سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم.. 1 نوفمبر 1985.. وفاة فؤاد حداد.. الشاعر المتفرد الذى حقق أمنية طفولته بأن يكتب الشعر ليساعد الناس حتى تكون حياتهم أفضل

الأربعاء، 01 نوفمبر 2023 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم.. 1 نوفمبر 1985.. وفاة فؤاد حداد.. الشاعر المتفرد الذى حقق أمنية طفولته بأن يكتب الشعر ليساعد الناس حتى تكون حياتهم أفضل الشاعر فؤاد حداد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أصيب الشاعر فؤاد حداد بمرض الدوخة مع بداية عام 1977، فكان لا يستطيع المشى بمفرده فى الشارع، وعولج عن طريق المهدئات، وصاحب هذه الفترة حصار أدبى ومادى حتى أكتوبر 1979، عندما أصيب بجلطة فى القلب، فامتنع تماما عن أدوية الدوخة، وأقلع عن التدخين، وبدأ يكتب بغزارة قائلا: «عاوز ألحق قبل ما أموت»، وفى الفترة من يناير 1980 وحتى وفاته فى 1 نوفمبر، مثل هذا اليوم، 1985، كتب ما يقرب من ثلثى أعماله، حسبما يذكر ابنه حسن فى مقدمته للأعمال الكاملة لفؤاد حداد، التى أصدرتها «الهيئة العامة لقصور الثقافة» فى ثمانية أجزاء عام 2004 وقت أن كان الدكتور أحمد مجاهد رئيسها.
 
توفى فؤاد حداد بعد حياة عاشها محققا فيها أمنيته بأن يكون شاعرا، لكنه ليس كأى شاعر، فوفقا لابنه حسن: لما سئل عن السبب أجاب: «لأساعد الناس حتى تكون حياتهم أفضل»، بما يعنى أن الشعر عنده ليس موهبة فقط، بل مبدأ والتزام خلقى واجتماعى وتطوير مستمر، واختار اللغة العامية لغة البسطاء ليكون منهم ومعهم دائما، وكان آخر ما سطر فى حياته ديوان «المكاحلة والمعاماة»، وآخر أبياته التى تركها على المكتب ليلة وفاته: «مات اللى كان حالف يموت ولا يقطع دابر/ أمل المساكين فى الأكابر».
 
كان عمره وقت وفاته 58 عاما «مواليد 1928»، وبوصف الكاتب الصحفى أحمد بهاء الدين فى مقاله عنه بالأهرام يوم 5 نوفمبر 1985: مات بعد شهور من وفاة الرسام حسن فؤاد، كلاهما من جيل أسميه «الجيل الذى يموت قبل الستين»، الجيل الذى ولد وعاش فى قلب العاصفة، ولد مع الحروب، وعايش معارك عزل الملك وإخراج الإنجليز والتحولات الاجتماعية الكبرى، اكتوى بنارها وعرف حرياتها وسجونها، متمسكا برأيه إن حبا وإن حربا، موقظا لوعى الجماهير، واقفا فى صف الفقراء على الدوام، مغروس الأقدام فى تراث الشعب الحقيقى، متطلعا برأسه إلى آماله وطموحاته، الجيل الذى دفع هذا من صحته وشبابه، واختياره الطريق الصعب، فهو يموت قبل الستين.
 
يختتم «بهاء الدين» مقاله بنبوءة لافتة، قائلا: فؤاد حداد من الذين سيصبح حجمهم الفنى أضخم مائة مرة بعد وفاته من الذين كتبت الأقدار ألا يشهدوا تمجيد إنتاجهم ودراسته والتغنى به وتخليد صاحبه، فهو القائل: «الله يحب الجهاد/ ويحب الاستشهاد».
 
أصبحت نبوءة «بهاء الدين» حقيقية، ففؤاد حداد الذى يعترف صلاح جاهين فى مقدمة ديوانه «أنغام سبتمبرية»، بأنه: «أشعر منى وأرحب وأكثر تدفقا»، يقول عنه الناقد الدكتور أحمد مجاهد فى مقاله «أبوالشعراء.. فؤاد حداد الذى لا نعرفه» بجريدة الدستور 15 نوفمبر 2021: لا أظن أن هناك مواطنا مصريا لا يحفظ ولو مقطع صغير من أغنية لفؤاد حداد صاحب «المسحراتى، الليلة يا سمرة، صلينا الفجر فين»، وعلى الرغم من أنه يكتب العامية القاهرية، لا أظن أيضا أن هناك مواطنا عربيا لا يحفظ شيئا لصاحب «الأرض بتتكلم عربى».
 
قدم فؤاد حداد منجزا ضخما نادرا فى إبداعه، ومتوهجا فى إضاءاته، وفاتحا لطريق الأمل لكل الذين يتمسكون بالسير على طريقه، كما فى دواوينه ومنها «نور الخيال»، «استشهاد جمال عبدالناصر»، «الحضرة الزكية»، «النقش باللاسلكى»، «ريان يا فجل»، و«حدوتة الشاطر حسن»، «عيل على المعاش»، «مواويل من أول الدنيا»، «أهل الأمانة»، وأغانيه الوطنية ومن أشهرها «الأرض بتتكلم عربى»، «ازرع كل الأرض مقاومة»، «حى معايا الخطوات».
 
كان بوصف ابنه حسن: يكتب ويطور، ويستخدم أشكالا شعرية قديمة وجديدة وخليطا من تراثه العربى والشعبى، وثقافته العريضة وموهبته الفذة وقلبه الكبير وخفة ظله، وإيمانه بالإنسانية والعدل ونضاله الطويل فى وجه الظلم، أما فلسطين فظلت شريانا ينبض فى شعره منذ بداية الخمسينيات وحتى وفاته حتى إنه أصدر ديوانا بعنوان «الحمل الفلسطينى»، وقدمه بقصيدة «ولا فى قلبى ولا عينيا/ إلا فلسطين/ وأنا العطشان ماليش ميه/ إلا فلسطين/ ولا تشيل أرض رجليا/ وتنقل خطوتى الجايه/ إلا فلسطين».
 
بالرغم من منجزه الإبداعى الضخم والمؤثر، فإن خبر وفاته كان نحو مائة كلمة فقط فى الصفحة الأخيرة بالأهرام، يوم 2 نوفمبر 1985، ونعى فى صفحة الوفيات من أسرته فيه خبر تشييع جنازته، وآخر من صلاح جاهين «ينعى بقلب جريح صديق عمره وأستاذه، فقيد الفن والأدب ومصر والعروبة، الشاعر الكبير فؤاد حداد»، ونعى من حزب التجمع وأمينه العام خالد محيى الدين، وآخر من لجنة الدفاع عن الثقافة القومية، ونعى من الشاعر سمير عبدالباقى:  «يليق الحزن بالشعراء إذ صاروا يتامى بموت الوالد الأستاذ الشاعر فؤاد حداد»، وآخر من فاروق على ثابت المحامى.
 
وفى يوم 4 نوفمبر 1985، نشرت الأهرام نعيا من «أسرة نظم المعلومات بالجهاز التنفيذى للهيئة العربية للتصنيع» تشاطر فيه المهندس أمين حداد الأحزان لوفاة والده، ونعيا من محمد الزعفرانى وأسرته، وآخر من الفنان سيد مكاوى وحرمه.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة