ريهام المغربى

"السياحة التعليمية" فرصة هائلة لزيادة العملة الأجنبية فى مصر

الأحد، 22 يناير 2023 07:03 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نعيش الآن في مصر وباقي دول العالم في ظل موجة تضخمية هائلة صنعت ظرفا اقتصاديا غير مسبوق مما يستلزم آليات جديدة وغير مسبوقة، لمواجهة التضخم المتنامي وشبح الركود.. وأهم هذه الآليات على المدى القصير هو تعظيم الاستفادة من موارد النقد الأجنبي من خلال الصناعات التي نمتلك فيها ميزة تنافسية.
 
إن حالة عدم اليقين المتصاعدة التي تضرب الأسواق العالمية تلقى بثقلها بشكل أكبر علي أسواق البلدان الناشئة، ومنها مصر، وأحدثت فجوة تمويلية بالعملة الصعبة في العام الفائت، أدت إلى ارتفاع كبير في سعر الدولار مقابل الجنيه.
 
ولأن السياحة تأتي على رأس الصناعات التي تمتلك فيها مصر ميزات تنافسية وفرصا هائلة للنمو وقدرة أكبر على ضخ العملة الصعبة بشكل "سريع" في شرايين الاقتصاد، لذلك يعد الاهتمام بزيادة نصيب مصر في شتي أنواع السياحة أمرا حيويا الآن وقبل أي شىء. وفي هذا المقال نحن بصدد عرض نوع متفرد من السياحة التي من شأنها أن ترتقي بالعديد من القطاعات وزيادة مصادر مصر من العملة الصعبة وهي 'السياحة التعليمية".
 
تهدف السياحة التعليمية إلى جذب أكبر عدد ممكن من الطلاب الوافدين لمتابعة الدراسة في بلدان أخري وتتمثل أهميتها في تعزيز الروابط الثقافية والحضارية بين الدول من خلال ما يكتسبه الطالب من علوم جديدة وما ينقله من معارف تتعلق ببلده. فالسياحة التعليمية تعني ان الهدف الرئيسي من السفر هو التعليم والذي ينتج عنه بالضرورة القيام بأنشطة سياحية وأنشطة يومية حياتية أخرى اثناء اكتساب الطالب الوافد  للمعارف والعلوم. وتوجد امثلة ناجحة كثيرة في دول آسيا والدول الأوروبية وامريكا حيث يتوافد الطلاب إليها من جميع أنحاء العالم، حيث ينفق الطلاب على هذه العملية التعليمية ما لا يقل عنه مائة ألف دولار سنويا، وذلك يشمل  المصروفات الجامعية والسكن والمواصلات والأكل والإقامة ووغيرها؛ مما يؤكد بوضوح وجلاء شديدين الأثر الكبير للسياحة التعليمية في  زيادة الناتج المحلي الإجمالي فضلا عن تقليل فجوة التمويل بالعملة الصعبة التي تثقل كاهل الاقتصاد المصري حاليا.
إن للمؤسسات التعليمية في مصر تاريخا عريقا وحاضرا قويا مليئا بالفرص الواعدة، ومن أهم تلك المؤسسات جامعة القاهرة والتي تحتل حتى الآن مركزا عالميا ضمن أول 400 اقوى مؤسسة تعليمية في العالم، ولا يقتصر التميز على جامعة القاهرة فقط، ولكن مؤخرا انضم لقاطرة المؤسسات التعليمية العديد من الجامعات الاهلية مثل جامعة الجلالة وحامعة العلمين الجديدة وجامعة الملك سلمان الدولية و أفرع كثيرة من جامعات دولية  في العاصمة الإدارية الجديدة وغيرها .
 
إن مصر كانت وما زالت مركزا إقليميا للطلاب الوافدين وتأتي في مقدمة الدول العربية في مجال التعليم العالي بالمقارنة مع شقيقاتها من الدول العربية وهو الأمر الذي يعد حافزا أمام الطلاب الوافدين لإستكمال دراستهم بها ؛ حيث وصل اجمالي عدد الطلاب الوافدين الى حوالي 30,000 طالب في العام الماضي بإجمالي إيرادات 500 مليون دولار (وهو ما يجب مضاعفته علي المدي القصير) حيث يجد الطلاب في مصر المستوي المتميز المطلوب من التعليم في بيئة تتسم بالإستقرار الأمني والسياسي ومناخ إجتماعي معتدل ومقومات تاريخية  وحضارية بالإضافة إلى الأسعار المقبولة والتنافسية مقارنة بالدول الأخرى التي تقدم نفس المحتوى التعليمي بل أفضل في كثير من الأحيان. ولكن هذا الرقم "500 مليون دولار" يعد رقما زهيدا بالمقارنة بالدول الأخري التي تعد السياحة التعليمية فيها من أهم مصادر الدخل القومي فمثلا الدخل من السياحة التعليمية في بريطانيا يصل الي حوالي 35 مليار جنيه إسترليني بإجمالي عدد طلاب 480 ألف طالب من كافة أنحاء العالم.
 
من المعلوم ان الحكومة مستمرة في زيادة الانفاق على التعليم وتطويره وفق استراتيجية طموحة لمواكبة التحديات المستمرة من مشاكل اقتصادية وزيادة سكانية في ظل موارد محدودة وتحديات متزايدة وتطلعات كبيرة . ولكل ما سبق يمكننا يقينا أن نؤكد أن التركيز حاليا علي السياحة التعليمية والعمل علي زيادة نصيب مصر منها يعد بلا جدال حلا ابداعيا لنمو الاقتصاد وتوفير العملة الصعبة علي المدي القصير الي جانب زيادة التعاون الدولي وتقليل البطالة وخلق فرص عمل
 
ولذلك من الممكن أن تعمل الحكومة على إنشاء برامج متميزة لجذب الطلاب الوافدين ليس فقط بتقديم خدمة تعليمية فائقة ومميزة، ولكن بالعمل أيضا على توفير سبل الراحة لهم بداية من توفير  إقامة مناسبة مع العمل على تحقيق متطلباتهم والحرص على نيل رضاهم بشكل كامل في ظل منافسة شرسة لضمان تجربة سياحية تعليمية ممتعة، فهذا الطالب هو بمثابة سفير لمصر في بلده، وهو جزء من قوة مصر الناعمة.
 
فإن لم تكن مصر أكبر الدول الجاذبة للسياحة التعليمية في أفريقيا والشرق الأوسط فمن ؟! 
إن مصر تتمتع بمقومات سياحية متفردة لا تبدأ بتراثنا الغني والفريد وما له من منزلة عظيمة في نفوس الملايين من الناس؛ ولا تنتهي بموقعها الجغرافي العبقري كحلقة وصل بين قارات العالم،  ولكل هذه الأسباب لا بد من إقامة برامج ثقافية ورحلات لزيارة الوجهات السياحية مثل الأهرامات والمتاحف والمدن السياحية للتعرف علي ثقافتنا بشكل أعمق وأكثر رسوخا وتأثيرا.
 
ولذلك يحب التنسيق المستمر والدائم بين وزارة السياحة والآثار ووزارة التعليم العالي للعمل سويا وبشكل متكامل الي جانب تطوير الأداء الجامعي وتطوير هيئة التدريس والتنسيق مع العديد من الجامعات الدولية المتطورة و التقليل من التعقيد الإداري عند التحاق الطلاب الأجانب وخصوصا العرب منهم.
 
إن الاهتمام بالسياحة التعليمية وغيرها من الحلول غير النمطية لتقدم الدول هو مسألة حياة أو موت لأن العالم قبل الأزمة الاقتصادية الحالية لن يكون نفس العالم بكل تأكيد بعدها. 
 
حفظ الله مصر وشعبها.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة