ندى سليم

أفضل مضاد للاكتئاب

السبت، 30 يوليو 2022 03:51 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
صادق من يشبهك من الداخل.. عبارة وجيزة لكنها تحمل معاني كثيرة، لتكون بمثابة دليل يمنحك القدرة على اختيار صديقك بدقة وبعناية، هؤلاء الأشخاص الوحيدون الذين نختارهم بأنفسنا.
يتزامن اليوم ذكرى اليوم العالمي للصديق، أدرك تماما أن الصديق هو الاختيار الذي تنتقيه بكامل إرادتك، العلاقة التي لايوجد بها قيودا أو شروطا، كعلاقتك مع أسرتك أو شريك حياتك، فهو الشخص الوحيد الذي تتعرى أمامه من عيوبك دون أن خوف أو حذر.
 
 
فكرت كثيرًا في معنى الصديق، وبرغم أننى شخصية اجتماعية لدرجة كبيرة، كثر هم من حولي لكن ظلت صديقة واحدة هي من رافقتني أكثر من 14 عامًا، اتوقف أمام علاقتي بها، لماذا لم انسحب بطبيعتى "بياعة" من علاقاتي دون عتاب؟ حكمًا سريعًا وصفة سيئة أطلقت على شخصيتي، لكن في الحقيقة التي أراها على الأقل من جانبي فقط، أنني امنح كل من يدخل حياتي تحت مسمي صديق بغض النظر عن خصاله وشخصيته التي تكون مختلفة تمامًا عن خصالي، لكن ذلك لم يكن عائقًا في كل علاقة صداقة أقدمت عليها، اتخذ دائما دور "الأم" و"الأخت" والصديقة، مهما ما كنت أمر به من أزمات نفسية، فأنا موجودة ورهن إشارة من صديقتي، لكن ماذا يحدث بعد ذلك بالطبيعة البشرية المعتادة، عندما احتاج لهذا الاهتمام لم أجده، أظل ابحثه عنه في كل وجوه أصدقائي فلم أعثر عليه، فهنا أشعر بالخيبة والخذلان والتزم الصمت والتجاهل وأجيد الاختفاء في لحظات وكأننا لم يكن بيننا ودًا يومًا ولا تجمعنا طاولة طعام.
كانت ومازالت هذه الطريقة التي خسرت بها عشرات الأصدقاء على مدار سنوات عمري الماضية، لكن هناك شخصًا لم يخذلني قادرًا تمامًا على أن يلعب دورًا هامًا في أدق اللحظات وأقساها على قلبي، هذه الشخصية هي صديقتي التي جمعتنا صدفة، وحقا فأنها كانت صدفة خير من ألف وألف ميعاد وعلاقة مررت بها.
 
على سلالم كلية الإعلام بجامعة القاهرة، في عامي الأول كنت أقف وحيدة أبحث عن زميل لإتمام مهمة بحثية مطلوبة في مدة زمنية قصيرة، فشلت في العثور على هذا الشخص حتي ظهرت "هي"، أتذكر ذلك اليوم جيدًا كنا في الشتاء، وكانت ترتدي معطفًا أسود اللون، تبادلنا الأرقام على اتفاق بإنهاء البحث المطلوب، وتحديد أدوار كل طرف مننا، ومنذ هذا اليوم واتخذت علاقتنا تدريجيًا مسارًا مختلفًا، أكثر دفئًا وأكثر تعلقًا والأهم أكثر "عشمًا".
 
سقف التوقعات في علاقتي بها لم ينهار يومًا، مواقف عديدة جعلتني أشعر كل مرة أنني أحسنت الاختيار قد تكون هي الاختيار الصائب الوحيد، وسط مجموعة كبيرة من محطات الفشل والإخفاق.
 
موقف لاينسى جعل صداقتها تتبلور في قلبي، عندما فقدت مولودي الأول وكنت مصابة بحالة من الإنكار والصمت، تقطن رفيقتي في بلد عربي وعندما علمت بالخبر، وبعد مكالمات عديدة منها استجبت لها لأجدها في حالة انهيار وبكاء مستمر لم أميز صوتها لأول وهلة، وكنت أردد لها أنا بخير وراضية بقضاء الله، هذه الكلمات لم تفلح في طمأنتها، حاولت كثيرًا أن تخرجني من اكتئابي بعد تلك المحنة ونجحت كعادتها.
 
في كل مرة كانت تنجح لم تفشل يومًا في أن تكون أهم مضاد للاكتئاب في يومي، رسالة قصيرة منها قادرة على أن ترسم ابتسامة على وجهي، قادرة على أن تحول وجهي العبوس إلى وجها بشوشًا ضاحكًا في أقل من دقائق وبكلمات مختصرة.
 
تملك قدرة فريدة على أداء هذا المهمة كل مرة بنجاح لم تخيب ظني بها يوما، كانت ومازالت دائمًا هي ميراثي الذي خرجت به من تجارب سيئة وقاسية لم احصد منها  إلا الخذلان وكثيرًا من الحذر والخوف  قبل الدخول بعلاقات جديدة.
 
محن عديدة مررت بها جعلتني أفكر كثيرًا في اللجوء إلى مضادات الاكتئاب لكنني حينها  أتذكرها، وأدرك تمامًا أنني لست بحاجة لمثل هذه العقاقير ما دامت "هي" بحياتي
 






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة