موسم حصاد البلح الأسوانى.. المزارعون يقطفون ثمار 3.5 مليون نخلة جنوب مصر.. ويؤكدون: أسوان تتميز بالتمور الجافة وتخزن حتى شهر رمضان.. "الملكابى والبرتمودى والسكوتى والقنديلة" أبرز الأنواع

السبت، 14 أكتوبر 2023 03:30 م

أسوان – عبد الله صلاح السبيع

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

مع نسمات الصباح الباكر وفى مساحة واسعة خضراء يتجمع العمال ومنهم الشباب والشيوخ والصبيان، بعد أن عرف كلاً منهم دوره ومهمته التى سيؤديها هذا اليوم على أكمل وجه، للخروج بأكبر كمية من الإنتاج وإنجاز ما تم الاتفاق عليه من المساحة الزراعية.

هكذا يشارك العشرات من عمال اليومية فى حصاد البلح بمحافظة أسوان، وهى التى تشتهر بإنتاج التمور الجافة، التى يمكن تخزينها حتى موسم رمضان لتغزو الأسواق بكثرة، نظراً لجودتها ومذاقها المميز، وخرج "اليوم السابع" فى جولة لمتابعة حصاد البلح الأسوانى ومشاركة هؤلاء العمال وتوثيق لحظات جنى المحصول فى مركز أسوان.

مشاهد من الحصاد.

يبدأ المشهد مع بزوغ الشمس وهلت نسمات الصباح يصاحبها زقزقت العصافير بين الأشجار والأراضى الخضراء فى منطقة مطلة على النيل مباشرة بنطاق مركز أسوان، هنا يتجمع العشرات من العمال، ويقسمون أنفسهم حسب الأدوار المكلفون بها فى العمل على جنى محصول البلح.

تحدث حسن مصطفى أبو زرار، مزارع وتاجر بلح بمحافظة أسوان، عن موسم الجنى والحصاد قائلاً: إن التمور من الأشياء التى وصى رسولنا الكريم بزراعتها مستشهداً بالحديث الصحيح الذى رواه الإمام أحمد عن أنس رضى الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قامت الساعة وفى يد أحدكم فسيلة فليغرسها"، مشيراً إلى أن الفسيلة هى النخلة الصغيرة، مضيفاً أن الرسول أشار فى العديد من الأحاديث أيضاً إلى فوائد التمور على الجسم باعتبارها غذاء صحى جيد.

وتابع المزارع الأسوانى، أن موسم حصاد البلح فى أسوان يبدأ خلال هذا الوقت من العام، ويستمر الحصاد والجمع من النخيل لمدة شهر أو شهر ونصف، ثم يعقبه أعمال الفرز والنظافة والتخزين والتعبئة والنقل إلى الأسواق ليباع مع موسم رمضان لتناوله مع الإفطار مباشرة بعد الصيام نظراً لفوائده الغذائية والصحية للجسم.

تجهيز الأقفاص وفرش المشمع تحت النخل

وأضاف، أن العمال يتجمعون فى الأرض، بعد أن صلوا الفجر وتناولوا الإفطار وجهزوا معدات العمل بالحصاد ومنها: "الأقفاص والمشمع والمناجل وحبال صعود النخلة" وغير ذلك، وفى الغالب يصل عددهم لـ80 عاملاً فى الأرض الزراعية فقط، بخلاف عمال الفرز والنظافة والتجفيف، ويبدأ عملهم بتقدم مجموعة من الصغار لفرش "المشمع" وهو عبارة مجموعة من الـ"شيكارة" مخيطة ببعضها ويتركونهم تحت النخيل ويغادرون المنطقة ويحضر بعدهم آخرون يستلمون منهم العمل، وهم "طالعى النخل".

طالع النخل

وطالع النخل يكون فى الغالب شاب "رشيق الجسم"، متمرس على ركوب النخلة، ويأتى إلى النخلة بعد أن نظر إلى أعلى، ليحدق ببصره فى طولها، والذى يزيد أحياناً عن 10 أمتار، ثم يثبت منجله الحديدى فى جسم النخلة حتى يقوم بلف الحبل ما بينه وبين النخلة، ثم يأخذ أداته الحديدية ويصعد إلى ثمارها فى الأعلى ويبدأ إنجاز مهمته بقطع هذه الثمار.

وتابع حسن مصطفى أبو زرار، حديثه عن الحصاد قائلاً: يصل أعداد طالع النخيل إلى 15 شخصاً معظمهم من الشباب وتحدد يومية كل عامل منهم حسب كفاءته وتتراوح من 350 إلى 450 جنيهاً، مضيفاً أنه بعد قطع كل الثمار من النخلة تأتى مجموعة أخرى وهم عمال الجمع، والذين يقومون بجمع المحصول وفرز أنواعه ثم تعبئته فى الأقفاص البلاستيكية للحفاظ على الثمرة من التلف، ثم يتم نقل المحصول إلى مكان آخر وهو المخزن أو المنشر الذى يتم فيه فرش المحصول تحت أشعة الشمس.

نقل المحصول بين طرق الزراعة الوعرة

يتم نقل محصول البلح باستخدام سيارات النقل التى تحمل أقفاص البلح وتسير بها فى طرق وعرة بين الأشجار والنخيل وتحتها مطبات الأتربة والأراضى الزراعية، وتتناوب سيارتين أحدهما تحمل المحصول بالأقفاص الممتلئة والأخرى تعود بالأقفاص الفارغة إلى المزارعين مرة أخرى حتى يتم ملئهم.

وأشار حسن أبو زرار، إلى أنه خلال الحصاد، يتم التنبيه على المزارعين بعد فتح المياه فى الأراضى التى سيتم الحصاد فيها حتى تكون الأرض جافة من تحت العمال لجمع محصول البلح، وكذلك لابد من فرش المشمع ليحافظ على نظافة الثمرة بحيث لا تسقط على الأرض وتختلط بالأتربة والطين وحتى يسهل جمع المحصول.

النساء يشاركن فى حصاد البلح

وفى "مناشر البلح" تتجمع النساء على الأرض وتعمل تحت أشعة الشمس لفرز الأصناف القادمة من الأرض الزراعية وفرشها على الأرض لتعرضها للتهوية والتجفيف ونظافتها من الشوائب، حتى يتم تخزينها وتجفيفها استعداداً لموسم الصيام.

وفى السياق، أوضح محمد أبو زرار، تاجر بلح أسوانى، أن أسوان تشتهر بإنتاج التمور الجافة المتميزة ومنها: "السكوتى والملكابى والبرتمودى والقنديلة والشامية" وهى منتشرة أكثر بامتداد قرى مركز أسوان، لافتاً إلى أن الأصناف الجافة تتميز بها أسوان نظراً لارتفاع درجات الحرارة، والتى يمكنها من تخزين البلح حتى موسم رمضان، ويغزو أسواق الجمهورية قبل حلول الشهر الكريم.

وأكد محمد أبو زرار، أن أصناف البلح فى مصر تصل لـ23 صنفاً، وتضم 3 مجموعات هي الأصناف الرطبة وتقع فى شمال الدلتا والإسكندرية ووجه بحرى، والأصناف النصف رطب وهى موجودة فى الواحات والوادى الجديد، ثم الأصناف الجافة وهى موجودة فى محافظة أسوان، والتى أساسها إقليم مناخى فى شمال السودان الموطن الرئيسى للتمور الجافة والتى نقلت من القديم إلى أسوان.

يشار إلى أن أسوان تضم نحو 3 مليون و600 ألف نخلة ، وهذا العدد يشكل نحو 25% من أعداد النخيل المثمر على مستوى الجمهورية – بحسب تصريحات سابقة من محافظ أسوان - والبلح يعد هو مصدر الدخل الثانى اقتصادياً للمزارعين بمحافظة أسوان بعد محصول القصب.