وداعاً الفنان الكبير عثمان محمد على.. سجل القرآن كاملاً صدقة جارية.. احتل مكاناً عزيزاً فى القلوب وأصبح من أحب الوجوه الفنية رغم عدم حصوله على أدوار البطولة.. وظل يعمل حتى سقط أثناء تصوير مسلسل

الثلاثاء، 14 نوفمبر 2023 02:45 م
وداعاً الفنان الكبير عثمان محمد على.. سجل القرآن كاملاً صدقة جارية.. احتل مكاناً عزيزاً فى القلوب وأصبح من أحب الوجوه الفنية رغم عدم حصوله على أدوار البطولة.. وظل يعمل حتى سقط أثناء تصوير مسلسل عثمان محمد على والزميلة زينب عبد اللاه
زينب عبد اللاه

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

رحل عن عالمنا الفنان الكبير عثمان محمد على عن عمر ناهز 88 عاما بعد رحلة عطاء عامرة وثرية مع الفن والحياة، شارك خلالها فى عدد من روائع الأعمال الفنية، وكان له دور بارز فى اكتشاف عدد من كبار النجوم، فضلاً عن دوره الفنى والثقافى الكبير فى محافظة الإسكندرية، التى أقام بها وتعددت فيها نشاطاته الفنية والثقافية والخيرية والاجتماعية، وامتد عطاؤه إلى خارج حدود الوطن العربى حيث سجل القرآن الكريم بصوته لغير الناطقين بالعربية ورفض الحصول على أجر مقابل هذا العمل الذى اعتبره صدقة جارية.

وبالرغم من أن اسم الفنان الراحل لم يتصدر بدايات التترات فى الأعمال الفنية التى شارك فيها ولم يحصل على أدوار البطولة المطلقة، لكنه استطاع أن يحتل مكاناً عزيزا فى القلوب، وأن يكون أحد أحب الوجوه التى نراها على الشاشة، فهو فنان من جيل عمالقة الفن الكبار أمتعنا بالعديد من الأعمال الخالدة التى لا تنسى، ومنها مسلسلات: "عائلة الحاج متولى، العطار والسبع بنات، لن أعيش فى جلباب أبى، الحسن البصرى، الضوء الشارد، القضاء فى الإسلام، أبو حنيفة النعمان، الفرسان، الأبطال، عصر الأئمة، لا إله إلا الله، وغيرها مئات الأعمال الدينية والتاريخية".

وكان اليوم السابع أجرى حواراً مع الفنان الكبير عثمان محمد على قبل رحيله كشف خلاله العديد من الأسرار والمحطات المهمة فى حياته الفنية والشخصية، وشاركته الحوار ابنته الفنان الكبيرة سلوى عثمان، وتحدث الفنان الكبير الذى عاصر وزامل كبار نجوم الفن وعمالقته ورواده خلال الحوار عن ذكرياته ومواقفه معهم وكيف اكتشف العديد من كبار النجوم ومنحهم الدفعة الأولى فى طريق الفن والنجومية، كما تحدثت ابنته الفنانة الكبيرة عن تأثرها بوالدها وكيف اكتسبت منه العديد من الصفات وورثت عنه الموهبة والأدء الطبيعى.

 

جيل العمالقة

عشق الفنان الراحل التمثيل والإلقاء منذ طفولته والتحق بمعهد الفنون المسرحية وزامل فى المعهد عددا من كبار النجوم، حيث كان من أبناء دفعته عبد الله غيث ومحمد الدفراوى وأنور إسماعيل وكرم مطاوع وجلال الشرقاوى وأبو بكر عزت، وحسن يوسف، وزين العشماوى، وتشاركوا فى العديد من الأعمال المسرحية، وتتلمذوا على يد عماقة الفن ورواده ومنهم جورج أبيض وفتوح نشاطى وزكى طليمات، وكان طليمات يدعوهم فى بيته دائماً.

وتذكر الفنان الكبير خلال حواره معنا قبل رحيله أحد المواقف الطريفة حين ذهب فى رحلة مع زملائه بالمعهد إلى الاقصر وأسوان فى بداية الخمسينيات ومنهم كرم مطاوع وآمال سالم والدة سوسن بدر وزوجها أحمد بدر الدين وحسن يوسف ومصطفى أبو حطب وغيرهم، قائلاً "فضلنا ندور على مسرح علشان نعرض عليه مسرحيتنا ملقيناش وقالولنا تعالوا لقينا مكان ينفع تعرضوا فيه، ولبسنا أزياء المسرحية وذهبنا لنفاجأ بالمسئولين يطلبون منا الانتظار حتى يتم إخلاء المكان من البهائم ثم ندخل لنعرض، واكتشفنا أن المكان زريبة، فغضبنا واعترضنا وحملنا لافتات ومشينا فى الشوارع لنسجل اعتراضنا على عدم وجود مسارح فى الأقصر وكان احتجاجنا سببا فى إقامة مسرح بالأقصر بعد ذلك".

وتعرف الفنان الكبير خلال دراسته بالمعهد على زوجته وأم أبنائه، وقال لليوم السابع مسترجعاً طفولة أبنائه: "أنا ووالدتهم الله يرحمها درسنا فى معهد فنون مسرحية وتزوجنا واحنا طلبة فى المعهد، وكنت وقتها أدرس أيضاً بكلية الحقوق وباشتغل وتزوجنا أثناء الدراسة، وبعدها اتنقلت للإسكندرية وكملت دراسات إسلامية وقانونية"، كما تحدث عن العلاقة الخاصة التى جمعته بابنته الفنانة سلوى عثمان، فهى الابنة الوحيدة والكبرى، وقال "سلوى ابنتى الكبرى وبعدها أنجبت ابنى الدكتور هشام وهو دكتور مهندس، والاثنين ورثوا عنى حب الفن، هشام شارك معى فى بعض الأعمال التاريخية التى أخرجها حسام الدين مصطفى قبل أن يتفرغ للهندسة وكان ممثلا جيدا، لكن سلوى استمرت لأنها عشقت الفن من وهى صغيرة، لأنى كنت باخدهم مسرح الأطفال وأنا موجه عام للمسرح المدرسى والأنشطة التربوية بالتربية والتعليم وحبوا الفن من صغرهم، ولما سلوى قررت تدخل مجال التمثيل مكانش عندى اعتراض لأنى حسيت بموهبتها".

 

مكتشف النجوم

عمل الفنان عثمان محمد على مشرفاً وموجهاً للمسرح المدرسى بالإسكندرية وظل حتى رحيله يعمل أستاذاً لمادة الإلقاء بمعهد الفنون المسرحية بالإسكندرية، وقد لا يعرف الكثيرون أنه اكتشف العديد من نجوم الفن ومنهم محمود عبد العزيز ومحمد وفيق ومديحة كامل وكوثر العسال وعزيزة راشد وغيرهم، وعن ذلك قال: "كنت مفتشا وموجها للمسرح المدرسى واكتشفت العديد من المواهب فى الإسكندرية، ومنهم محمود عبد العزيز الذى كان طالباً موهوباً فى مدرسة الورديان واشتغلنا مع بعض أنا وهو يوسف داود وحسن عبد السلام".

كما تحدث عن قصة اكتشافه لأميرة السينما مديحة كامل حين كانت طالبة فى المرحلة الإعدادية "مديحة كانت تلميذة فى مدرسة الشاطبى الإعدادية بالإسكندرية، وكانت بتشارك فى المسرح المدرسى وعملت دور رابعة العدوية وكنت أنا فى لجنة التحكيم ومعى حسن مصطفى وجمال اسماعيل الذى كان موجهاً معى فى المسرح المدرسى، ومديحة كانت موهبتها  بتلمع جداً، وكنت أعرف والدها ووالدتها وحصلت على كأس المدارس  وطلعت الأولى عن دور رابعة ، وشجعناها وقلنا لها هيكون لك شأن كبير".

واستكمل ذكرياته مع النجوم الذين اكتشفهم قائلاً: "كان محمد وفيق طالباً فى مدرسة الثانوية المرقسية وذهبت للإشراف على مسرحية يقدمها مع مخرج آخر فوجدت الدور الذى أخذه محمد وفيق فى المسرحية لا يوازى موهبته فقلت للمخرج اترك لى إخراج هذه المسرحية، وجئت بنص يتماشى مع إمكانيات محمد وفيق، وكان مسرحية كاليجولا ودخل محمد وفيق مسابقة المسرح المدرسى على مستوى الجمهورية وأخد المركز الأول لأنه عمل دور من أجمل ما يمكن وبعدها دخل معهد الفنون المسرحية ،كما اكتشفت غيره من النجوم وشجعتهم وأنا أشرف على المسرح المدرسى".

وعن بداية مشوار ابنته الفنى قال: "سلوى بدأت بداية جميلة فى مسلسل البشاير وأنا شجعتها لأنى وجدت فيها الموهبة التى تجعلها تسير فى الطريق الصحيح، ودائما أنصحها أن تفرق بين الإنفعال والافتعال، وتبتع عن التفريط والإفراط ، وورثت منى الالتزام"، مؤكداً أنه وابنته تشاركا فى العديد من الأعمال لكن لم تجمعهما مشاهد واحدة، وبمرارة قال الفنان الكبير الذى عاصر عمالقة الفن وكبرائه: "جيلنا كله ملتزم، وبنتضايق لما نروح نشتغل ونلاقى فنان شاب بيتأخر ونقعد نستناه بالساعات".

 

فارس من الفرسان

كما تحدث الفنان الكبير عثمان محمد على خلال حواره مع اليوم السابع عن كواليس أهم أعماله ومنها مسلسل الفرسان قائلاً: "بعد ما أخدت الدور المخرج حسام الدين مصطفى وجد أنه دور مهم جداً لأنه بداية المسلسل فإما يشد الناس أو يصرفهم عنه، وقال إحنا عاوزين نجم فى الدور ده، بلاش عثمان نديله دور تانى، وكان هيجيب محمود ياسين لكن محمود رفض وقال مخدش دور 10 حلقات".

وتابع: "لما قالولى الكلام ده اتضايقت جداً، ولما حمدى غيث عرف قال لو عثمان معملش الدور أنا مش هشتغل دور العز ابن عبد السلام، وحسام وافق"، واستكمل الفنان الكبير قائلاً: "جسدت المشهد وكان صعبا جدًا وبه مشاعر متعددة، وعندما شاهده حسام الدين مصطفى أعجب به جداً وعمل ديكوباج جديد، وقال لى أنا أسف انى كنت هغيرك، وكان هذا من المواقف التى لا أنساها".

 

أعمال خالدة وصدقة جارية

وقد لا يعرف الكثيرون أن الفنان الكبير عثمان محمد على الذى حفظ القرآن الكريم كاملاً فى سن 14 عاماً له العديد من الأنشطة الخيرية والاجتماعية والثقافية، وأهمها أنه قام بتسجيل القرآن بأحكامه وتلاوته لغير الناطقين بالعربية فى أكثر من 1500 حلقة إذاعية ورفض أن يتقاضى أجراً عن هذا العمل الضخم والعظيم.

وعن هذا المشروع قال: "كان محفوظ المغازى صاحب استوديو عرين عاوز يعمل فكرة تسجيل القرآن الكريم لغير الناطقين بالعربية من خلال حلقات كل حلقة أقرأ فيها عدة آيات قراءة قرآنية بالترتيل الصحيح، ويتم ترجمت ما أقوله باللغة الفرنسية والإنجليزية طبقاً لأحكام التلاوة وبنفس الطريقة التى أتلو بها لتكتب بها الحروف اللاتينية حتى يستطيع غير الناطقين بالعربية قراءة القرآن قراءة صحيحة باتباع قواعد الإضغام والإعلاء والغنة والإبدال، واستمر تسجيل هذا العمل لمدة 3 سنوات وسجلنا أكثر من 1500 حلقة، كل حلقة نحو نصف ساعة، وتم توزيع هذا العمل فى كل دول العالم وفى الدول العربية ومصر، وإذاعة الشارقة كانت تذيعه يومياً، ورفضت أخذ أجر عنه واعتبرته صدقة جارية لأنى حبيت الناس تسمع القرآن بصوتى فى جميع أنحاء العالم وتتعلم أحكامه، وكنت أتمنى أن توضع نسخة منه على يوتيوب حتى تكون الاستفادة عامة"، ومن بين الأنشطة الخيرية التى قام بها الفنان عثمان محمد على بالإسكندرية عدد من الأنشطة بدور الأيتام، وتحدث عن ذلك قائلاً "كنت أول واحد عمل فرقة موسيقى نحاسية من أطفال الملاجئ بالإسكندرية عام 1973، عندما توليت النشاط الثقافى والفنى، وفى زيارة لأحد دور الأيتام وجدت مدرس يدرب الأطفال على الألات النحاسية ، فذهبت للمحافظ وطلبت منه أن أكون فرقة من هؤلاء الأطفال وبالفعل عملت أول فرقة ، قبل سليم سحاب، والمسرح المدرسى والتربية المسرحية خرجت ناس كتير مش فنانين فقط ولكن متذوقين للفن ودى الرسالة اللى بحاول أؤديها فى الإسكندرية".

 

نور الشريف

وحكى الفنان الراحل عن أقرب أصدقائه فى الوسط الفنى وهو الفنان الراحل نور الشريف قائلاً "كان حبيبى ومعظم أدوارى معاه جمعتنا علاقة أسرية مع عائلته وبناته، وكان يحبنى وأحبه جدا".

وتابع متحدثاً عن أهم ما ميز الفنان الراحل نور الشريف: "كان شديد الدقة والحرص على دوره وأدوار من يعملون معه، ولو ممثل أمامه لم يؤد مشهده بشكل جيد يأخذه بهدوء ويتحدث معه ويوجهه، دون أن يحرج أحد أبداً، وكان مثقف جداً وقارئ جيد، واشتغلنا مع بعض العديد من الأعمال التاريخية والدينية والاجتماعية وآخرها مسلسل خلف الله، ورغم إنى عملت أدوار كتير جداً الناس مش فاكرة غير الحاج متولى والفرسان".

سألنا الفنان الكبير صاحب التاريخ الطويل والذى امتلك العديد من القدرات والإمكانيات والمواهب: هل بعد كل هذا التاريخ ترى أنك لم تحصل على المكانة والتقدير الذى تستحقه؟، فأجاب: "هذا حقيقى ويمكن أنا السبب فى جزء من ذلك، لأنى انشغلت بالعمل العام والخيرى والثقافى فى الإسكندرية وضحيت بحاجات كتير وضيعت منى شغل كتير فى القاهرة، فأنا لا أستطيع أن أترك اسكندرية وأولادى ورسالتى فيها، ومفيش بيت فى إسكندرية لا يعرفنى وقدمت مواهب كتير".

وعن أمنياته التى تمنى أن يحققها فى الفن قال "أنا مفيش حاجة معملتهاش اشتغلت مئات المسلسلات فى مصر وخارج مصر وفى الإذاعة عملت أدوار وبرامج ملهاش عدد من سنة 1954، وفى أعمالى مفيش دور ما عملتوش كوميدى وشر وخير".

وكان الفنان الكبير قد أصيب بجلطة فى المخ أثناء مشاركته فى أحد المسلسلات فى مارس من العام الماضى، حيث سقط فى الاستوديو وتم نقله للمستشفى وبعدها عاد لمنزله بالإسكندرية.

ووقتها صرح الفنان الكبير بأنه لن يستطيع استكمال المسلسل الذى شاركت ابنتته فيه، وأكد فى تصريح خاص لليوم السابع أنه لم يتواصل معه أحد من زملائه الفنانين، مفسراً ذلك بأنهم ربما لم يعلموا بما أصابه، وظل الفنان الكبير يعانى من آثار الجلطة حتى رحل عن عالمنا بعد رحلة عطاء فنى وإنسانى كبيرة .. رحم الله الفنان الكبير عثمان محمد على.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة