مصطفى عبد التواب

من غزة نسأل.. من يعطل السلام فى العالم؟

الخميس، 26 أكتوبر 2023 01:41 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
1
بين حين والآخر ومنذ زمن ليس بعيد، عرف الغرب نوعًا من الاستهداف عُرف باسم الذئاب المنفردة تارة، والتطرف تارة، وفى المنتصف أطلق جماعات على أنفسهم أسماء مختلفة لكنها تنطلق من نفس المبدأ هو كراهية الغرب وتكفيره، وهو ما يخلق سؤالاً متكررًا لماذا يكره أبناء هذه المنطقة التعيسة بلادهم ويسهل ضمه للجماعات التكفيرية.. التى استغل الحديث عنها لألعنها حتى لا يفهم قارئ أنى أبرر لهم، وأوضح أن هذه السطور هى تفكير بصوت عالٍ مع صديقى المواطن الأوروبى أو الأمريكى الذى استيقظ ضميره وخرج على غير رغبة حكومته منددًا بالجرائم التى يرتكبها الاحتلال الإسرائيلى فى غزة الآن، لعلنا نفهم من يعطل السلام فى العالم؟ 
 
2
فى مستهل الحرب البربرية التى بدأها "جيش الاحتلال الإسرائيلي" على قطاع عزة، طل علينا وزير دفاع الاحتلال واصفًا سكان قطاع غزة بالحيوانات البشرية، لعل انفعاله فى التفاعل مع الهزيمة القاسية التى تلقوها من حيث ظنوا أنفسهم آمنين، دفعه لقول حقيقة ما يؤمن به، وهو ما اتضح فى تعامل طائرات الاحتلال فى وقت لاحق لهذا التصريح، فقصف المبانى المدنية بزعم أن بها عناصر من حماس، تخيل قصف عمارة كاملة لأنهم يظنون أن واحدًا فقط من عناصر حماس يقطن بها، فكانت الحصيلة قرابة الستة آلاف شهيد أغلبهم من النساء والأطفال.. لا بأس إذن فهم حيوانات بشرية بالنسبة لهم.
 
3
 منذ أن وعت أعيننا على الدنيا، ينصب الغرب وأمريكا، أنفسهم حراسا لتطبيق الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان فى العالم، حسنًا سيعملون على وقف استهداف الأبرياء ويصونون الحق الأهم للإنسان وهو "الحياة" وهو الحق المحمى بموجب كل دساتيرهم ومواثيقهم التى يغزون البلاد بزعم حمايتها "ليس العراق ببعيد"، لكن الغرب وأمريكا فعلوا ما تمليه عليهم رغبتهم الصادقة، وأعطوا ضمانا لحماية إسرائيل لتفعل ما يحلو لها، إعلامهم ذهب إلى اختلاق الأحداث حتى يبرر لهم دعم الاحتلال فى جرائمه، وحكومتهم تكشفت عن حقيقتها لتخبرنا أنه إن لم يكن هناك إسرائيل لاخترعوا إسرائيل، وذهب الحديث حول حقوق الإنسان إلى الأدراج، فلا إنسان إلا هم، والباقون حيوانات بشرية مثلما وصف مندوبهم الذى إن لم يكن بيننا لاخترعوه.
 
4
منذ ساعات بدأت حكومات الغرب تشعر بالقلق، ماذا يقلقهم إذن؟ حسنا فهمت مصالحهم فى الشرق الأوسط، أو بالأحرى تدفق الغاز والنفط ليضمن تدفئة الطفل الأوروبى فى ظل الاستعداد لموسم الشتاء، يقلقهم حماية طفلهم المدلل، من خلال القواعد المنتشرة فى الشرق الأوسط، وخشيتهم من أن يزيد استهداف هذه القواعد، وسؤال دافعى الضرائب حول فشلهم فى حماية شباب بلادهم فى صفوف قوات هذه القواعد، يقلقهم توسع الصراع والانجرار لحرب مفتوحة تشغلهم عن مهمتهم السامية فى حماية المواطن الأبيض المميز فى أوكرانيا وحمايته من القصف والاستهداف الذى تقوم به القوات الروسية. 
 
إذا هم ضد القصف فى أوكرانيا وضد الاحتلال فى أوكرانيا، لكنهم يحبونه وإن لم يكن موجودا اخترعوه بيننا، إذا هم يخافون على أطفالهم من برد الشتاء القارس، لكنهم يخترعون السبب لتشريد أطفالنا فى فلسطين المحتلة،  ولا يهم أن حرارة الجو باتت باردة فى غزة الآن لأنها مدينة ملاصقة للبحر، لا يهم المهم أطفالهم.. هم مع حماية الشباب حتى لا يحاسبهم دافعو الضرائب، لكن شبابنا فليموت سحقًا لحماية اختراعهم التاريخي،  فلنذهب للجحيم فنحن حيوانات بشرية كما صرح وزير دفاع اختراعهم الدخيل بيننا، والذى يكشف التاريخ عن أنه حتى من قبل النكبة 1948 وهم ينظرون لنا هذه النظرة. 
 
6
 عزيزى المواطن الأوروبي، عزيزى المواطن الأمريكي، الحيوانات عندما تجد نفسها تباد تبحث عن أسباب للنجاة والانتقام، فما بالك لو كانوا بشرًا، لديهم أدبيات وسرديات وتاريخ طويل من النضال ضد المستعمر، عزيزى لم يسبق يومًا أن باركت دماءك التى سالت على يد المتطرفين، لكنى أرجوك أن تسأل حكوماتك، من ذا الذى خلق الإرهاب، من الذى تحرك دومًا لحماية شعارات وهمية يثبت الحاضر عدم إيمانه بها وخرب البلاد التى أنتجت القاعدة وداعش، من فكك العراق لتكون مرتعا لكل التنظيمات التى انطلقت لقتلك لاحقًا، عزيزى اسأل حكوماتك عن فزاعة الفوضى فى بلادنا وحشر أنوفهم البغيضة فى شئوننا، لدرجة وقحة جعلتهم يخبرونا بأنه إن لم يكن هناك إسرائيل لاخترعوها لنا، ضاربين بعرض الحائط حق الشعوب فى التحرر وتقرير المصير ومقاومة المحتل.
 
7
‎عزيزي، نحن لا نبرر  العنف، ولا نكره السلام، لكن نفكر معك بصوت عالٍ، ما مستقبل أطفال كبروا وهم يرون أنفسهم / أو أخوتهم العرب يقتلون بمنطق أنهم حيوانات بشرية، كيف نقنعهم ألا يذهبون إلى اعتناق الأفكار المتطرفة، إذا ما كان العالم المتحضر يبررها؟، كيف نرى أنفسنا فى أعين أطفالنا ونحن نطالبهم بالميل نحو السلم والخير، بينما الآخر يروج للقتل ولاحتقار الآخر؟ عزيزى المواطن الغربى والأمريكى، أسأل حكومتك لماذا يصنعون أجيالا كارهة للسلام وتميل للعنف لأنهم يجلسون الآن فى عمر الخامسة والسادسة والسابعة أمام التلفاز ليرون أشلاء أطفال فى أعمارهم يقتلون بمنطق أنهم "حيوانات بشرية"، وحتى أكون أكثر ارتباطا بالظرف الحالى دعنى أسأل كيف نقنع أطفال فلسطين ألا ينضمون إلى حماس بينما يصرح رئيس وزراء الاحتلال فى يونيو الماضى: "يجب أن نقمع طموح الفلسطينيين فى إقامة دولة" كيف تريدوننا أن نقنعهم بالسلمية أمام شخص يتحدث حول قمع من يريد تنفيذ قرارات المجتمع الدولى والحصول على حقه المشروع".
 
 
 
 
 
 






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة