ذكرت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربى آسيا (الإسكوا)، أن كل سكان غزة تقريبًا يعيشون اليوم فى فقر متعدد الأبعاد يطال 96% من السكان بسبب الحرب، فى حين بلغت هذه النسبة 45% فى الفترة 2017-2018، معتبرة أن القصف الإسرائيلى المدمر لا يحصد الأرواح ويدمر الممتلكات فحسب، بل يحرم سكان غزة من خدمات أساسية كالخدمات الصحية المُنقذة، وخدمات المياه والغذاء والكهرباء والتعليم والعمل.
وأصدرت (الإسكوا)، اليوم/الخميس/، ورقة بعنوان "الحرب على غزة 2023: تداعيات مدمّرة غير مسبوقة"، تبحث فى وجهَين أساسيين من الوضع الكارثى الحالي، وهما السياق الاقتصادى والاجتماعى فى غزة قبل الحرب والتداعيات المباشرة وذات المدى الطويل للحرب الحالية.
وأكدت الإسكوا، أن الورقة تسلّط الضوء على الحصار المفروض على غزة منذ عام 2007، معتبرة أن هذا الأمر يعد أحد أقسى تجليات السياسات الإسرائيلية الطويلة الأمد التى تقيّد حركة الفلسطينيين على نحوٍ يُشكل عقاباً جماعياً.
وأشارت إلى انخفاض عدد من سمحت لهم السلطات الإسرائيلية بمغادرة القطاع من أكثر من نصف مليون شخص فى الشهر فى عام 2000 إلى 35 ألف و370 شخصا فى الشهر العام الماضي، علمًا بأن الحصار مفروض أيضًا على بعض السلع الضرورية.
وجاء فى ورقة الإسكوا: "أفضت الحرب على غزة، مع الحصار الكامل الذى تفرضه إسرائيل على القطاع، إلى وضع غير مسبوق من حيث جسامة الخسائر فى الأرواح والدمار، وإلى تداعيات عميقة ومدمّرة على حياة الفلسطينيين فقُتل إلى اليوم أكثر من 6 آلاف و500 شخص، 40% منهم من الأطفال وهذا الرقم يفوق ثلاثة أضعاف مجموع القتلى فى أربع هجمات عسكرية سابقة على القطاع منذ عام 2008 وقد دمّر القصف خلال الأسبوعَين الماضيَين ما لا يقل عن 42 فى المائة من المساكن أو ألحق بها أضرارًا جسيمة".
وأوضحت، أن الهجمات العسكرية الإسرائيلية المتعاقبة على غزة شكلت وجها آخر للسياق الذى كان أهل القطاع يعانون منه قبل الحرب، فأدت إلى تراجع مستمر فى نواتج التنمية وحولت المعونة المُقدمة، التى انخفضت قيمتها الإجمالية عبر السنوات، من دعم التنمية إلى المعونة الإنسانية.
وأشارت إلى أن الدعم التنموى فى عام 2010 يفوق المعونة الإنسانية بخمسة أضعاف، أما فى عام 2021، فأصبح يفوقها بمرة ونصف فقط.
وقالت الأمينة التنفيذية للإسكوا رولا دشتي، إن غزة شهدت على مدى سنوات طويلة دوامة تراجع على المستويات الاقتصادية والاجتماعية، مؤكدة أن هذا الأمر اتضح فى نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالي، الذى كان يبلغ 1,972 دولارًا أمريكيًّا فى عام 2000، وتراجع إلى 1,256 دولارًا فى عام 2022.
وأضافت: "هذا ليس إلا أحد مؤشرات الوضع الكارثى الذى كان يعيش فيه سكان القطاع قبل هذه الحرب".. وشددت على مسؤولية المجتمع الدولى فى ضمان تدفق كميات كافية من المساعدات الإنسانية الحيوية إلى غزة بشكل فوري.
وحذّرت دشتى من أنه حتى فى حال قبول وقف إطلاق النار والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة اليوم، ستبقى نسبة كبيرة من السكان عالقة لعدّة سنوات فى دوامة الفقر والحرمان الناجمَين عن الحرب، بسبب فقدان رأس المال البشرى والقدرات البشرية، وتدمير المنشآت والبنى التحتية الاجتماعية والاقتصادية.
وقالت:" لتجنب تكرار انفجار العنف، يجب التعامل مع مرحلة ما بعد الحرب بشكل مختلف عما جرى بعد الهجمات السابقة فينبغى العمل على تصميم خطة لإنعاش غزة ووضعها على مسار التنمية المستدامة، بالموازاة مع عملية سلام يرعاها المجتمع الدولي، تُعالج الأسباب الجذرية للحرب وينبغى أن تستفيد هذه الخطة من أخطاء الماضى وألا تقتصر فقط على التعامل مع الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناجمة عن الحرب".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة