ومن هنا فإن الدول التي تذهب بشكل أسرع إلى الحوار الوطني، ستكون قادرة على عبور أزماتها بشكل أوسع لأنها توظف قدرتها بشكل أكثر تكاملاً وفاعلية، وتتمكن من سد أي ثغرات تعوق مسيرة الإصلاح الاقتصادي والتنمية، لذا كان لمصر رؤية بمردود الأزمة الاقتصادية العالمية، وتأثيرها على الوضع الاقتصادي الداخلي، ومردود الحرب الروسية الأوكرانية على الأمن الغذائي، والطاقة، ما جعلها تُبادر بإطلاق الحوار الوطني ، نطاق عمله الأساسي مستمد من استقراء حالة الشارع، والاتصال المباشر بين مكونات المشهد الوطني بدايتها من البسطاء، ثم التنظيمات والكيانات السياسية والاجتماعية، وصولاً إلى رصد المشكلات وتحليلها واقتراح الحلول ومسارات الخروج منها، وعرض تقاريره على القيادة السياسية.
الارتياح الشعبي والسياسي لـ" الحوار الوطني"، مؤشر قوي على نجاح مساعي الحوار في تحقيق مهمته الأساسية بإيجاد قنوات اتصال فعالة لاحتواء وجهات النظر المختلفة، وإدارة تناقضات التيارات السياسية، بعيدًا من الخروج على الدستور أو القانون أو أعراف المجال العام والمصالح العليا للدولة، كما أن تشكيل مجلس أمناء الحوار الوطني بشخصياته المتنوعة أيدلوجيا وفكرياً يُعد تأكيداً على فاعلية دور المجلس وقدرته على إدارة توازنات القوى بين مكونات المشهد السياسي والاجتماعي، يُعزز قدرة الدولة على تنظيم المجال العام، رفع منسوب الانتماء وإحساس المواطن العام، والتنظيمات المحتوية لحركته الاجتماعية، بأنهم جزء أصيل من هيكل الدولة في أعلى مستوياتها، وليسوا خارج نطاق الاهتمام والتأثير.
ولذلك، كانت دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي للحوار رسالة قوية برغبة الدولة في الانفتاح على الجميع، وقطعت الطريق على محاولات ابتزاز مصر خارجيا أو داخليا بلافتات سياسية أو شعارات تقع في نطاق القضايا السياسية والحقوقية من بعض الجهات بالخارج، أو وكلائهم بالداخل، ومؤشر أخر على سيطرة الدولة المصرية على الظاهرة الإرهابية واستئصالها، وكان المؤشر الأول هو إلغاء قانون الطوارئ الذي كان يعتبر حالة استثنائية بالبلاد، فكل ذلك دليل على نجاح مصر في اقتلاع جذور الإرهاب، وبات المجتمع حراً في الحوار وجاداً في رسم خارطة المستقبل بمشهد ديمقراطي سيشهد له الجميع