نعيش لنتعلم، ولأن الحياة كما عاهدناها قاسية، لا تمنح دون مقابل، نتعلم فقط عندما ندفع ثمنا، وثمنا كبيرا، واليوم تعلمنا درسا كبيرا، وكان المقابل أكبر ما يمكن تقديمه، وهو وداع غال على القلوب، حرمتنا الحياة من الزميل العزيز الطيب أبو ضحكة حلوة علام عبدالغفار، لتعلمنا ما أكد عليه رب العزة فى آياته الكريمة، لكننا ننساه وسط مساوئ الحياة وضلالها، رحل علام لنتعلم معنى قول الحق «وأما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض»، وأشهد الله وشهد مئات بل ألوف فى وداعك يا طيب أنك تركت ما يبقى فى الأرض بسيرة عطرة صنعتها بهدوئك المعهود وابتسامك التى لم تكن تغادر وجهك حتى فى بعد ما خانتك الأنفاس ورفضت العودة لجسدك، حتى هذه الخيانة قابلتها مبتسما كما قال لى من شاهدوا وجهك بعد الموت، حتى قبرك المعتم دخلته مبتسما راضيا بقضاء الله وقدره.
ابتسمت مستسلما وتركت خلفك محبيك، ولم نكن نعلم أنهم بهذه الكثرة، جيش من المحبين يا علام قطعوا المسافات وخرجوا فى لحظة وداعك، لم تكن جنازة بل كانت تظاهرات، قرية كاملة فتحت أبواب بيوتها لحشود اجتمعت عند باب بيتك تودعك، ألوف من البشر ألفت قلوبهم وجودك بينهم، واعتصرت قلوبهم حزنا لرحيلك، وأشهد الله أننى لم أتصور يوما أن لك محبين وأصدقاء بهذا القدر، أنا نفسى كنت أجهل قيمتك عندى، لم أكن أعلم أنك من أقرب الأقربين، ولم أحسبك يوما من الدائرة الأولى، لكن اليوم عرفت يا علام، عرفت دون أن أخبرك بهذا، عرفت دون أن أقدم لك القليل مما قدمته لنا جميعا.
اليوم عرفنا جميعا وتعلمنا الدرس جيدا، عرفنا معنى القلب الأبيض وعرفنا ثمن الابتسامة الجميلة وعرفنا قيمة الرضا، أن تكون راضيا وأن تراضى من استطعت، وعرفنا أثر الكلمة الطيبة، عرفناه من تلك القصص التى سمعناها من محبيك فى وداعك، لكل منهم قصة معك أنت البطل فيها، وأنت الداعم حتى ولو لم يكن بيدك حيلة، فكلمة «حاضر وعنيا» كانت تكفى لتطييب خاطر من يستنجد بك طالبا الدعم، كل هذا يا علام تركته خلفك ليعلمنا، هكذا ببساطة وبهدوء استطعت طوال حياتك أن تكتب سيرة عطرة تتركها لنا يوم رحيلك الأكثر قسوة على قلوب محبيك، لنتعلم أن ما ينفع الناس يبقى فى الأرض، وأنت تركت ما تبقى به بيننا، أعتذر يا صديقى أننى قصرت فى حقك كثيرا جهلا منى، وأعدك أن أعوض عنك ذلك فى محمد وحليمة ملائكتك الصغار.. وداعا إلى نلتقى بك وبمن نحب.
p
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة