على الرغم من الهجمات الوحشية التى تنفذها قوات الاحتلال الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين، تقف أكبر شركات التكنولوجيا بجانب إسرائيل وسط صمت تام تجاه فلسطين، الأمر الذى أدى لاحتجاج آلاف الموظفين فى شركات التكنولوجيا، نتيجة دعم هذه الشركات لإسرائيل بشكل مباشر، وللموظفين الإسرائيليين داخل هذه الشركات بشكل خاص، وهو الأمر الذى لم يحدث نهائيا مع الموظفين الفلسطينيين داخل هذه الشركات.
تسريح موظفى جوجل لدعمهم فلسطين
كان أحد مصممى جوجل، المقيم فى كاليفورنيا، من بين مئات الأشخاص الذين صدموا عندما وجدوا أسماءهم فى قائمة عامة، تم توزيعها فى الأسبوع الماضى تحمل اسم «الموظفين المعادين لإسرائيل»، الذين قاموا بتوزيع منشورات «يحتمل أن تدعم الإرهاب» على وسائل التواصل الاجتماعى، بحسب ما يرونه.
فبعد حوالى أسبوع من هجمات إسرائيل الغاشمة تجاه الفلسطينيين، نشرت إحدى موظفات جوجل مقطع فيديو لنفسها، وهى تغنى على موقع LinkedIn فيما وصفته بأنه «تحية صادقة لإخوانى الفلسطينيين والأطفال الأبرياء، الذين فقدوا حياتهم بشكل مأساوى بسبب القصف الإسرائيلى المستمر».
وفى غضون أيام قليلة، تمت مشاركة منشورها واسمها بالكامل، واسم صاحب عملها على موقع إلكترونى تم إنشاؤه من قبل مهندس برمجيات فى تل أبيب.
رد أحد الأشخاص على منشورها على موقع LinkedIn فى تعليق تم حذفه منذ ذلك الحين: «إن دعمك للإرهاب تتم مراقبته وتسجيله، حظا موفقا فى العثور على وظيفة فى المستقبل».
انحياز شركات التكنولوجيا لإسرائيل
وبينما يراقب العالم ارتفاع عدد القتلى فى غزة وإسرائيل، فإن التوترات فى الولايات المتحدة تزداد، حيث يرتبط عالم الشركات بعلاقات وثيقة مع إسرائيل تصل إلى نقطة الغليان، وبينما أدلى العديد من كبار المسؤولين التنفيذيين بتصريحات علنية لدعم إسرائيل، رغم أعمالها العنيفة تجاه الفلسطينيين، بدأ بعض الموظفين الأمريكيين فى الضغط على الإدارة للإدلاء بتصريحات مماثلة حول مقتل الفلسطينيين فى أعقاب القصف الإسرائيلى الغاشم على غزة.
رفض الموظفين سياسة الكيل بمكيالين
دفع الموظفون فى شركات مثل جوجل وأمازون رؤساءهم إلى اتخاذ موقف سياسى عام، لكن البعض يقولون: إن الدعوات لوقف إطلاق النار، داخليا، خضعت للرقابة غير العادلة، لقد فقد عدد قليل من الأشخاص، بما فى ذلك طالب قانون، وطيار، وصانع محتوى، فى الولايات المتحدة وفى جميع أنحاء العالم، وظائفهم، أو واجهوا تأديبا أو رد فعل عنيفا، بسبب منشوراتهم عبر الإنترنت التى تنتقد إسرائيل، واستقال مؤسس مؤتمر تكنولوجى كبير يوم السبت الماضى بعد انسحاب الرعاة الرئيسيين من الحدث القادم بسبب تغريداته، التى وصف فيها تصرفات إسرائيل بـ«جرائم حرب».
وفى الوقت نفسه، يشعر الموظفون بالتهديد من إنشاء مواقع إلكترونية تحاول وضع العمال الذين يتحدثون ضد الحرب أو يدعمون الفلسطينيين على القائمة السوداء.
استدعاء موظفى شركات التكنولوجيا كجنود فى الجيش الإسرائيلى
بحسب صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، ترسل الحكومة الأمريكية مليارات الدولارات من المساعدات الخارجية إلى إسرائيل، وتقوم قطاعات التكنولوجيا والمالية والعلوم والطاقة بأعمال كبيرة هناك، مما يجعل القضية شائكة بالنسبة للمديرين التنفيذيين.
وقالت آن مارى ميتشل، نائب الرئيس الأول فى شركةReputation Partners، وهى شركة علاقات عامة فى شيكاغو: إن التدخل فى القضايا السياسية يمكن أن يدفع الشركات إلى مواقف صعبة، وما علينا إلا أن ننظر إلى عدد من الشركات، التى تواجه دوامة من التوتر وسط ردود فعل متضاربة من أصحاب الامتيازات التابعة لها.
يدرك الموظفون الأمريكيون أن الصراع بين إسرائيل وغزة يمثل قضية حساسة وشخصية بشكل خاص، لكن العمال الأمريكيين، خاصة الأجيال الشابة، يتوقعون على نحو متزايد أن يتخذ أصحاب العمل مواقف سياسية.
وقال «ميتشل»: «هذه ليست مشكلة يمكن حلها بسهولة، الناس فى جميع أنحاء العالم يراقبون».
وأخبرت الشركة صحيفة The Post سابقا، أن الأولوية القصوى للشركة هى ضمان سلامة موظفيها وفرقها على الأرض.
موقف جوجل المنحاز
قال المدير التنفيذى فى رسالة بالبريد الإلكترونى للموظفين: «فى أعقاب هجوم 7 أكتوبر على إسرائيل مباشرة، ركز ساندر بيتشاى، الرئيس التنفيذى لشركة جوجل، على التأكد من سلامة جميع موظفى الشركة البالغ عددهم 2000 موظف تقريبا».
وبعد ثلاثة أيام من الهجوم، فى 10 أكتوبر، غرد «بيتشاى» قائلا: «إنه يشعر بحزن عميق بسبب الهجمات الإرهابية فى إسرائيل فى نهاية هذا الأسبوع والصراع المتصاعد الجارى»، مضيفا أنه «لا يمكن تصوره» ما كان يعانيه موظفو الشركة فى إسرائيل.
ولكن مع بدء إسرائيل فى شن هجومها المضاد على غزة، وهو الهجوم الذى أودى حتى الآن بحياة أكثر من 3000 شخص، وفقا لمسؤولين فلسطينيين، أصبح بعض موظفى جوجل يشعرون بالفزع بشكل متزايد، لأن الشركة لم تصدر أى بيان بشأن الخسائر فى أرواح الفلسطينيين.
موظفو جوجل يعارضون سياسة الشركة
500 موظف فى جوجل يعارضون العمل مع إسرائيل بمطالبة «بيتشاى» بالإدلاء ببيان علنى بشأن الفلسطينيين، ومنذ عام 2022، عارض المئات من موظفى جوجل عقد الحوسبة السحابية، الذى أبرمته الشركة مع إسرائيل، والذى يسمى «مشروع نيمبوس»، لقد أعادت حرب إسرائيل على غزة إشعال القضية داخل الشركة، وبدأ الموظفون الذين يعارضون العمل مع إسرائيل بتوزيع عريضة تطالب بإلغاء الصفقة، وأن يقوم «بيتشاى» بالإدلاء ببيان علنى بشأن الفلسطينيين.
وقال أحد الموظفين المشاركين فى تنظيم العريضة، الذى تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته لحماية وظيفته: إن أكثر من 500 موظف وقعوا عليها، ويصف الهجوم الإسرائيلى على غزة بأنه «إبادة جماعية»، ويقول: إنه من خلال «تزويد إسرائيل بالذكاء الاصطناعى والتكنولوجيا الأخرى، فإن جوجل متواطئة فى المراقبة الجماعية التى تمكن من احتلال الفلسطينيين وإخضاعهم».
قيادات جوجل تلزم الصمت ضد الإبادة الجماعية للفلسطينيين
وجاء فى العريضة: «لقد التزم ساندر بيتشاى، وقيادة جوجل بشكل عام، الصمت علنا بشأن الإبادة الجماعية التى تتكشف، معبرين عن مخاوف عامة بشأن الإسرائيليين، ولكنهم لم يقولوا شيئا عن الفلسطينيين، وداخليا، أعرب «ساندر» بهدوء عن تعاطف جوجل مع المجتمعات الفلسطينية والعربية والمسلمة، لكنه لم يقدم أى بيانات عامة عن التضامن أو التعاطف».
يطالب التقرير «بيتشاى»، ورئيس قسم السحابة فى جوجل، توماس كوريان، بإدانة الإجراءات الإسرائيلية علنا، وتقول العريضة: «أى شىء أقل من ذلك هو إذعان وتواطؤ».
وداخليا، أعرب «بيتشاى» عن مخاوفه بشأن الموظفين الإسرائيليين، وموظفى جوجل اليهود الذين يواجهون معاداة السامية فى جميع أنحاء العالم ومع «موظفى جوجل الفلسطينيين والعرب والمسلمين»، الذين تأثروا بشدة بالارتفاع المقلق فى كراهية الإسلام، ويراقبون بفزع المدنيين الفلسطينيين، حيث عانت غزة من خسارة كبيرة وخوف على حياتهم وسط تصاعد الحرب والأزمة الإنسانية.
موظفو أمازون قلقون
كما أن الموظفين فى أمازون، خاصة أعضاء مجموعة موارد الموظفين العرب، يشعرون بالإحباط بشكل متزايد بسبب استجابة الشركة أو عدم وجودها، مثل جوجل، أبرمت أمازون عقدا مع الحكومة الإسرائيلية، الذى كان بعض موظفى أمازون يضغطون على الشركة لإسقاطه من خلال الاحتجاج والإدانات العامة.
مواساة الموظفين الإلسرائيليين وصمت تجاه الفلسطينيين
فى 9 أكتوبر، بعد يومين من الهجوم الذى شنته حماس، أرسل الرئيس التنفيذى لشركة أمازون، آندى جاسى، رسالة بريد إلكترونى إلى الموظفين فى إسرائيل يشارك فيها دعمهم، وكتب: «أنا أفكر فيكم جميعا فى هذا الوقت العصيب للغاية، وأتفهم أن تركيزكم الفورى يحتاج إلى أن يكون أولا وقبل كل شىء، لضمان سلامتك وسلامة أحبائك»، وقام بتغريد رسالة مماثلة فى نفس اليوم.
بينما لم يتم إرسال أى بريد إلكترونى إلى الموظفين الفلسطينيين فى الولايات المتحدة أو فى الخارج، مما آثار الذعر بين حوالى 2000 عضو فى مجموعة الموظفين العرب.
قال موظف أمازون: «أمازون توظف موظفين عرب، وحياتنا متساوية، لديهم الكثير من الموظفين وهذا يؤثر على الجانب الآخر، نحن لسنا كلنا إرهابيين، نحن مجرد بشر لديهم عائلات فى تلك المواقف.. الناس غاضبون، يريدون أن يروا أمازون تتخذ موقفا».
