سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 30 يوليو 1798..نابليون يأمر باعتقال كل منزل محمد كُريم بالإسكندرية والختم على داره وأملاكه والبحث عن أمواله المطمورة فى بئر

السبت، 30 يوليو 2022 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 30 يوليو 1798..نابليون يأمر باعتقال كل منزل محمد كُريم بالإسكندرية والختم على داره وأملاكه والبحث عن أمواله المطمورة فى بئر نابليون

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أمر الجنرال كليبر، حاكم دائرة الإسكندرية الفرنسى، بالقبض على محمد كُريم، يوم 20 يوليو 1798، وذلك بعد قدوم الحملة الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت بأيام قليلة، وبعث به إلى ظهر السفينة «ديبوا» التى كانت فى الإسكندرية، فأقلته إلى «أبوقير» حيث كان الأسطول الفرسى راسيا، حسبما يذكر عبدالرحمن الرافعى، فى الجزء الأول من موسوعته «تاريخ الحركة القومية وتطور نظام الحكم فى مصر».
 
كان «كريم» محافظا للإسكندرية بقرار من «بونابرت» وهو نفس المنصب الذى كان يشغله قبل قدوم الحملة، ويذكر الرافعى، أن اعتقاله كان لرفضه قرار كليبر بفرض سلفة إجبارية على تجار المدينة للجيش الفرنسى، بالإضافة إلى ظنون كليبر بأن «كريم» له يد فى مقاومة الأهالى ضد الكتيبة الفرنسية التى خرجت لتطوف قرى «البحيرة» للاطمئنان على سلامة مواصلات الجيش الفرنسى بين المدن والمواقع المهمة، يذكر «الرافعى» أن «كليبر» جمع أعيان المدينة، وأبلغهم خبر القبض على «كريم» للريبة فى إخلاصه للجمهورية الفرنسية، وطلب إليهم أن يختاروا حاكما بدلا منه، فاختاروا محمد الشوربجى الغربانى، ووعدوا بمعاونته، وكان موقف الحاكم الجديد دقيقا حرجا، لأن محمد كريم كان محبوبا من الأهالى، وزاد فى احترامه اضطهاد السلطات الفرنسية له.
 
كتب كليبر إلى نابليون رسالة يوم 21 يوليو 1798، يشرح حالة الحاكم الجديد النفسية، قال فيها: «أخبرنى السيد محمد الغريانى قبل أن يقبل وظيفة المحافظ، أن أهالى الإسكندرية يختلفون عن سائر أهالى القطر بأنهم أصعب مراسا وأقرب إلى القلق والهياج، وأبدى لى بعض استدراكات وملاحظات تخص إدارة المدينة، فأجبته على ملاحظاته بأن الرجل الذى يتنبأ بمصاعب الوظيفة جدير بأن يعرف كيف يضطلع بها ويتغلب عليها، وبذلك أقنعته بقبول المنصب»، يذكر الرافعى: «قبل الغريانى وظيفة المحافظ، وكان الشيخ محمد المسيرى كبير علماء المدينة يعاونه فى عمله، وكان أول عمل طلبه كليبر منهما أن يساعدا على تحصيل السلفة الإجبارية التى فرضها على تجار المدينة، فطلبا منه إنقاصها، فنزل منها عن خمسة عشر ألف فرنك يحصلها من إيراد الجمارك». تناول «كليبر» فى رسالته أمر محمد كريم، وطلب منه ألا يأمر بعودته إلى الإسكندرية خوفا من أن يستفحل أمره ويتضاعف نفوذه فى نفوس الأهالى، يؤكد الرافعى: «أقر نابليون عمل كليبر، وأرسل إليه بتاريخ 30 يوليو، مثل هذا اليوم، 1798 خطابا من القاهرة جاء فيه: «إنى لا أوافق على اعتقال كريم وحسب، بل أمرت فوق ذلك باعتقال أشخاص آخرين»، يضيف الرافعى: «الواقع أن نابليون أصدر فى هذا اليوم «30 يوليو» منشورا عسكريا يعلن استياءه من سلوك أهل الإسكندرية، وأمر بأن يطلب من جميع الأهالى على اختلاف أجناسهم تسليم أسلحتهم ومن يتأخر بعد ثمانى وأربعين ساعة من نشره فجزاؤه الإعدام، وأمر بهدم منزل شخص متهم بقتل جندى فرنسى، وباعتقال خمسين شخصا يكونون رهائن وحبسهم على ظهر الأسطول إلى أن يستوثق من سلوك أهل الإسكندرية».
 
فى اليوم نفسه «30 يوليو 1798» أصدر «بونابرت» أمرا آخر بفرض ضريبة ثلاثمائة ألف فرنك على تجار الإسكندرية، يحسب منها الثلاثون ألف فرنك التى فرضها كليبر، والباقى يجب استصفاؤه وجمعه فى 24 ساعة من نشر أمره، وأرسل إلى الأميرال «بوريس» قومندان الأسطول الفرنسى، كتابا فى شأن محمد كريم، ينبئه فيه بأنه تحقق من خيانته، ويأمره بأن يكبله فى الحديد ويسد عليه كل منفذ حتى لا يهرب، وأن يسجن أتباعه وحاشيته ويرسلهم مخفورين إلى كليبر بالإسكندرية، وأرسل إلى كليبر صورة هذا الكتاب، وأمره أن يعتقل كل من بقى فى منزل محمد كريم من الحاشية، ويُختم على داره وأملاكه، وقال إنه علم ممن قدموا له الأدلة على خيانة كريم أن أمواله مطمورة فى بئر بالإسكندرية، وعنده دفتر فيه بيان أمواله وأملاكه، وخدمه يعرفون مقادير هذه الأموال وموضعها، وكلفه أن يقرر هؤلاء الخدم منفردا بكل منهم، وأن يتهددهم ليبوحوا بما لديهم من أسرار، وإذا دفع كريم فى ثمانية أيام مبلغ 300 ألف فرنك فيبقى معتقلا على ظهر احدى بوارج الأسطول حتى لا يجد مفرا، ويرسل إلى فرنسا حين تعرض فرصة قريبة، وإذا لم يدفع بالأقل ثلث المبلغ المفروض عليه فى خمسة أيام فعلى كليبر أن يأمر بقتله رميا بالرصاص.
 
يؤكد «الرافعى» أن رسالة نابليون لم تصل للأميرال «برويس» ولا إلى «كليبر»، لأن الرسول الذى كان يحملها قتل فى الطريق، وأرسل «برويس» فى 30 يوليو محمد كريم إلى رشيد ليبعث به الجنرال «مينو» إلى القاهرة، وكتب مينو إلى نابليون يقول: «حضر السيد محمد كريم إلى رشيد يوم 30 يوليو، فحدثت حركة كبيرة فى المدينة للحفاوة به وتهنئته، وحيال هذه المظاهرة رأيت إرساله إلى القاهرة».     






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة