لماذا تعارض الصين زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي إلى تايوان؟.. وما مدى أهمية الزيارة بالنسبة لـ"نانسي بيلوسي"؟.. صراع طويل بين بكين وتايبيه حول الاستقلال والضم.. والتنين يحذر أمريكا

الثلاثاء، 02 أغسطس 2022 08:16 م
لماذا تعارض الصين زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي إلى تايوان؟.. وما مدى أهمية الزيارة بالنسبة لـ"نانسي بيلوسي"؟.. صراع طويل بين بكين وتايبيه حول الاستقلال والضم.. والتنين يحذر أمريكا زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي لتايوان
كتب عبد الوهاب الجندى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أثارت زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي إلى تايوان غضب الصين، ما أدى إلى إعلانها استنفار عسكري كبير وإجراء مناورات عسكرية ضخمة حول جزيرة تايوان.

وتعتبر الصين تايوان مقاطعة انفصالية تعهدت باستعادتها بالقوة إذا لزم الأمر، لكن قادة تايوان يقولون إنه من الواضح أنها أكثر من مجرد مقاطعة، مشددين على أنها دولة ذات سيادة.

وتتمتع تايوان حالياً بحكم ذاتي على الرغم من أن بكين تعدها إقليما متمردا على سلطة جمهورية الصين الشعبية الكبرى و"لا يجب أن تتمتع بأي نوع من الاستقلال"، أما تايوان فترى أنها الأحق في حكم كل من تايوان وجمهورية الصين الشعبية.

الخلاف بين الصين وتايوان
 

وكانت تايوان (الاسم الرسمي لها جمهورية الصين الوطنية) تابعة للصين الشعبية حتى عام 1859، ثم خضعت لسيطرة اليابان وفقاً لمعاهدة "سيمونسكي"، ولكن عادت للسيطرة الصينية بعد هزيمة اليابان في أعقاب الحرب العالمية الثانية عام 1945.

وشهدت الصين حرباً أهلية دارت بين الشيوعيين (جمهورية الصين الشعبية) والكومينتاج (تايوان) وانتهت بتأسيس الشيوعيين لجمهورية الصين وعاصمتها بكين عام 1949، وبقيت ثلاث جزر كبيرة خارج سيادة جمهورية الصين الشعبية، قبل استعادتها وهي هونج كونج التي كانت خاضعة للاستعمار البريطاني حتى عام 1997، وماكاو التي كانت خاضعة للبرتغال وفورموزا المستقلة (التي اتخذت لاحقا اسم تايوان).

وازداد التوتر بين تايوان والصين بعد أن فرضت الولايات المتحدة، الداعمة لتايوان، عقوبات على الجيش الصيني في الآونة الأخيرة، إلى جانب الحرب التجارية بين البلدين وتعزيز تايوان والصين المتزايد لوضعيهما العسكري في بحر الصين الجنوبي.

وتدهورت العلاقات بين الصين وتايوان أكثر منذ تسلم تساي إينج ون، رئاسة تايوان في عام 2016، وتنتمي إلى الحزب الديمقراطي التقدمي الذي يميل للاستقلال.

الوفد الأمريكي في مطار تايوان
الوفد الأمريكي في مطار تايوان

 

الخلاف الصيني الأمريكي حول تايوان
 

ولا تزال قضية تايوان من بين أكثر القضايا إثارة للجدل بين الولايات المتحدة والصين، فقد برزت كنقطة صراع خطيرة، يخشى المسؤولون الأمريكيون من تحرك صيني وشيك في الجزيرة المتمتعة بالحكم الذاتي، ومنذ نشر خبر زيارة بيلوسي إلى تايبيه، تدفع تحذيرات من بكين وجهود منسقة من قبل إدارة بايدن إلى منع التوترات المتصاعدة من الخروج عن نطاق السيطرة، وظهر هذا واضحاً في المكالمة الهاتفية التي استمرت ساعتين و17 دقيقة الأسبوع الماضي حين وجه الرئيس الصيني شي جين ينج تحذيراً ينذر بالسوء إلى بايدن.

وسط ظلام دامس، وإجراءات أمنية مشددة، نزلت رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسى بيلوسي في مطار تايوان، اليوم الثلاثاء، فيما قال التليفزيون الصيني، إنه تم إرسال طائرة مقاتلة Su-35 التابعة للقوات الجوية لجيش التحرير الشعبي الصيني إلى مضيق تايوان.

وكانت محطة بيلوسي في تايبيه هي المرة الأولى التي يزور فيها رئيس مجلس النواب الأمريكي تايوان منذ 25 عامًا. تأتي رحلتها في مرحلة متدنية من العلاقات الأمريكية الصينية، وعلى الرغم من تحذيرات إدارة بايدن من التوقف في تايوان.

تساي إينج ون رئيسة تايوان
تساي إينج ون رئيسة تايوان

 

وفور وصولها قالت رئيس مجلس النواب الأمريكي، نانسي بيلوسي: زيارة وفدنا لتايوان تفي بالتزام أمريكا الثابت بدعم الديمقراطية النابضة بالحياة في تايوان.

وغردت على تويتر قائلة: "تؤكد مناقشاتنا مع القيادة التايوانية دعمنا لشريكنا وتعزيز مصالحنا المشتركة، بما في ذلك تطوير منطقة المحيطين الهندي والهادئ المفتوحة والحرة".

وفيما أكدت بيلوسي أن زيارتها لا تتعارض "بأي شكل" مع السياسات الأمريكية التي تعترف بـ"صين واحدة".

ومع هبوط طائرة بيلوسي، أكدت وسائل إعلام تايوانية أنه تم تفعيل منظومة الدفاع الجوي في مطار تايبيه، فيما سبق ذلك إعلان صيني بأن مقاتلات صينية عبرت مضيق تايوان، حسبما أفاد التلفزيون الرسمي الصيني مساء الثلاثاء.
 
وتعتبر بيلوسي، الثانية في الأحقية لتسلّم مهام الرئاسة بعد نائب الرئيس في حالة شغور المنصب، أرفع سياسية أمريكية تسافر إلى الجزيرة منذ عام 1997.
 
 

زيارة نانسي بيلوسي إلى تايوان
 

أعرب مسؤولون صينيون عن غضبهم إزاء ما يرونه انخراطاً دبلوماسياً متنامياً بين تايبيه وواشنطن، وهذا يتضمن زيارة مفاجئة قام بها ستة من المشرعين الأمريكيين للجزيرة في أبريل الماضي.

وتعليقا على ذلك أصدرت وزارة الخارجية الصينية اليوم الثلاثاء بيانا بشأن زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي لمنطقة تايوان الصينية، قائلة: زارت رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي منطقة تايوان الصينية في يوم 2 أغسطس الجاري رغم المعارضة الشديدة والاحتجاج القوي من الجانب الصيني، الأمر الذي يخالف بشكل خطير مبدأ الصين الواحدة وما ورد في البيانات المشتركة الثلاثة بين الصين والولايات المتحدة، ويشكل صدمة خطيرة للأسس السياسية للعلاقات الصينية الأمريكية، ويعتدي بشكل سافر على سيادة الصين ووحدة أراضيها، ويخرّب بشكل خطير السلام والاستقرار في مضيق تايوان، ويبعث برسالة خاطئة خطيرة إلى القوى الانفصالية الساعية لـ"استقلال تايوان". ويرفض الجانب الصيني ذلك رفضا قاطعا ويدينه بلهجة شديدة، وقد أثار هذا الموضوع لدى الجانب الأمريكي بشكل جدي، وأعرب له عن احتجاجه الشديد"

وأضافت الخارجية الصينية قائلة: لا توجد في العالم سوى صين واحدة، وإن تايوان جزء لا يتجزأ من الأراضي الإقليمية الصينية، وإن حكومة جمهورية الصين الشعبية هي الحكومة الشرعية الوحيدة التي تمثل الصين بأكملها، وقد تم تأكيد ذلك في القرار رقم 2758 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1971. ومنذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية في عام 1949، أقامت 181 دولة علاقات دبلوماسية مع الصين على أساس مبدأ الصين الواحدة. ويعتبر مبدأ الصين الواحدة توافقا عاما لدى المجتمع الدولي ومن المبادئ الأساسية للعلاقات الدولية".

الرئيس الصيني شي جين بينغ
الرئيس الصيني شي جين بينج

 

وتابعت: وقد تعهد الجانب الأمريكي بوضوح في بيان إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والولايات المتحدة عام 1979 بأن "الولايات المتحدة الأمريكية تعترف بأن حكومة جمهورية الصين الشعبية هي الحكومة الشرعية الوحيدة للصين. وفي هذا السياق، سيُبقى الشعب الأمريكي على العلاقات الثقافية والتجارية والعلاقات الأخرى غير الرسمية مع أهل تايوان". ومن المفروض أن يلتزم الكونغرس الأمريكي، باعتباره جزءا من الإدارة الأمريكية، التزاما صارما بسياسة الصين الواحدة التي تتبعها الإدارة الأمريكية، ولا يُجري أي تبادل رسمي مع منطقة تايوان الصينية. ويعارض الجانب الصيني دائما قيام أعضاء الكونغرس الأمريكي بزيارة منطقة تايوان الصينية، ويقع على عاتق السلطات التنفيذية الأمريكية مسؤولية منع زيارات من هذا القبيل. إن رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي هي من القيادة الحالية للكونغرس الأمريكي، وإن توجهها إلى تايوان، مهما كان شكله ومبرره، يعدّ استفزازا سياسيا خطيرا يجسده الارتقاء بمستوى التبادل الرسمي بين الولايات المتحدة وتايوان، ولن يقبل الجانب الصيني ذلك، ولن يوافق الشعب الصيني على ذلك."

واستطردت قائلة: إن مسألة تايوان أهم مسألة وهي الأكثر جوهرية وحساسية في العلاقات الصينية الأمريكية. وفي الوقت الراهن، يواجه الوضع في مضيق تايوان جولة جديدة من التوتر والتحديات الخطيرة، ويرجع السبب الأساسي لذلك إلى استمرار سلطات تايوان والجانب الأمريكي في تغيير الوضع القائم، حيث تتشبث سلطات تايوان بنهج "تحقيق استقلال تايوان بالاعتماد على الولايات المتحدة"، وترفض الاعتراف بـ"توافق عام 1992"، وتمارس "إزالة الطابع الصيني"، وتدفع بـ"استقلال تايوان بالتدرج". أما الجانب الأمريكي فيحاول "احتواء الصين باستغلال تايوان"، ويقوم بتحريف وتشويه وتفريغ مبدأ الصين الواحدة باستمرار، ويعزز التواصل الرسمي بين الولايات المتحدة وتايوان، ويؤازر ويدعم الأنشطة الانفصالية لـ"استقلال تايوان"، وإن هذه التصرفات خطيرة للغاية شأنها شأن اللعب بالنار، ومن يلعب بالنار سيحرق نفسه حتما".

وأوضحت الخارجية الصينية، أن "موقف الحكومة الصينية والشعب الصيني من مسألة تايوان راسخ وثابت. وإن الدفاع بحزم عن سيادة البلاد وسلامة أراضيها يمثل إرادة صلبة للشعب الصيني البالغ عدده 1.4 مليار نسمة، وإن تحقيق إعادة التوحيد الكامل للوطن يمثل رغبة مشتركة وواجبا مقدسا لجميع أبناء الشعب الصيني. إن إرادة الشعب لا تقاوم، وإن التوجه العام لا رجعة فيه. ولا يمكن لأي دولة أو أي قوة أو أي شخص أن يخطئ في تقدير العزيمة الثابتة والإرادة الراسخة والقدرة القوية للحكومة الصينية والشعب الصيني على الدفاع عن سيادة البلاد وسلامة أراضيها وتحقيق إعادة توحيد البلاد ونهضة الأمة. وسيتخذ الجانب الصيني بالتأكيد كل ما يلزم من الخطوات للرد على زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي إلى منطقة تايوان الصينية، بغية الدفاع بحزم عن سيادة البلاد وسلامة أراضيها، ويجب على الجانب الأمريكي والقوى الانفصالية الساعية لـ"استقلال تايوان" أن تتحمل كافة العواقب المترتبة على ذلك."

وشددت قائلة، "إن الطريقة الصحيحة الوحيدة للتعامل بين الصين والولايات المتحدة، باعتبارهما دولتين كبيرتين، هي تبادل الاحترام والتعايش السلمي وتجنب المجابهة والتعاون والكسب المشترك. وبما أن مسألة تايوان من الشؤون الداخلية الصينية البحتة، فلا يحق لأي دولة أخرى أن تنصب نفسها حكما في مسألة تايوان. ويحث الجانب الصيني الجانب الأمريكي بكل جدية وصرامة على الكف عن احتواء الصين باستغلال تايوان من خلال اللعب بـ"ورقة تايوان"، والكف عن التدخل في الشؤون الداخلية الصينية من خلال التدخل في شؤون تايوان، والكف عن دعم القوى الانفصالية الساعية لـ"استقلال تايوان" أو التساهل معها بمختلف الأشكال، والكف عن "أن يقول شيئا ويفعل شيئا آخر" في مسألة تايوان، والكف عن تحريف مبدأ الصين الواحدة أو تشويهه أو تفريغه، بل يجب عليه اتخاذ خطوات ملموسة للالتزام بمبدأ الصين الواحدة وما ورد في البيانات المشتركة الثلاثة بين الصين والولايات المتحدة، وتنفيذ التعهدات ذات النقاط الخمس التي قطعتها القيادة الأمريكية على أرض الواقع، بدلا من التمادي في الطريق الخاطئ والخطير".

الجيش الصيني
الجيش الصيني

 

لماذا تريد بيلوسي أن تزور تايوان؟
 

هنالك دعم قوي من كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي لتايوان في أوساط الرأي العام الأمريكي وفي الكونجرس،  وخلال مسيرتها في الكونجرس التي تمتد لأكثر من 35 عاماً، كانت رئيسة مجلس النواب بيلوسي ناقدة قوية للصين.
 
فقد شجبت سجل الصين في مجال حقوق الإنسان، والتقت بمنشقين مناصرين للديمقراطية، كما زارت ميدان تيانانمن لإحياء ذكرى ضحايا مجزرة عام 1989.
 
وكانت خطة بيلوسي الأصلية أن تسافر إلى تايوان في أبريل الماضي، لكن تلك الزيارة أُجلت بعد إصابتها بكوفيد-19.
 
وامتنعت عن الخوض في تفاصيل رحلتها، لكنها قالت الأسبوع الماضي إنه "من المهم بالنسبة لنا أن نُظهر دعمنا لتايوان".
 

الجيش الصيني يحذر أمريكا
 

وحذرت الصين الولايات المتحدة، من أن جيش التحرير الشعبي الصيني لن يقف مكتوف الأيدي إذا زارت رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي تايوان.

وأفادت وزارة الدفاع الصينية بأن الجيش سينفذ مناورات عسكرية حول تايوان، رداً على زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إلى الجزيرة.

وأضافت الوزارة أن العمليات ستشمل إطلاق نار بعيد المدى بالذخيرة الحية في مضيق تايوان.

الجيش الأمريكي
الجيش الأمريكي

 

رد تايوان على الصين
 

في السياق ذاته اعتبرت تايبيه أن زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي إلى تايوان تظهر دعما "راسخاً" من واشنطن.

وقالت وزارة الخارجية التايوانية، في ساعة مبكرة الأربعاء بالتوقيت المحلي "نعتقد أن زيارة رئيسة مجلس النواب بيلوسي ستعزز العلاقات الوثيقة والودية بين تايوان والولايات المتحدة، وتعمق أكثر التعاون الدولي بين الجانبين في كافة المجالات".

كما أدانت وزارة الدفاع التايوانية المناورات العسكرية التي أعلنت بكين عزمها تنفيذها في محيط تايوان، رداً على زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إلى الجزيرة.

وقالت الوزارة إن المناورات الصينية "محاولة لتهديد موانئنا ومدننا الرئيسية" وتهدف إلى "ترهيب مواطنينا نفسياً"، مضيفة أن "الجيش يراقب الوضع عن كثب ويعزز حالة الإنذار".

قالت وزارة الدفاع التايوانية إن "21 مقاتلة صينية دخلت المجال الجوي الدفاعي الخاص بالجزيرة الثلاثاء"، وذلك تزامناً مع الزيارة التي تقوم بها رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي.

 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة