هل تعمدت إسرائيل تجاهل التحذيرات المسبقة من طوفان الأقصى لتنفيذ مخطط التهجير؟.. الصحف الإسرائيلية والغربية كشفت إغفال تل أبيب المعلومات التحذيرية.. ووثائق التاريخ تؤكد أن المخطط هو الهدف الأساسى للدولة العبرية

السبت، 25 نوفمبر 2023 03:15 م
هل تعمدت إسرائيل تجاهل التحذيرات المسبقة من طوفان الأقصى لتنفيذ مخطط التهجير؟.. الصحف الإسرائيلية والغربية كشفت إغفال تل أبيب المعلومات التحذيرية.. ووثائق التاريخ تؤكد أن المخطط هو الهدف الأساسى للدولة العبرية نزوح الفلسطينيين
كتبت ريم عبد الحميد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

"أكبر فشل استخباراتى لإسرائيل منذ حرب أكتوبر 1973"..هكذا أصبحت عملية طوفان الأقصى، التى وقعت فى السابع من أكتوبر الماضى كابوسا يلاحق حكام إسرائيل وجهازها الأمنى، الذى طالما تفاخر بقوته وعملياته الاستخباراتية فى الخارج.

فعلى مدار الأسابيع السبعة الماضية، تحملت حكومة إسرائيل سهام النقد من الداخل والخارج على الكيفية التى أخفقت بها فى التنبؤ بالهجوم الذى نفذته الفصائل الفلسطينية على الداخل الإسرائيلى، والذى أسقط أكبر عدد من القتلى فى يوم واحد فى تاريخ الدولة العبرية. لكن هل أخفقت إسرائيل حقا فى التنبؤ بهذا الهجوم؟ وهل فشل جهازها الاستخباراتى الضخم فى قراءة أى مؤشرات تنذر بالهجوم القادم من غزة؟

قد لا يبدو الأمر كذلك، أو هكذا تشير تقارير الصحف الإسرائيلية والأجنبية، والتى كشفت مرارا أنه كانت هناك تحذيرات عديدة من عملية طوفان الأقصى، وأن الاستخبارات الإسرائيلية تجاهلت هذه التحذيرات، أو كما جاء فى تقرير لصحيفة فاينانشيال تايمز، رفضتها باعتبارها سيناريو وهمى.

الاستخبارات الإسرائيلية ترفض "السيناريو التخيلى"

 تقرير صحيفة فاينانشيال تايمز بتاريخ 24 نوفمبر، قال، نقلا عن مصادر إسرائيلية مطلعة، إن ضابطا رفيع المستوى فى الاستخبارات الإسرائيلية رفض تحذيرا مفصلا يتنبأ بعملية طوفان الأقصى، ووصفه بأنه سيناريو وهمي.

وأوضحت الصحيفة أن الحراس على حدود إسرائيل مع غزة، والعديد منهم جنديات تشاهدن وتحللن مقاطع الفيديو وغيرها من البيانات التى تم جمعها بالقرب من السياج الإلكترونى المحيط بالقطاع، أرسلوا تقريرا مفصلا قبل أسابيع من عملية السابع من أكتوبر إلى ضابط المخابرات الأعلى رتبة فى القيادة الجنوبية، وفقا للمصادر.

وتم إرسال التقرير باستخدام نظام اتصالات آمن، واحتوى على تحذيرات محددة، منها أن الفصائل الفلسطينية تتدرب على تفجير نقاط حدودية فى عدة مواقع، ودخول إسرائيل والاستيلاء على الكيبوتز، وفقا لشخص على إطلاع مباشر بمحتوى التحذير.

وقالت فاينانشيال تايمز إنه ينظر إلى فشل إسرائيل فى منع الهجوم، على أن الفشل الاستخباراتى الأكبر منذ هجوم مصر وسوريا المفاجئ فى 6 أكتوبر 1973.

وقال المصدر إن الجنود من الرتب الأدنى، حذروا أن تحليلهم لعديد من مقاطع الفيديو أظهر أن رجال الفصائل الفلسطينية يتدربون على احتجاز رهائن، وأنهم شعروا بأن هناك هجوما وشيكا، وفقا للمصدر. وجاءت المذكرة بعد رؤية قائد عسكرى فلسطيى بارز يشرف على التدريب، والذى تم التعرف عليه من قبل الحراس من خلال قاعدة بيانات الوجوه والهويات التى تحتفظ بها الوحدة 8200، وهى جزء من فيلق المخابرات الإسرائيلية.

ووفقا لوصف للاتصاللات التى نشرتها الصحيفة، فإن الضابط الاستخباراتى الأعلى رتبة رد قائلا: هذا سيناريو تخيلى. ولم يتم اتخاذ إجراءات.

وكانت وسائل إعلام إسرائيلية قد نشرت تفاصيل تحذير مشابه تم إرساله من قبل جنود إلى رؤسائهم. وأضاف هيئة البث الإسرائيلية أن التحذير شمل احتمال إسقاط طائرة وأن ترفع حركة حماس أعلامها فوق "الأراضى الإسرائيلية".

كما كشفت صحيفة هآارتس الإسرائيلية أن جهاز استخبارات الدولة العبرية حذر رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو مرتين قبل عملية السابع من أكتوبر، من أن الأزمة الاجتماعية والسياسية المحيطة بالتعديلات القضائية تشجع على شن هجمات ضد إسرائيل.

وذكرت الصحيفة أن رئيس قسم الأبحاث فى مديرية استخبارات الجيش الإسرائيلي حذر نتنياهو شخصيا من أن الأزمتين السياسية والاجتماعية المحيطتين بالإصلاح القضائى كان يشجع الفصائل الفلسطينية وحزب الله وأطراف أخرى على شن هجوم ضد إسرائيل، ومنها هجمات مشتركة.

تهجير الفلسطينين.. مؤامرة قديمة وخطة جديدة

وتثير هذه التقارير وغيرها تساؤلات عما إذا كانت إسرائيل قد تجاهلت عمدا التحذيرات، وإذا كان الأمر كذلك، فهل كل هذا يتعلق برغبة الحكومة اليمينية المتشددة بالمضى قدما فى تنفيذ مخططها القديم – الجديد بتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وإخلاء غزة، لاسيما الشمال، حيث الحدود المشتركة للقطاع مع الدولة العبرية، وحيث تتزايد الضغوط على نتنياهو من المتطرفين للتوسع فى بناء المستوطنات. وبالفعل، استغل زعيم مستوطنات بارز فى حزب رئيس الإسرائيلى بنيامين نتنياهو حالة الأزمة ليدعوه لإعادة بناء مستوطنات كتلك الموجودة فى الضفة الغربية فى قطاع غزة كـ "حزام دفاعى".

إخلاء شمال غزة يعزز الشكوك

لا يبدو هذا سيناريو"تخيليا"، كالذى رفضه ضابط الاستخبارات الإسرائيلى بحسب رواية فاينانشيال تايمز. فهناك العديد من الأدلة الذى ترجح هذا الاتجاه، منها ما يحدث على أرض الواقع بالفعل، وتحدى تل أبيب الصارخ لكافة الدعوات الدولية، حتى من قبل حليفتها الوثيقة الولايات المتحدة، برفض التهجير القسرى للفلسطينيين. فضربت إسرائيل عرض الحائط بكل الأعراف والقوانين الدولية، واستهدفت بقصف جوى وحشى، لا مثيل له منذ الحرب العالمية الثانية بحسب شهادات الخبراء، ليس فقط منازل المدنيين. بل دمرت أحياء كاملة وقضت على البنية التحتية سواء المستشفيات أو محطات تحلية المياه أو مخازن الحبوب، وكل ما هو ضرورى لأن يكون هناك حياة، حتى لو فكر الفلسطينيون يوما فى العودة إلى منازلهم بعد توقف الحرب لن يجدوا شيئا يصلح لإقامة حياة.

هذا ما وثقته تقارير الصحف ووسائل الإعلام الأجنبية، من بينها وكالة أسوشيتدبرس التى قالت إن حوالى نصف المبانى فى شمال غزة قد تدمرت أو تضررت جزئيا، وفقا لتحليل  بصور الأقمار الصناعية أجرى فى جامعة أوريجون. ومع تقدير الأمم المتحدة بأن 1.7 مليون شخص أصبحوا مشردين، فإن البعض يتساءل عما إذا كانت غزة ستتعافى على الإطلاق.

كما أن الحرب أوققف 27 من إجمالى 35 مستشفى فى قطاع غزة، وفقا لمنظمة الصحة العالمية. بينما الدمار الذى لحق بالبنية التحتية الحيوية ستظل تداعياته قائمة لسنوات.

وقال سكوت بول، خبير السياسة الإنسانية فى منظمة أوكسفام أمريكا إن المخابز ومطاحن الحبوب تدمرت وكذلك تم تدمير مرافق الزراعة والمياه والصرف الصحى. وأضاف قائلا: أنت بحاجة إلى أكثر من أربعة جدران وسقف ليكون المكان صالحا للسكن، وفى كثير من الحالات لا يمتلك الناس ذلك.

العودة إلى الشمال.. حلم بعيد المنال

وبعد نزوح الملايين من شمال القطاع إلى جنوبه، باتت العودة فى الاتجاه المعاكس حلما بعيد المنال للغزاويين ستقاتل إسرائيل لجعله مستحيلا. ورغم قلة المحاولات، فإن قوات الاحتلال أطلقت النار على فلسطينيين أرادا الاتجاه إلى الشمال، فأدت إلى استشهادهما على الفور فى يوم بدء سريان اتفاق الهدنة المؤقتة.

هذا الواقع المؤلم تدعمه وثائق التاريخ التى تؤكد أن مخطط التهجير هدف إسرائيل القديم الذى لم يتوقف، وإن كان قد توارى لفترات عن الأنظار.

فقد كشف تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية بى بى سى فى 31 أكتوبر، أن مخطط إسرائيل لتهجير الفلسطينيين من غزة يعود إلى عام 1971 ، أي قبل حرب السادس من أكتوبر.

وتضمن تقرير"بي بي سي" وثائق بريطانية سرية ، تكشف أبعاد المخطط الإسرائيلي قبل 52 عاماً ، والذي كان يهدف إلى ترحيل آلاف من سكان قطاع غزة إلى شمال سيناء، وذلك بعد احتلال الجيش الإسرائيلي غزة، إلى جانب الضفة الغربية والقدس الشرقية ومرتفعات الجولان ‏السورية، في حرب يونيو عام 1967، حيث أصبح القطاع مصدر إزعاج أمني لإسرائيل، وباتت مخيمات اللاجئين ‏بؤر مقاومة للاحتلال.

هذه الوثائق التاريخية تدعمها وقثائق الحاضر، وبعد أقل من أسبوع واحد على عملية طوفان الاقصى، وتحديدا فى 13 أكتوبر، وبحسب ما ذكرت وكالة أسوشيتدبرس الأمريكية، طرحت وزارة الاستخبارات، وهى وزارة تجرى أبحاثا لكنها لا تضع سياسات، 3 بدائل من أجل تغيير الواقع المدنى فى قطاع غزة، ووصف واضعوا التقرير هذا البديل، تهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء، بأنه الأكثر تفضيلا لأمن إسرائيل.

واقترحت الوثيقة نقل المدنيين فى غزة إلى  خيام فى شمال سيناء، ثم بناء مدن دائمة لهم، وممر إنسانى غير محدد. كما سيتم، بموجب المقترح الشيطانى، إنشاء منطقة أمنية داخل إسرائيل لمنع الفلسطينيين النازحين من الدخول. ولم يحدد التقرير ماذا سيحدث لغزة بعد إخلائها من سكانها.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة