سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 14 سبتمبر 1919..الزعيم الوطنى محمد فريد يكتب فى آخر رسائله إلى مصر عن فجر الأمل الذى يراه بفضل ثورة المصريين

الأربعاء، 14 سبتمبر 2022 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 14 سبتمبر 1919..الزعيم الوطنى محمد فريد يكتب فى آخر رسائله إلى مصر عن فجر الأمل الذى يراه بفضل ثورة المصريين الزعيم الوطنى محمد فريد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان الزعيم الوطنى، محمد فريد، فى سويسرا للعلاج من مرض الكبد، الذى اعتراه وهو فى سن الشباب، ومن المستشفى كتب آخر رسائله إلى مصر فى 14 سبتمبر، 1919 بمناسبة ذكرى الاحتلال الإنجليزى عام 1882، حسبما يذكر عبدالرحمن الرافعى فى كتابه «محمد فريد رمز الإخلاص والتضحية».
 
كان فريد فى غربته بأوروبا منذ أن غادر مصر يوم 26 مارس 1912، وظل طوال سبع سنوات متصلة يواصل نضاله فى الخارج، طلبا لاستقلال مصر، وأنفق كل ثروته على ذلك، فأصبح «الزعيم الفقير المريض» بعد أن كان ثريا، ورث عن أبيه ثروة كبيرة، فهو المولود سنة 1868، ووفقا للرافعى:  «نشأ فى بيت عز رفيع العماد، إذ كان أبوه أحمد فريد باشا، ناظر الدائرة السنية سنة 1866، فهو بذلك لم تعده نشأته العائلية للنضال والكفاح، بل كانت تمهد له عيشة رغدا، بعيدة عن غمار السياسة، وأهوال الجهاد، وتلك كانت بغية والده كما هى بغية كبراء مصر فى ذلك العصر».
 
كتب فريد رسالته بعنوان «صوت وراء البحار» موجوعا من الغربة، محرضا على الأمل بالنصر، خاصة أن هذه الرسالة جاءت بعد شهور من ثورة الشعب المصرى فى 9 مارس 1919، وبدا فريد فى رسالته وكأنه يودع الحياة، فبعد شهرين تقريبا وتحديدا فى 15 نوفمبر 1919 زاره ملك الموت لتسلم روحه فى منتصف الساعة الحادية عشرة مساء بألمانيا، وبقى جثمانه محفوظا فى تابوت حتى سافر الحاج خليل عفيفى التاجر بالزقازيق على نفقته الخاصة، وعاد به يوم 8 يونيو 1920 ليدفن بمصر فى جنازة مهيبة. 
 
يقول فريد فى رسالته التى نشرها الرافعى فى كتابه: «إخوانى المصريين الأعزاء. إن الصوت الذى يناجيكم اليوم لصوت منعته الظروف عن الارتفاع فى صحف مصر، من نحو سبع سنوات، ولكن منعه عن الارتفاع على ضفاف وادى النيل لم يكن عقبة تعوقه عن الدفاع عن القضية فى عواصم أوروبا، سواء قبل هذه الحرب «الحرب العالمية الأولى» أو فى أثنائها أو بعدها. إن صوت هذا الضعيف لم يخفت يوما واحدا، ولم يتأخر عن القيام بما تفرضه عليه الوطنية طرفة عين، بل كان يزداد قوة ونشاطا، كلما تراكمت أمامه الموانع وتكدست العقبات. إن هذا الصوت يناجيكم اليوم من وراء البحار، ليهنئ الأمة المصرية على تضافرها وتضامنها فى المطالبة بحق أمن المظلومة «مصر»، لا فرق فى ذلك بين أبنائها وبناتها، مسلمين وأقباط، مما كان له دوى فى أوروبا أخرس المتهمين إياهم بالتعصب الدينى، وهم يعلمون أنهم لكاذبون، وقضى القضاء الأخير على دعوى أن المصريين اتفقوا على أن لا يتفقوا. إننى لعاجز عن وصف ما شملنا نحن معاشر المصريين المقيمين خارج الديار عند وصول هذه الأخبار المنعشة إلينا «أخبار الثورة»، ولو أنها كانت تأتينا مقتضبة مبتورة، حتى أصبح المصرى فى أوروبا عالى الرأس مفتخرا بمصريته أضعاف ما كان يفخر بها قبل الآن».
 
«كنا ننتظر صحف مصر انتظار الظمآن للماء، لنقف منها على أخبار هذه الحركة المباركة، وهاتيك المظاهرات السلمية، ونشكر الله على هذه النتيجة الحسنة، التى دلت على أن ما ألقاه مؤسسو الحركة الوطنية من البذور فى تلك الأرض الخصبة، قد نبت وترعرع ساقه ثم أزهر وظهرت ثماره الشهية التى قد قرب زمن جنيها».
«كل ذلك بفضل نشاط الشبيبة العامة وإرشاد الشيوخ لها إلى أحسن طريق لجنى أشهى تلك الثمار، وهو الاستقلال التام، بفضل جهود الأمة بلا تباطؤ أو اعتماد على الغير، لا يؤثر فيها غدر السياسيين، أو نكرانهم لما أعلنوه وأذاعوه من مبادئ عادلة، استعملت ستارا لإخفاء مطامع شعبية تغريرا وتضليلا للوصول إلى استعباد شعوب كريمة، لا تطلب إلا أن تعيش فى بلادها آمنة مطمئنة، صديقة لسواها من الأمم، وأن تعاملها تلك الأمم معاملة الند لنده، والقرن لقرنه، طبقا لحقوق الأمم الطبيعية وللقانون الدولى، لكن لا تتطيروا أو تفرحوا بكل ما يصل إليكم، حتى إذا ما تقشعت سحب الأوهام وظهرت شمس الحقيقة، لا يكون حالكم كالمسافر فى الصحراء، يرى السراب فيظنه واحات غناء، فإذا ما وصل إليه لا يجد شيئا، وإياكم أن تنسوا عبر التاريخ، وليكن دائما أمام أعينكم، فمنه تعلمون الحقيقة، ولتنتظروا خاتمة الأعمال لإصدار حكمكم عليها ».
 
أيها الأعزاء.. أكتب هذه السطور، وذكرى 14 سبتمبر سنة 1882، تملأ فؤادى حزنا وأسى على مصرنا العزيزة، وما انتابها من الحوادث القاضية على استقلالها، ولكنى أرى فجر الأمل يرسم على الأفق خطا من النور اللامع، نأمل أن يكون طليعة حريتنا المنشودة، واستقلالنا المرجو، فسلام عليك أيها الوطن المفدى، سلام على النيل وواديه، سلام على الأهرام وبناته، سلام على خدام مصر المخلصين، سلام على شهداء الحرية.. «تربتيه فى 14 سبتمبر سنة 1919».. محمد فريد.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة