سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 19 نوفمبر 1977.. السادات يبدأ زيارته لإسرائيل ويتبادل النكات فى الطائرة قبل هبوطها مع صديقه عثمان أحمد عثمان

الأحد، 19 نوفمبر 2023 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 19 نوفمبر 1977.. السادات يبدأ زيارته لإسرائيل ويتبادل النكات فى الطائرة قبل هبوطها مع صديقه عثمان أحمد عثمان السادات
سعيد الشحات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كانت الساعة الثامنة مساء السبت 19 نوفمبر، مثل هذا اليوم، 1977 حين وصل الرئيس السادات إلى مطار اللد فى بداية زيارته إلى إسرائيل، حسبما تذكر «الأهرام» فى عدد 20 نوفمبر 1977.
 
جاءت هذه الخطوة بعد أن فاجأ السادات العالم فى خطابه أمام مجلس الشعب يوم 9 نوفمبر 1977 بقوله: «مستعد للذهاب إلى آخر الدنيا، وسيدهش الإسرائيليون حينما يسمعوننى الآن أقول، إننى مستعد أن أذهب إلى بيتهم إلى الكنيست ذاته ومناقشتهم»، وبعد أيام وتحديدا فى 16 نوفمبر 1977 تلقى دعوة من رئيس وزراء إسرائيل مناحم بيجين لزيارة إسرائيل، فرد عليها فى اليوم التالى بقبول الزيارة، وأصدر «بيجين» مرسوما بأن يُستقبل السادات بشرف وكرامة لا تليق برئيس دولة فقط، وإنما رئيس دولة «حليفة قريبة».
 
تذكر «الأهرام» فى متابعتها لهذه الزيارة، أن السادات كان يرافقه وفد مكون من الدكتور مصطفى خليل الأمين الأول للجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى، وحسن التهامى نائب رئيس الوزراء، وحسن كامل رئيس ديوان رئيس الجمهورية، وسعد محمد أحمد وزير القوى العاملة، وعثمان أحمد عثمان رئيس المجموعة البرلمانية بمنطقة القناة، ومصطفى كامل مراد رئيس حزب الأحرار المعارض، وعبدالبارى سليمان وسالم اليمانى عضوا مجلس الشعب، والدكتور بطرس غالى وزير الخارجية بالنيابة، وكان هذا المنصب شاغرا باستقالة إسماعيل فهمى وزير الخارجية احتجاجا على هذه الزيارة، ومن بعده استقال محمد رياض لنفس السبب فور  إعلان خبر تعيينه فى وسائل الإعلام.  
 
كان الحدث انقلابا فى تاريخ الصراع العربى الصهيونى، وحسب محمد حسنين هيكل فى كتابه «خريف الغضب»: «كان الشعور السائد لدى جماهير عريضة من الشعب المصرى مختلفا، عندما سمعوا عرض السادات بالذهاب إلى القدس فإنهم قابلوه بسخرية من عدم التصديق، كان ذلك فى رأيهم مثالا جديدا للسادات «الممثل» الذى حملته ألفاظه بأكثر مما تحتمل أفعاله، وبالتالى فإن ما قاله لا ينبغى أن يؤخذ جدا، لكن عندما راح يكرر عرضه وعندما بدأوا يرون بأعينهم استعدادات الرحلة والمفاوضات الجارية بشأنها أمام عدسات التليفزيون تنقلها إليهم نشرات الأخبار، تحول إنكارهم إلى دهشة، وبدأوا يرقبون رئيسهم باستغراب».
 
يتذكر بطرس غالى فى كتاب «ستون عاما من الصراع فى الشرق الأوسط» حالة السادات وهو فى الطائرة قائلا: «كان يجلس بهدوء، كما لو كان يمضى رحلة طيران عادية، يتبادل الحديث والنكات مع صديقه رجل الأعمال عثمان أحمد عثمان، وأتذكر أننى سألته إن كان راضيا عن الخطاب الذى أعددته، أجابنى: «آه نعم، راض تماما».. فوجئ غالى بأن الخطاب الذى قرأه السادات أمام الكنيست غير الذى كتبه هو.
 
يستطرد غالى: «بعد ساعة من التحليق من الإسماعيلية، بدأت الطائرة الهبوط نحو مطار بن جوريون، وظهرت أضواء تل أبيب عبر النوافذ، أبهذه السرعة، كل ذلك بدا لى لا يمكن تصديقه، ظل السادات هادئا كما كان، لم يظهر عليه أى علامة من العصبية أو الانفعال خلال هذه اللحظة التى أدركنا أنها تاريخية، أتذكر الأضواء القوية التى انطلقت من مئات الكشافات، والتى عزلنا إشعاعها عن الحشد الذى يعيش حالة من الابتهاج، والذين كنا نسمعهم ولا نراهم، كانت مراسم الاستقبال سريعة ووجدت نفسى بسرعة أجلس إلى جانب موشى ديان فى سيارة تقلنا إلى القدس، حاولت عبثا أن أستعد نفسيا للقاء كبار المسؤولين الإسرائيليين، وانتابنى شعور فريد وأنا جالس بهدوء بجانب الشخصية الرمزية للجيش الإسرائيلى، هذا الذى كان القائد الأعلى للقوات خلال حملة السويس 1956، ووزير الدفاع خلال حرب الأيام الستة، لم يكن سهلا فى هذا السياق، مضغوطا فى سيارة أن أقيم حوارا دون أن يبدو مصطنعا، ولأننى كنت أعرف أن ديان كان مغرما بالآثار، بدأت أتحدث إليه عن بعض عمليات التنقيب، التى أتيحت لى الفرصة أن أراها بفضل زوجتى الأولى التى كانت متخصصة فى الآثار».
 
كان الكاتب الصحفى أحمد بهاء الدين فى الكويت رئيسا لتحرير مجلة «العربى»، ويتذكر فى كتابه «محاوراتى مع السادات» وقائع هذا اليوم، قائلا: «كان مشهدا لا ينسى لأول طائرة مصرية تهبط فى مطار بن جوريون فى إسرائيل، وينزل منها رئيس جمهورية مصر، ويستعرض حرس الشرف حاملا الأعلام الإسرائيلية، ثم يأخذ فى مصافحة كل الوجوه الإسرائيلية المعروفة لنا، مناحم بيجين، جولدا مائير، أبا إيبان، موشى ديان».
 
يضيف بهاء الدين: «كنا لم نفق بعد من هول الصدمة عندما جلسنا فى بيتى بالكويت كمئات الملايين من العالم، ولأن كل مصرى كان يشعر أن المسألة أكبر وأقسى من أن يراها بمفرده فى بيته، فقد تجمع لدينا عدد من الأصدقاء الأقربين وزوجاتهم، وجلسنا نشاهد مذهولين المشهد الخارق لكل ما هو مألوف، وأذكر بعد انتهاء نقل مشاهد الزيارة، أننى تلفت حولى فلم أجد زوجة واحدة من الجالسات معنا، ثم اكتشفت أن كل واحدة انطلقت إلى غرفة أو حمام وأغلقت الباب على نفسها، وأخذت تجهش بالبكاء بكاء غزيرا، وهذا رد فعل طبيعى والشاذ هو غير ذلك، كان المشهد كأنه غير حقيقى، وشعرت أن هذا الحدث غير العادى بكل المعايير لا بد له خلفيات عميقة ونتائج بعيدة». 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة