انتقلت لجنة من بنك القاهرة يرأسها إبراهيم الجوهرى مدير البنك إلى فيلا سيدة الغناء العربى أم كلثوم، بعد ظهر 19 أكتوبر، مثل هذا اليوم، 1967، حسبما تذكر «الأهرام» يوم 20 أكتوبر 1967.
تكشف الأهرام أن اللجنة أمضت ساعتين استلمت فيها دفعة جديدة من التبرعات الذهبية التى جمعتها فى الأسبوعين الأخيرين، حيث وصل بذلك مجموع ما جمعته 100 كيلو ذهب ثمنها 100 ألف جنيه دعما للمجهود الحربى، وتضيف الأهرام: «من بين ما سلمته أم كلثوم إلى اللجنة 500 جنيه ذهب تبرعت بها حرم الشيخ دعيج السلمان الصباح «أحد كبار الكويتيين»، بالإضافة إلى كيلو من الحلى والأساور والدبل جمعتها أم كلثوم من المواطنين».
كانت أم كلثوم تواصل جهدها الرائد فى حملتها لصالح دعم المجهود الحربى بعد هزيمة 5 يونيو 1967، وحسب كريم جمال فى كتابه «أم كلثوم وسنوات المجهود الحربى»، فإنها بدأت فعليا جهدها فى هذا المجال يوم 20 يونيو 1967 عندما حولت شيكا بمبلغ 20 ألف جنيه إسترلينى لخزانة الدولة المصرية، تلقته من الكويت مقابل إذاعة بعض تسجيلاتها الغنائية هناك، ولم يعلن عن ذلك التبرع إلا بعدما سرب أحد العاملين فى وزارة المالية الخبر إلى الصحافة المصرية، فكتب تفاصيله الكاتب الصحفى موسى صبرى فى مقال قصير بصحيفة الأخبار فى 27 يونيو 1967 تحت عنوان «خدوا القدوة من أم كلثوم»، دعا فيه الفنانين المصريين إلى الاقتداء بمواقف أم كلثوم الوطنية، خصوصا أن البعض وسط أجواء الهزيمة سافر إلى لبنان بحجة حر الصيف فى القاهرة.
يتتبع «كريم جمال» خطوات حملة أم كلثوم لصالح دعم المجهود الحربى قبل أن تنتقل لجنة بنك القاهرة إليها فى فيلتها، مشيرا إلى أنها كونت «هيئة التجمع الوطنى للمرأة المصرية» فى 10 يوليو 1967، وكان من بين لجانها «لجنة التبرعات»، وتقوم بتنظيم وسائل جميع التبرعات سواء كانت ذهبا أو نقودا أو ملابس، وحاولت تلك اللجنة أن تبتكر وسائل جديدة لحث المواطنين على التبرع، يضيف «جمال» أنه فى 11 يوليو 1967 عقد اجتماع بمنزل أم كلثوم، وضعت فيه الخطة التفصيلية لعمل التجمع الوطنى فى جمع التبرعات التى بلغت خلال الأسبوع الأول فقط من يوليو 15 ألف جنيه قدمتها أم كلثوم لوزارة الشئون الاجتماعية.
وعن التبرعات بالذهب، يذكر «جمال» أن حملة شعبية بدأت لجمعه لتعويض خزانة الدولة المصرية عن نقص العملة الصعبة، وبدأت الحملة عقب الهزيمة مباشرة، وانتشرت فى محافظات الجمهورية تقريبا، بعدما دعا إليها شخصيات عامة على رأسهم الكاتب الصحفى الكبير محمد التابعى الذى كتب فى صحيفة «الأخبار» يدعو المواطنين للتبرع بدبل الزواج، فكان أول المتبرعين شقيقين من مدينة قليوب «محافظة القليوبية» الأول اسمه محمد صالح أبوعيطة، والثانى أحمد صالح أبوعيطة، اللذان أعجبتهما الفكرة وشكلا مع أسرتهما رابطة للمشاركة فى عملية جمع الذهب إسهاما فى المجهود الحربى، حتى أطلق على هذه الرابطة آنذاك «كتيبة قليوب».
يضيف «جمال» أن أم كلثوم علمت بقصة الشقيقين، ودور أسرتهما فى حملة التبرع بالذهب، فأعلنت استعدادها لمقابلتهما، وتحدد الموعد بالفعل فى الأسبوع الثالث من يوليو 1967، وحمل الشقيقان بعضا مما جمعاه من دبل وأقراط ذهبية جُمعت من أهالى قليوب، ومئة جنيه نقدية تبرع بها ابن الشقيق الثانى، وبعدما تلقت هذه التبرعات عرض عليها الشقيقان أن تزور قليوب للإسهام فى توسيع دائرة التبرع، فقالت لهما: «إننا شعب عظيم، وسننتصر انتصارا باهرا، وأنا تحت أمركم بعيدا عن أى مظاهر، بس أجيب ذهب وأموال علشان وطننا الكبير».
كان ما فعله الشقيقان «أبوعيطة» ملهما لأم كلثوم، حيث كثفت نشاطها فى التواصل مع سيدات المجتمع وزوجات الوزراء والدبلوماسيين لجمع أكبر قدر ممكن من الذهب والمصاغ، حسبما يؤكد كريم جمال، مضيفا: «فى الواحدة من ظهيرة 17 يوليو 1967 توجهت أم كلثوم إلى فرع بنك القاهرة بشارع «عدلى»، وقدمت إلى لجنة قبول تبرعات الذهب كيسين كبيرين بداخلهما ألفى جنيه ذهب وزنهما 15 كيلو و800 جرام، كان الملك سعود بن عبدالعزيز أهداهما إليها، وقيمتها بالعملة المصرية آنذاك نحو 15 ألفا و168 جنيها.
أكدت أم كلثوم إن هذه الدفعة الأولى من حصيلة التبرعات بالذهب، وستقدم مجموعة أخرى من الحلى الخاصة بها، وتحف نادرة تقدر قيمتها بأكثر من قيمة الذهب، ومنها قلادة تاريخية مكونة من جنيهات ذهبية أثرية، وحتى تتمكن لجنة قبول التبرعات بالذهب فى بنك القاهرة من تسلم هذه الحصيلة بدقة بعيدا عن زحام الجمهور، طلب مدير الفرع إلى أم كلثوم أن تحدد موعدا تنتقل فيه اللجنة إلى منزلها لتسلم التبرعات.
فى 19 أكتوبر 1967 ذهب إبراهيم الجوهرى مدير بنك القاهرة بنفسه إلى فيلا أم كلثوم بالزمالك لتسلم حصيلة التبرعات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة