أكرم القصاص - علا الشافعي

دينا شرف الدين

مكارم الأخلاق.. "الصدق" 2

الخميس، 22 سبتمبر 2022 01:16 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أستهل مقال اليوم  بكلمات النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: "إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق".

 

فقد كان سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه مثالاً للصدق والأمانة في قومه، حتى أنه كان يعرف بينهم "بالصادق الأمين".

 

وقد أمرنا المولى عز وجل بضرورة الالتزام بالصدق.

 

                  قَالَ الله تَعَالَى:

                  (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ).     [التوبة:] ١١٩

                  قالَ تَعَالَى: (وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ) [الأحزاب ].٣٥

                  قالَ تَعَالَى: (فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ) [محمد ٢١

 

وكما ذكرت في أولى مقالات  مكارم  الأخلاق وعلاقتها بالمجتمع وأهميتها فى الارتقاء به  أن الأخلاق قد عرفها أقدم  إنسان علي وجه الأرض من قبل الأديان بآلاف السنوات، وطورها وتناقلها من زمنٍ لآخر حتى يومنا هذا .

وعندما نتحدث عن أقدم  حضارة وأعرق جنس بشري وفجر ضمير الإنسانية ستتوجه أنظارنا جميعاً إلى مصر .

 

فقد وضع المصريون القدماء "قوانين الماعت ال 42 "

التي وُجدت مدونة بالكامل فى كتاب "الخروج الى النهار ", الذى سبق ظهور الوصايا العشر بحوالى 2000 سنة. و التي لم تأت من فراغ  فقد سبقها ظهور تعاليم "بتاح – حتب".

وقد كانت كلها أدلة على اعلاء قيمة الفضيلة فى مصر القديمة منذ فجر تاريخها .

 

وفيما يخص موضوع مقال اليوم  و هو "الصدق" سأطرح عليك عزيزي القارئ بعض قوانين الماعت الخاصة بالصدق ضمن  ال٤٢ قانون  مثل:

 

                  أنا لم أكذب

                  أنا لم أغلق أذناى عن سماع كلمات الحق

                  أنا لم أتحدث بالمبالغة (النميمة)

 

ونحن في سلسلتنا هذه عن القيم  الأخلاقية سنحاول أن نكشف الستار عن تلك القيم التي تتوافق في معظمها مع تعاليم الديانات السماوية، و التي أيضاً لا تتنافى مع القيم والأعراف المجتمعية الحالية.

 

الصدق:

فضيلة ما زلنا في أمس الحاجة إليها  فالمصريون القدماء تحلوا بالصدق؛ ودعوا ذويهم إلى التخلق به، وارتبط الصدق عندهم بالعقيدة، فقد ذكروا أن معبود الشمس  رع  دعاهم قائلًا: «قل الصدق وافعل ما يقتضيه فهو العظيم القوي».

 

وها هو «بتاح حتب» -أحد أهم حكمائهم على الإطلاق- ينصح ابنه قائلًا:

«… احرص على الصدق…»،

فهكذا كان المصري القديم متمسكًا بفضيلة الصدق؛ داعيًا غيره إلى التحلي بها، معتقدًا كل الاعتقاد أن الله سيجازيه على كل ما ينطق به لسانه؛ سواءً كان صدقًا أم كذب.

 

حتى أن "الفلاح الفصيح"  في شكواه إلى الأمير يثيره نحو الصدق فيقول:

«… ولا تكذبن وأنت عظيم، ولا تكونن خفيفًا وأنت عظيم، ولا تقولن الكذب فإنك الميزان، إنك على مستوى واحد مع الميزان، فإذا انقلب انقلبت، ولا تغتصبن بل اعمل ضد المغتصب، وذلك العظيم ليس عظيمًا ما دام جشعًا، إن لسانك هو ثقل الميزان، وقلبك هو ما يوزن به، وشفتاك هما ذراعاه، فإن سترت وجهك أمام الشر فمن ذا الذي يكبحه؟»

 

إذن فالصدق من شأنه أن يصلح أحوال المجتمع في كافة المناحي، فإن كان هناك صدق  بين الناس ستنتعش عمليات البيع والشراء والتبادلات التجارية، ولن يحجب أحد بضاعته، ويخشي التعامل مع الآخر الذي لا يثق بوعده و ميثاق شرفه، ولن يُقدم المستهلك علي سلعة لا يثق بجودتها و إن كانت تتصدر الإعلانات التي تتكلف ملايين الجنيهات.

 

ولن يأمن الجار جاره إذا استغاث به وطلب منه مساعدة ما، إن لم يكن يعهده صادقاً، وسينصرف المشاهدون عن شاشات الصندوق الصغير التي تخلو من المصداقية  ولا تعتمد مبدأ الصدق.

 

وسيسأم  المحكوم حاكمه إن لم يكن صادقاً معه فيأتمنه علي نفسه وأهله ومستقبل أولاده.

 

أي أن صلاح المجتمع و استقامته و نهضته تقوم بشكل أساسي علي تلك القيم الأخلاقية التي نسعي جميعاً لإحيائها ومن أهمها الصدق.

 

وكما أكدت  كافة الحضارات الإنسانية التي تلت الحضارة المصرية القديمة علي ترسيخ تلك  الفضائل و القيم الأخلاقية 

 

فعلي سبيل المثال  كان الصدق من أهم  الفضائل التي حثت عليها تعاليم  "التاوية" للفيلسوف الصيني "لاو تسو"  حيث قال:

 "في الكلام ما يهم هو الصدق".

 

ومن بعد التاوية ظهرت "الكونفوشيوسية"، حيث أسس الفيلسوف الصيني كونفشيوس مذهبه الإنساني على فكرة تكوين الرجل المثالي بحيث يصبح معيار الصلاح في كل شيء،

فكانت أهم تعاليم الكونفوشيوسية فيما يخص الصدق "أن تكون الأقوال على قدر الأفعال".

 

و إلى اليهودية و الوصايا العشر التي أمر بها الله الشعب في سفر الخروج، والتي حثت في إحدي نقاطها الأساسية على الصدق كما يلي :     

                "  لاَ تَشْهَدْ عَلَى قَرِيبِكَ شَهَادَةَ زُورٍ"

 

 فمن أهم صفات حسن الخُلُق :

أن يكون الإنسان كثير الحياء، قليل الأذى كثير الصلاح، صدوق اللسان قليل الكلام.

 

 

و ها هو مسك الختام لمقال اليوم عن فضيلة " الصدق " كلمات الصادق الأمين عليه الصلاة والسلام .

 

                  عن ابن مسعود رضي الله عنه، عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ

 (إنَّ الصِّدقَ يَهْدِي إِلَى البرِّ، وإنَّ البر يَهدِي إِلَى الجَنَّةِ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَصدُقُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقاً وَإِنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الفُجُورِ وَإِنَّ الفُجُورَ يَهدِي إِلَى النَّارِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكتَبَ عِنْدَ الله كَذَّاباً).        

متفق عليه

 

 

                  عن  أبي محمد الحسن بنِ عليِّ بن أبي  طالب رضي الله عنهما، قَالَ: حَفظْتُ مِنْ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:

     (دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيبُكَ؛ فإنَّ الصِّدقَ طُمَأنِينَةٌ، وَالكَذِبَ رِيبَةٌ

رواه الترمزي

 

 

و إلي لقاء قريب مع فضيلة أخلاقية جديدة من مكارم  الأخلاق .

أخلاقنا الجميلة

 

 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة