم السلام لأول مرة بقيادة سيدنا محمد ﷺ ليلة، ووضِع حجر الأساس فى الوجود الإسلامى المحمدى فى المنطقة وسارعلى الدرب أصحابه رضوان الله عليهم، فأذن عمر رضى الله عنه لقائد جيشه وهو أبو عبيدة بن الجراح، والذى ولاه على الشام بفتح بيت المقدس ودخلها عمر رضى الله عنه منتصرا.
من جهتها ذكرت د. أم هاشم حسن عبده، أن اسم بيت المقدس يطلق على المدينة المقدسة تارة بشكل عام فى إشارة إلى أن البقعة كلها مقدسة وهذا تأكيد للآية الكريمة: "الَّذِى بَارَكْنَا حَوْلَهُ"، وقد يشار إلى المسجد الأقصى بعموم لفظ بيت المقدس ومدينة بيت المقدس موطن الأقصى، تعنى المكان المطهر من الذنوب وأصلها من القدس وهى الطهارة والبركة، وقد أجمع المفسرون على أن المقصود بالمسجد الأقصى "مدينة القدس" ذاتها وسميت الأقصى لبعد المسافة بينها وبين المسجد الحرام.
وأشارت د. أم هاشم حسن، إلى أن مدينة القدس لها مكانة عظيمة فى نفوس العرب والمسلمين ومنزلة كبيرة فى وجدانهم، ففيها المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين وفيها مسرى رسول الله ﷺ وهى مهبط الانبياء والرسل، كما أن لها مكانة فى العقيدة الإسلامية؛ حيث بدأ تعظيم القدس عند المسلمين منذ بزوغ الدعوة الإسلامية فى مكة المكرمة من خلال حادثة الإسراء والمعراج، والتى تمت قبل الهجرة بعام وقد أشار القرآن الكريم فى سورة الإسراء قال تعالي: (سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إلى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِى بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ أنه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ).
من جهتها، بينت د. حياة حسين العيسوى، أن المساجد بيوت الله، وقد أضافها الله إلى نفسه بقوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ﴾ [التوبة: 18]، وقال تعالى: ﴿فِى بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أن تُرْفَعَ﴾، فهى أفضل بيوت الدنيا، وخير بقاع الأرض، وقد تفضل الله على بانيها بأن بنى له قصرًا فى الجنة، فأجر المسجد جار لمن بناه فى حياته وبعد مماته ما دام يُذكَر اللهُ فيه ويُصلَّى فيه، موضحا أنه من تعظيم الله تعظيم ما عظمه: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ﴾ [الحج: 30]، ومن مظاهر ذلك: تعظيم المساجد، وذلك بالتوقير والإجلال والتزام الآداب.
وأكدت أن الدولة المصرية والأزهر الشريف حرصا على غرس حب الوطن فى نفوس أبنائهم فقد تعلمنا فى الأزهر الشريف الدفاع عن الوطن فى الحياة حتى الممات، وفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف حفظه الله، لم يدخر جهدًا فى ترسيخ حب الوطن فينا منذ نعومة أظفارنا فى مرحلة الروضة ومرحلة التعليم الأساسى ومرحلة التعليم الجامعى وما بعد التعليم الجامعي.
ولفتت إلى أنه ومن شدة حرصه رسخ ذلك فى الرواق الأزهرى الذى لم يتقيد بسن حتى كان التعليم فيه مباشرًا وغير مباشر، مناشدة الآباء أن يحرصوا على ترسيخ حب الوطن فى أبنائهم؛ لأنهم ثروة الأمة وكنزها الثمين، يجب أن لا نفلتها ولا نضيعها بأفكار متطرفة بل بالسلام والحب والعلم نستثمرها.