أكرم القصاص - علا الشافعي

محمود عبدالراضى

"ما حدش عارف الخير فين"

الخميس، 22 سبتمبر 2022 12:50 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

"ما حدش عارف الخير فين"، جملة قد تسمعها كثيرا بين الأصدقاء والأقارب، حال تعرض شخص لمكروه، فيبادره الآخر بهذه الجملة، التى ربما لا يفكر البعض فى معانيها، ولكن الواقع دوما يثبت صدقها.

قد يرى الشخص ويبدو له فى بداية الأمر، أن ما تعرض له مكروها، ولكن بعد مرور الوقت، يعلم أن الخير كامنا فيه، وأن عينيه لم ترى هذا الخير، وقد تعجل وتسرع، كطبيعة باقي البشر.

تمر المواقف وتتعدد، وتتداول الأيام بين الناس، ونرى بعض الأمور شرًا، لكن الخير كان موجودًا ولا ندري، ندركه لاحقا، ونحن نمر بهذه التجارب الحياتية نتذكر وقتها قصة سيدنا موسى والخضر، عندما خرق السفينة، فاعتقد موسى أن الأمر به شرا، لكن تبين أن الخير كله في هذا الموقف لحماية السفينة، وهكذا تكرر الأمر في قتل الغلام، حتى يبدل الله أبويه بآخر أفضل منه، وإقامة الجدار للحفاظ على كنز اليتيمين بالقرية.

"لو اطلع الإنسان الغيب لاختار الواقع"، ربما نكرر هذه الجملة، ولا نعي معانيها، لكن المواقف تثبت صدقها، وتدعونا للهدوء وعدم التسرع، وتقبل الأمور بصدر رحب، فقد نحزن على أمرا ما صرفه الله عنا، لكن مع مرور الوقت نتأكد أن الشر كان كامنا فيه، ومن الخير والأفضل أنه صرفه الله عنا، وقد نرى في شيء آخر شرًا ونحزن، وبعد مرور الوقت نعلم أنه الخير كله، "وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ".

قبل عدة سنوات من الآن، مَن الله علي بزيارة بيته الحرام، وقد اتفقت مع أصدقاء على الإقامة بغرفة واحدة بالقرب من الحرم، لكن توزيع موظف الفندق بدد هذا الاتفاق، واكتشفت أني في غرفة أخرى مع أشخاص آخرين غير هؤلاء الأصدقاء، فتسلل "الزعل" لقلبى، حاولت على مدار 3 أيام العودة إليهم أو نقلهم لغرفتي ففشلت جميع محاولاتي، وكانت المسافة بين الغرفتين بعيدة، في جناحين مختلفين، وبعد مرور 3 أيام سلمت بالأمر الواقع، وبدأت أتأقلم مع الأمر، حيث أعددت كوبا من الشاي ووقفت أشربه في النافذة، التي لم أزيح "ستارتها" منذ أن وضعت قدمي بها، أملا في الذهاب لغرفة أصدقائي، لكني قد استسلمت بالأمر الواقع، وتحركت يدي لإزاحة الستارة، فوجدت أمامي الكعبة، نعم الغرفة تطل مباشرةً على الكعبة، فتحرك قلبي، وانتفض جسدي، وتحركت الدموع من عيني، وأيقنت أنني طوال الوقت أحاول أبعد عن هذا المكان المميز، بينما إرادة الله اختارت لي "الخير"، وأن استعجالي وتسرعي كاد يبدد هذا الخير، لكن إرادة الله أقوى، فقد أفشل جميع محاولاتي، حتى أثبت في هذا المكان، واستمتع ببيت الله الحرام من موقعي، أدركت لحظتها هذه الجملة الرائعة" ما حدش عارف الخير فين"، وباتت قانونا في حياتي ودرسا عمليا.

الخلاصة، الرضا بالحال يجلب لصاحبه طمأنينة النفس وهدوء البال، ويشيع البهجة في حياته، فرحا بكل قليل، فارضوا بما قسمه الله، ولا تستعجلوا، لأن "ماحدش عارف الخير فين".

 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة