أكد اللواء محمد إبراهيم الدويرى نائب مدير المركز المصرى للفكر والدراسات في دراسة نقلها المرصد المصرى التابع للمركز أن العمليات العسكرية، التي تفجرت بين إسرائيل وقطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023، تمثل نقطة تحول في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وذلك في ضوء استمرار هذه العمليات منذ هذا التاريخ، وحتى الآن، ودون وجود أي أفق متى يمكن أن تنتهي، وكيف ستنتهي؟.. حيث وصل عدد الشهداء والجرحى الفلسطينيين أكثر من ٢٥ ألفا حتى الآن، إضافة إلى التأثيرات والتداعيات، التي سوف تسفر عنها، والتي من المؤكد أن نتائجها سوف تكون على قدر كبير من الأهمية، خاصة على المستوى الإقليمي.
وعدد الدويرى أن القيادة السياسية المصرية حرصت منذ بداية هذه الأحداث على رفض عملية قتل المدنيين التي اتسمت بها هذه العمليات، وأن ما تقوم به إسرائيل قد تجاوز مسألة الرد المتوقع في مثل هذه الحالات وكذلك رفض سياسة العقاب الجماعي التي تنفذها إسرائيل في قطاع غزة، وبما أدى إلى معاناة سكان غزة من كوارث إنسانية غير مسبوقة.
وأوضح إن مصر لم تغلق معبر رفح من الجانب المصري من أجل دخول المساعدات الإنسانية لسكان القطاع، وأن المشكلة تكمن في أن إسرائيل هي التي قصفت المعبر الفلسطيني، ومن ثم يتعثر مرور المساعدات إلى داخل القطاع.
كما رفضت تماما سياسة التهجير القسري لسكان القطاع، حيث إن العمليات الإسرائيلية تدفع بقوة في هذا الاتجاه كما رفضت أن تتم تصفية القضية الفلسطينية أو حلها على حساب مصر، وأن المساس بالأمن القومي المصري يعد خطًا أحمر.
ولفت الدويرى إلى أنه من الضروري أن تأخذ مصر في اعتبارها، وبكل الجدية، جميع المشروعات الإسرائيلية المطروحة منذ أكثر من عقدين حول موضوع تبادل الأراضي، وخاصة المطالبة بقيام مصر بمنح سكان القطاع مساحة من الأرض في سيناء، حوالي 700 كيلومتر مربع. ويزيد من خطورة هذا الموضوع قيام بعض الإسرائيليين الرسميين وغير الرسميين مؤخرًا بإعادة طرح نفس الأفكار القديمة، والإشارة إلى ضرورة استيعاب مصر مئات الآلاف من سكان القطاع، بل قد وصل الأمر إلى انتقال هذا الطرح، شديد الوقاحة، من مرحلة استيعاب مصر لسكان غزة إلى مسألة اختيار الأماكن التي يمكن أن يقطنوا فيها في بعض المحافظات المصرية.
وأضاف ،لم يكن أمام القيادة السياسية المصرية الوطنية من خيار أمام هذا الحديث المتكرر عن التهجير إلى سيناء سوى أن تعيد التأكيد في جميع المناسبات على الرفض القاطع لموضوع التهجير القسري، وأن مصر لن تقبل مطلقًا سواء تصفية القضية الفلسطينية أو حلها على حساب مصر، وأن كل من يفكر بهذا الحل يعد واهمًا، حيث إن موقف مصر تجاه القضية الفلسطينية يعد موقفًا واضحًا لن يتغير وأن كل من في الضفة الغربية وقطاع غزة يمثلان الدولة الفلسطينية المرتقبة.
وأشار إلى أنه من الواضح أن العمليات العسكرية الجارية حاليًا في قطاع غزة تتصاعد بين يوم وآخر، ولا يوجد في الأفق أي مجال للتهدئة، حيث تعتزم إسرائيل استكمال عملياتها، خاصة التوجه في الوقت الذي تراه مناسبًا للقيام بالعملية البرية التي سوف تحقق من وجهة نظرها الهدف الرئيس من العمليات والمتمثل في القضاء على حماس، والأمر الغريب الذي يجب الإشارة إليه في هذا الشأن أن هناك العديد من الكتابات والأفكار الإسرائيلية والأجنبية التي بدأت تتحدث عن مستقبل الوضع السياسي والأمني في قطاع غزة في أعقاب القضاء على حكم حماس، وكأن الموقف في غزة، قد انتهى، وتم حسمه لصالح إسرائيل، كما خططت له.
ومن المؤكد، أن استمرار هذ العمليات سوف تكون له تداعياته، ليس فقط على مستقبل القضية الفلسطينية، بل على الاستقرار في المنطقة كلها، وهو الأمر الذي يجب أن تعيه الولايات المتحدة، والأطراف الأخرى، حتى لا يتسع نطاق الصراع في المنطقة، ويتم فتح جبهات جديدة، أهمها، جبهة إيران، أو بالتحديد جبهة حزب الله. وفي التقدير، أن الموقف ككل يتجه إلى مزيد من التصعيد، وإن كانت الخطوات الإيرانية لم ترق حتى الآن إلى مستوى التدخل الفاعل في هذه الأزمة.
وفي كل الأحوال، فإن الدور المصري في هذه الأزمة يعد دورًا رئيسًا لا يمكن لأحد تجاهله سواء خلال الفترة الحالية أو مستقبلًا؛ في ضوء أن القضية الفلسطينية هي قضية أمن قومي مصري، كما أن قطاع غزة تمتد حدوده مع مصر لمسافة 14 كم، بالإضافة إلى الخبرة المصرية المتميزة التي تمتلكها في مجالات التهدئة وتبادل الأسرى. إلا أن العامل الرئيس الذي يحكم تحرك وفكر القيادة السياسية المصرية والمدعوم بقوة من الشعب المصري يتمثل في ضرورة الحفاظ على الأمن القومي، وعدم السماح لأي طرف بالمساس به، والتصدي بقوة لأي محاولات سواء لتهجير سكان غزة إلى سيناء أو تصفية القضية الفلسطينية أو عودة الإرهاب إلى سيناء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة