عمامة مُستنيرة فى رحاب السوربون.. رحلة العميد من المنيا إلى أرقى جامعات فرنسا

الأحد، 29 أكتوبر 2023 02:00 م
عمامة مُستنيرة فى رحاب السوربون.. رحلة العميد من المنيا إلى أرقى جامعات فرنسا عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين
فريق قسم الثقافة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

خرج من المنيا مُعمّمًا، ثم صار أمره فى الحياة إلى أن تفجّر من عمامته النور، لم يتخلّ عن ظهيره الثقافى والمعرفى لحظة واحدة، ولم يتقيّد به على خلاف العقل والمنطق، لذا سيظل طه حسين علامة فارقة؛ لأنه كان مُفتتحًا لعقلنة النظر إلى التراث، وحيوية تجديد الهويّة من زاوية اتصالها بالعالم مادّة وروحًا.

 خاض طه حسين الذى تمر فى تلك الأيام 50 عاما على رحيله، رحلة طويلة من أجل العلم، وسعيًا لبناء نفسه، فانطلق من إحدى قرى مغاغة إلى القاهرة، ومنها إلى باريس، ليعود إنسانا مختلفًا بصيغة أكثر عُمقا ونضجًا وقدرة على إثارة الأسئلة العميقة واجتراح الأجوبة غير التقليدية.

وُلد سنة 1889 وفقد بصره صغيرًا، وأدخله أبوه كُتّاب القرية لدى الشيخ محمد جاد الرب؛ ليتعلم العربية والحساب وتلاوة القرآن وحفظه فى فترة قصيرة أذهلت أستاذه وأقاربه ووالده، فقد كان يمتاز بعقلية مميزة منذ طفولته. وصار بعدها من الضرورى أن يتحرك خطوة للأمام، فأُرسل إلى الأزهر لاستكمال دراسته.

حل على القاهرة سنة 1902، وقضى فيها سنوات يُحصّل العلم، لكنه اصطدم مع طرق التدريس القديمة القائمة على الحفظ والتلقين، من دون فسحة للتأمل والتفكير، أو لمسة من مُعاصرة واشتباك مع العالم، ولأنه ذو عقلية مجبولة على التفكير فطريا فقد تمرّد على ذلك، فتعرض لأزمات ومشكلات وصلت إلى رفض حصوله على درجة "العالمية" الأزهرية

من حُسن حظه أن الجامعة المصرية فتحت أبوابها عام 1908، وكان طه حسين أول المنتسبين إليها، وهناك انفتحت أبواب التعلم على آخرها، فدرس العلوم العصرية، والحضارة الإسلامية، والتاريخ، وعددا من اللغات الشرقية. وفى 1914 نال شهادة الدكتوراه وموضوعها "ذكرى أبى العلاء" وكانت الأولى فى الجامعة المصرية.

فى العام نفسه، أوفدته الجامعة إلى مونبلييه بفرنسا، لمتابعة التخصص والاستزادة من فروع المعرفة والعلوم العصرية، فدرس الفرنسية وآدابها، وعلم النفس والتاريخ الحديث. ثم عاد فى إجازة ومكث ثلاثة أشهر أثار خلالها معارك وخصومات متعددة، محورها الكبير بين تدريس الأزهر وتدريس الجامعات الغربية، ما حدا بالمسؤولين إلى حرمانه من المنحة المعطاة له لتغطية نفقات دراسته بالخارج، لكن تدخل السلطان حسين كامل حال دون ذلك، فعاد إلى فرنسا مجددا لمتابعة التحصيل العلمى، ولكن فى العاصمة باريس، فدرس الاتجاهات العلمية فى الاجتماع والتاريخ اليونانى والرومانى والحديث.

أعد أطروحة الدكتوراه الثانية عام 1918 وعنوانها: "الفلسفة الاجتماعية عند ابن خلدون"، إضافة إلى إنجازه دبلوم الدراسات العليا فى القانون الرومانى، والنجاح فيه بدرجة الامتياز، وفى تلك الأعوام كان قد تزوج من سوزان بريسو الفرنسية السويسرية التى ساعدته على الاطّلاع، فتمكن من الثقافة الغربية إلى حد بعيد. وعندما عاد لمصر سنة 1919 عُيّن أستاذًا للتاريخ اليونانى والرومانى بالجامعة المصرية، وكانت جامعة أهلية، فلما أُلحقت بالدولة عام 1925 عينته وزارة المعارف أستاذًا للأدب العربى، فعميداً لكلية الآداب عام 1928.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة