محمد أحمد طنطاوى

الجامعات الحكومية والمنافسة المحسومة

الإثنين، 08 أغسطس 2022 10:43 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أبناء الطبقات الكادحة هم الأكثر حظاً في التعليم والأكثر حاجة إليه في الوقت نفسه، وهذه المعادلة ستظل قائمة ومستمرة لسنوات طويلة، وإذا أردت اختبار هذه الفكرة فعليك أن تحاول استعراض الأوائل في الثانوية العامة هذا العام، أو الأعوام السابقة، ستجد أنهم أبناء المدارس الحكومية، التي يتوجه إليها الطبقات الفقيرة والمتوسطة، فمازالت هذه المدارس تقدم تعليما متميزا بجودة معقولة رغم كل ما يقال أو يشاع.

الجامعات الحكومية التي ترعاها الدولة وتقدم تعليم عالي بالمجان أو نظير رسوم محدودة لأبناء الطبقات الفقيرة والمتوسطة، ستظل أيضاً الأصل والأساس في النظام التعليمي الجامعي، على الأقل خلال العقدين المقبلين، حتى وإن بدت هناك منافسة واضحة وتوسعات كبيرة لصالح الجامعات الأهلية أو الخاصة في مقابل سكون جامعات "الشعب"، لكن تبقى الأخيرة الأهم والأكبر والأكثر قدرة على استيعاب الطلاب، والأكثر إمكانيات والأكثر علماً، والأكثر مكانة وعراقة وتاريخ، ولديها من الأساتذة وأعضاء هيئة التدريس ما يجعلها تحوذ تصنيفات متقدمة، مقارنة بأي منافس.

للطلاب وأولياء الأمور الذين يخططون لمستقبل أولادهم في هذه المرحلة، تزامناً مع إعلان نتيجة الثانوية العامة، لا تنخدعوا بالأسماء الرنانة والحروف الإنجليزية، ووسائل الرفاهية والراحة، التي يتم الإعلان عنها، والشراكات مع الجامعات الأجنبية، التي أغلبها مجهول أو خارج التصنيف وتأتي في إطار"السبوبة"، فمازالت الجامعات الحكومية الأقل تكلفة، والأكثر أهمية والأفضل للطلاب وأولياء أمورهم، لذلك لا تضعوا رهانكم على حصان خارج حلبة السباق، و حددوا أهدافكم، وتأكدوا أن التعليم إرادة متعلم وجهد مبذول نحو تحقيق هدف محدد.

أتعجب من بعض الشباب الذين يتشدقون بفكرة انضمامهم للجامعات الخاصة وتفضيلها على الجامعات الحكومية، ووصفها باعتبارها شكلاً من الوجاهة الاجتماعية، وضرورة من أولويات الحياة الجامعية، التي بات البعض يتصور أنها فترة للمرح وتمضية أوقات الفراغ، والتسكع في الكافيهات وأماكن الترفيه، فهؤلاء إما أنهم في مستويات اقتصادية تمكنهم من الاستمرار دون التفكير في فلسفة العمل أو اقتناص الفرص، أو أنهم "مضحوك" عليهم ويتصورون أن الحياة وردية والمستقبل يفتح جناحيه ويطير بهم ويمنحهم كل ما يحلمون به دون سعي أو تخطيط.

أتصور أن أبناء الجامعات الحكومية مازالوا الأكثر قدرة على المنافسة في سوق العمل، وهم الأجدر على النجاح، دون غيرهم، حتى وإن كانت هناك فرص طموحة أو جذابة في التعليم الجامعي الخاص أو الأهلي، لكني هنا أتحيز صراحة لأبناء الجامعات الحكومية، الذين يتعلمون طمعاً في تغيير حياتهم إلى الأفضل، ويطمحون في مستقبل يغير مستوياتهم الاقتصادية والاجتماعية، وهذا بالطبع سلوك مشروع ومحمود، ويخلق النماذج والتجارب الملهمة، ويصنع العناصر القادرة على القيادة والنجاح، لذلك اجعلوا من الجامعات الحكومية خياركم الأول، ولا تضعوها في مقارنة مع غيرها، فالتاريخ والمكانة والتراث العلمي والتراكم المعرفي، الذى وصلت إليه يؤهلها للصدارة والبقاء على القمة دون منافس حقيقي.









الموضوعات المتعلقة

السلعة اللى تغلى بلاش منها

الخميس، 04 أغسطس 2022 10:11 ص

مجموعات المصالح وفلسفة الأسعار

الثلاثاء، 02 أغسطس 2022 11:04 ص

البيضة بجنيه!

الإثنين، 01 أغسطس 2022 10:40 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة