على مدار أشهر، ظل سلاح "الغاز والطاقة" أحد أوجه الصراع الدائر حاليا بين روسيا والغرب، فهددت موسكو بقطع إمداداتها عن الدول الأوروبية التي تعتمد عليه بشدة جراء العقوبات التي فرضت عليها بسبب حرب أوكرانيا.
وكان هناك حالة من الفزع من نقص الغاز فى القارة العجوز خاصة فى فصل الشتاء، مع ارتفاع الاستهلاك لأغراض التدفئة، لكن مناخ هذا العام قلب الحسابات لأطراف الصراع المختلفة.
وقالت شبكة سى إن إن الأمريكية إن الشتاء الدافىء فى أوروبا هذا العام قد حرم الرئيس الروسى فلاديمير بوتين من استغلال كارت الغاز فى الضغط على القارة العجوز، التي فرضت على مدار العام الماضى عقوبات على موسكو بسبب حربها فى أوكرانيا.
وذكرت الشبكة فى تقرير على موقعها الإلكترونى إن التهديد بقطع إمدادات الغاز الروسى عن الدول الأوروبية، والتي تعتمد أغلبها عليه منذ سنوات لتدفئة منازلها وتشغيل مصانعها، كان كارت ضغط يمكن أن يستخدمه بوتين إذا استمرت الحرب التي بدأت فى فبراير الماضى حتى نهاية الشتاء.
ونقل التقرير عن كير جيلس، الباحث البارز فى معهد شاتام هاوس البريطاني، إن روسيا سعت لاستغلال الشتاء لاستعرض قوة أحد الأدوات الأخرى الموجودة بحوزتها وهو سلاح الطاقة، وكانت روسيا تعتمد على حدوث تجمد خلال فصل الشتاء يقنع شعوبها بأن دعم أوكرانيا لا يستحق الألم الذى يتحملونه.
وكانت وكالة الطاقة الدولية قد توقعت فى ديسمبر الماضى، أن يكون شتاء 2023 في أوروبا صعبًا في ظل نقص الغاز الروسي. ورجح فاتح بيرول المدير التنفيذي للوكالة، أن يؤدي نقص إمدادات الغاز الروسي أو انقطاعها إلى خفض الاحتياطات في منشآت التخزين الأوروبية بنحو 30% شتاء العام الجديد. وأقر بيرول صعوبة تعويض هذا النقص في ظل الطلب المتزايد على الغاز الروسي من دول عديدة.
لكن وسط وغرب أوروبا تمتعوا بشتاء أكثر دفئا من المتوقع، وهو ما أدى إلى تراجع فى استهلاك الغاز، مما حرم بوتين من أحد أهم كروت المساومة لديه.
ومع الدخول فى العام الجديد، أصبح لدى الحكومات الأوروبية فرصة الآن لخفض الاعتماد على الغاز الروسيى قبل أن يأتى شتاء آخر، والقيام بهذا قد يكون له دور هام فى الحفاظ على جبهة الغرب موحدة فى الوقت الذى لا تزال فيه الحرب مستمرة.
وقال أدم بيل، مسئول الطاقة السابق بالحكومة البريطانية، إن الشتاء الدافئ قد منح أوروبا عاما. فلو كان الطقس أكثر برودة فى ديسمبر ويناير، لالتهم حصة كبيرة من مخزون أوروبا من الغاز. لكنه حذر من أن مخزون الغاز غير كاف، وأن هناك حاجة لمزيد من العمل الذى يجب أن يتم إنجازه بكفاءة. فالمنازل والشركات بحاجة إلى مبان تستهلك طاقة أقل من خلال المواد العازلة.
ويتهم المنتقدون الحكومات الأوروبية بالتركيز أكثر من اللازم على التحكم على سعر الغاز الفوري، بدلا من الاستثمار فى إجراءات على المدى الأطول مثل الكفاءة والطاقة المتجددة.
وقال ميلان إليكبوت الباحث فى مركز دراسات السياسة الأوروبية، إن هناك رغبة سياسية مفهومة للسيطرة على السعر لأنه يتناول بشكل مباشر مخاوف التكاليف على المنازل والشركات. لكن تخفيض سعر الغاز يزيل الحوافز للحد من الاستهلاك بشكل عام.
وأضاف ميلان، إن السياسيين يميلون للتفكير فى كفاءة الطاقة على أنه مشروع على المدى الطويل. والسبب فى ذلك يعود جزئيا إلى النقص فى المواد مثل المواد العازلة ونقص العمال المهرة.
وعلى المدى المتوسط، تمتلك أوروبا فرصة إجراء بعض التغييرات فى عادات استهلاكها للطاقة والتي تبين انها صعبة من الناحية السياسية. فالاعتراض على المصادر المتجددة مثل مزارع الرياح البرية أصبحت فى محل تركيز مجددا، وذلك بعد أن أصبحت الأسعار الحقيقية وعدم الاستقرار المصاحب للغاز المستورد أكثر وضوحا.
وكان نائب رئيس وزراء روسيا ألكسندر نوفاك قد قال إن صادرات الغاز الروسية ستنخفض بنحو 25% وسينخفض إنتاج الغاز بنسبة 12% حتى نهاية العام.
وأوضح أنه بالنسبة لصناعة الغاز سينخفض إنتاج وصادرات الغاز بقوة، وسينخفض إنتاج الغاز بنسبة 12% مقارنة بعام 2021 وستنخفض الصادرات بنحو 25% والسبب الرئيسى هو إنهاء منشآت البنية التحتية للتصدير".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة