مذبحة الإسكندرية.. حكاية "العربجى" تسببت فى احتلال الإنجليز لمصر

الإثنين، 11 يوليو 2022 03:25 م
مذبحة الإسكندرية.. حكاية "العربجى" تسببت فى احتلال الإنجليز لمصر مذبحة الإسكندرية
كتب محمد عبد الرحمن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مرت مصر بالعديد من الحوادث التي اتخذتها بريطانيا ذريعة لاحتلال البلاد، بعد قيام الثورة العرابية، وخوفا من تكوين جيش وطنى قوى يعيد القوى التي بناها الوالى محمد على، فظلت تنتهز أقل الفرص وتقوم بزرع الفتن من أجل الأنقاض على مصر، واحتلالها.
 
تمر اليوم الذكرى الـ 140 على قيام الأسطول الإنجليزي بقصف الإسكندرية وتدمير قلاعها، وذلك في 11 يوليو عام 1882م، وواصل الأسطول القصف في اليوم التالي فاضطرت المدينة إلى التسليم ورفع الأعلام البيضاء، واضطر أحمد عرابي إلى الانسحاب بقواته إلى كفر الدوار وإعادة تنظيم جيشه.
 
لكن البعض يرجع قيام بريطانيا بقصف المدينة إلى حادثة سبقت القصف بنحو شهر كامل، وهى الواقعة التي ذكرت تاريخيا باسم "مذبحة الإسكندرية" وتحدث عنها عدد من المؤرخين من بينهم المؤرخ الكبير عبد الرحمن الرافعى في كتابه "الزعيم الثائر أحمد عرابى".
 
ويقول "الرافعى" في كتابه: في هذا الجو من اضطراب الخواطر وقعت الحادثة المعروفة بمذبحة الإسكندرية، ففي يوم الأحد 11 يونيو سنة 1882، في نحو الساعة الثانية بعد الظهر، وقع شجار بين أحد المالطيين من رعايا الإنجليز وأحد الأهلين يدعى "السيد العجان"، كان المالطي هو البادئ فيه بالعدوان، فقد كان الوطني صاحب حمار ركبه المالطي، وأخذ يطوف به من صبيحة النهار متنقلًا من قهوة إلى أخرى، وانتهى طوافه إلى حانة "خمارة" قريبة من قهوة القزاز بالقرب من مخفر اللبان بآخر شارع "السبع بنات" فطالبه الوطني بأجرة ركوبه، فلم يدفع له سوى قرش صاغ واحد، فجادله في قلة الأجر، فما كان من المالطي إلَّا أن أشهر سكينًا طعنه بها عدَّة طعنات دامية مات على إثرها.
 
وقع هذا الحادث في الزقاق الكائن خلف "قهوة القزاز"، فهرع رفاق القتيل إلى ذلك المكان، يريدون أن يمسكوا بالقاتل، ولكنه فرَّ إلى أحد المنازل المجاورة، وأخذ المالطيون واليونانيون الساكنون بالقرب من مكان الحادث يطلقون النار على الأهلين من الأبواب والنوافذ، فسقط كثير منهم بين قتيل وجريح، فثارت نفوس الجماهير تطلب الانتقام لمواطنيهم، وتحركت طبقة الدهماء للاعتداء على الأوروبيين عامة، فأخذوا يهجمون على كل من يلقونه منهم في الطرقات أو في الدكاكين ويوسعونهم ضربًا، وكان سلاحهم في هذه المعركة العصي والهراوات ليس غير.
 
وانبث الدهماء في المدينة يستنفرون الناس للقتال، ويقتلون من يلقونه من الإفرنج ضربًا بالعصي والهراوات، ونهبوا دكاكين شارع السبع بنات، وامتد الهياج من هذا الشارع إلى الشارع الإبراهيمي وإلى شارع الهماميل، وشارع المحمودية وجهة الجمرك والمنشية وشارع الضبطية "رأس التين" وغيرها من الشوارع التي يقطنها الأوروبيون أو يمرون منها، وقد قُتل كثير منهم أمام الضبطية، إذ كانوا قادمين من الترسانة عائدين من زيارتهم للبوارج الإنجليزية والفرنسية، وكان الأوروبيون من ناحيتهم يطلقون الرصاص من النوافذ على الأهلين، فقُتل من الجانبين خلق كثير.
 
وإذ كان البادئ بالعدوان أحد الرعايا "المالطيين" وقد شاهده بعض الحاضرين يلوذ بالفرار إلى منزل يسكنه مواطنوه، فقد أرسل قسم اللبان إلى المستر كوكسن قنصل إنجلترا لإيفاد أحد موظفي القنصلية لكي يخرج المعتدي من ذلك المنزل، فحضر المستر كوكسن بنفسه أثناء اشتداد الهياج، فأصيب بضربة حجر وعصا جرح بسببها جرحا بليغا، وجرح أيضا في ذلك اليوم قنصل اليونان وقنصل إيطاليا، فكانت إصابة القناصل من مظاهر خطورة الحالة.
 
وكان عمر باشا لطفي محافظ المدينة حين بدأت الحادثة، يتولى رياسة قومسيون تحقيق الجمرك بدار المحافظة، فأبلغه أحد موظفي الضبطية نبأ الشجار الذي وقع بين الوطني والمالطي، وكان ذلك في نحو الساعة الثالثة بعد الظهر، فأوفد حسين بك فهمي وكيل المحافظة إلى مكان الواقعة لفض الخلاف، ثم جاء بعد ربع ساعة نبأ باستفحال الفتنة وتجسمها، وأن السيد بك قنديل مأمور الضبطية مريض في منزله، فذهب بنفسه إلى جهة الواقعة بشارع السبع بنات.
 
وهناك أدرك خطورة الفتنة ورأى ازدحام الشارع بالمتجمهرين، فطلب من إسماعيل باشا كامل قومندان الجنود بالإسكندرية، إرسال المدد من الجند لوقف الهياج، فتباطأ الأميرالاي مصطفى بك عبد الرحيم قائد الآلاي الخامس، الذي كان مرابطًا برأس التين والقائمقام سليمان سامي داود قائد الآلاي السادس، الذي كان بباب شرقي في إرسالهما الجند، ولم يحضروا إلَّا في الساعة الخامسة مساءً قبل المغرب بساعة، وحين جاء الجند فرَّقوا المتجمهرين بغير صعوبة، وانتهت الفتنة في مغرب الشمس، فساد المدينة سكون رهيب، إذ لزم الناس بيوتهم، وخلت الطرقات من المارة، وانقضى الليل والناس في وجل وفزع.
 
وبلغ عدد القتلى في هذه الحادثة 49 منهم 38 من الأجانب والباقون من الأهلين.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة