وتحدث كثير من المواقع الإخبارية الهندية الكبرى، وبرامج الإذاعات، ومحطات التلفزة، عن تاريخ العلاقات بين البلدين كقطبين تمردا على المستعمرين السابقين، وأسسا معا حكما شعبيا يكرس قيم الاستقلال الوطني؛ وهو ما تمثل في تأسيس مصر والهند - التي كانت درة تاج المحتل البريطاني - وإلى جانبهما إندونيسيا ويوغوسلافيا لحركة عدم الانحياز أواخر خمسينيات القرن الماضي؛ وهي الحركة التي ولدت في ظل ظروف استقطاب عالمي (الحرب الباردة)، وتشبه إلى حد كبير أوضاع الاستقطاب الدولي التي يشهدها العالم حاليا لاسيما بعد الحرب الروسية – الأوكرانية. 

ووصف كبير خبراء المركز الوطني الهندي للبحوث التاريخية كابير تانيجا - في تصريحات خاصة لصحيفة "ذي كوينت" الهندية - الرئيس السيسى بأنه أهم رئيس مصري بالنسبة للهند منذ عهد الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر؛ الذي كان شريكا للهند وإندونيسيا ويوغوسلافيا في تأسيس حركة عدم الانحياز في باندونج عام 1955.


وقال تانيجا إن مصر والهند هما أقدم حضارتين في منطقة الشرق الأوسط، وأن ما يجمعهما من روابط ثقافية وفكرية ونضالية للتحرر من التبعية والاستعمار يؤهل لإقامة شراكة استراتيجية كاملة الأركان بين البلدين تحيي ما كانت عليه علاقتهما إبان عهد ناصر ونهرو. 

وفي تقرير مطول آخر، اعتبرت صحيفة "هندوستان تايمز" أن العلاقات بين نهرو وناصر خلال ستينيات القرن الماضي تجسد الفهم المشترك لكل من الهند ومصر في قيادة حركة عدم الانحياز العالمي إبان فترة الحرب الباردة الغربية السوفياتية.


وذكرت "هندوستان تايمز" أن المناخ الدولي الراهن يشبه ما كان الحال عليه إبان الحرب الباردة حيث تشتعل المواجهة بين روسيا والغرب منتجة مناخ استقطاب عالمي يتطلب تقاربا للآباء الأوائل لحركة عدم الانحياز؛ وهما مصر والهند في هذا التوقيت الحرج الذي يعيشه العالم.

واستطرد التقرير أنه مع تولى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسىي، قيادة مصر في العام 2014 أبدا اهتماما واضحا بإحياء التقارب بين مصر والهند وهو ما تجلى في مشاركته في القمة الهندية الإفريقية التي استضافتها دلهي عام 2015، وتلا ذلك قيام الزعيم المصري بزيارة للهند في العام 2016.

وفي المقابل كان رئيس وزراء الهند الحالي نانيدرا مودي يخطط لزيارة القاهرة في العام 2020 إلا أن تفشى جائحة كورونا عالميا حال دون إتمام تلك الزيارة، وبعد انتهاء مشكلة الكورونا وما صاحبها من إغلاقات زار وزير الدفاع الهندي راجانز سينج القاهرة في سبتمبر الماضي، وفي أكتوبر 2022 زار وزير الخارجية الهندي الدكتور جاجيناكار مصر وهو ما بشر بعودة العلاقات بين البلدين على حالها المعتاد من القوة والتفاعل. 

في السياق ذاته أبززت صحف هندية وقوف مصر إلى جانب الهند ووقوف الهند إلى جانب مصر في أوقات الشدة التي شهدها العالم منذ تفشى جائحة كورونا.. وأشارت التقارير الصحفية والإخبارية الهندية إلى مبادرة مصر بمد يد العون إلى الهند في الأوقات الصعبة التي مرت بها الهند عام 2020 وما تلاه لمواجهة تداعيات جائحة كورونا التي كانت الهند من بلدان العالم الأشد تضررا منها بعد الصين.

وأبرزت التقارير الصحفية الهندية كيف أنه في مايو 2021 قدمت القاهرة للهند شحنة من اللقاحات (300 ألف لقاح رديميدسفير) في وقت كان العالم فيه مرتبكا ويلهث وراء كل جرعة لقاح، ولكن مصر كسابق عهدها كانت سباقة في مساعدة الأشقاء و الأصدقاء في أوقات المحن مهما كان ذلك صعبا أو مكلفا. 


وذكرت صحيفة "ويب إنينديا – 123 الرقمية" أنه في العام 2022 ردت الهند الجميل لمصر في أوقات الشدة، وقدمت القمح لمصر بالتزامن مع توقف سلاسل الإمداد والتوريد على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية التي بدأت في 24 فبراير الماضي، حيث بادرت نيودلهي بتوريد 5ر61 ألف طن من القمح انطلقت من ميناء دلهي في 17 مايو 2022 قاصدة الموانئ المصرية، وأضحت الهند منذ ذلك التاريخ واحدة من مصدري القمح الدائمين لمصر.